تعا تفرج
تفجيرات أفغانستان وسلاطين الفيس
خطيب بدلة
مرّت التفجيرات التي استهدفت مساجدَ للشيعة في أفغانستان مرور الكرام، وهذا من حسن الحظ طبعًا، فلو أننا، نحن السوريين الديمقراطيين، أو الليبراليين، أو الذين يسموننا، للاستهزاء، “التقدميين”، فتحنا فمَنا بحرف يوحي بتضامننا مع الضحايا، لانهمرت علينا التحاشيك والمسبات كأمطار الصيف التي تملأ كل نقطة منها فنجان القهوة، على حد تعبير المرحومة الحاجة أم طارق.
كان أحمد فؤاد نجم يسمي مؤيدي الأمريكيين في مصر، الذين عملوا قيمة و”سيمة” للرئيس الأمريكي نيكسون: سلاطين الفول والزيت. ومحسوبكم يسمي الرجال الذين يناوبون أمام هواتفهم المحمولة ولابتوباتهم ليلًا نهارًا “سلاطين الفيسبوك”. يقول هؤلاء لمن يتضامن مع قتلى أفغانستان المدنيين: شووو يااااه؟ زعلان على شوية روافض قُتلوا في جامع، ولا ترى المذبحة الكبرى التي يرتكبها ابن حافظ الأسد بحق أهل السنة والجماعة، بدعم من شيعة حسن زميرة، والفرس المجوس، والميليشيات الحاقدة التي تأتي من مختلف أنحاء الأرض إلى سوريا لتيتّم أطفالنا، وترمّل نساءنا، وتهجِّرنا فرقًا في مختلف أنحاء الأرض؟
وقبل أن تجد وقتًا تقول فيه لسلاطين الفيس العلاكين إنك زعلان بالفعل على أهل السنة الذين اشترك بشار الأسد مع حسن زميرة مع مجموعة الحثالات الميليشياوية الشيعية في قتلهم، وتهديم بيوتهم، لأنهم أهلك، وجيرانك، وأولاد بلدك، وإنك عبّرت عن سخطك وزعلك عليهم في عشرات المناسبات، ينط لك سلطان فيسبوكي آخر، يبدو أنه ذو اطلاع واسع، ويكتب: تتباكى على مقتل شوية شيعة في أفغانستان، وتنسى التهجير الديموغرافي للسنة من ريف دمشق إلى إدلب؟
تنفخ، حينئذ، النفخة التي تحرك سفينة شراعية، على حد تعبير محمد الماغوط، فهذا الضرب ليس ضرب أصحاب، وتعرف أنك علقت في طابوسة وسخة، وتحار في أمرك كيف ترد، وتتساءل، على استحياء، إن كانت جريمة التهجير قد اقتصرت على نظام الأسد، وتوشك أن تضرب أمثلة بأهالي بلدتين هُجّروا من ريف إدلب، وتتجاسر أكثر فتقول إن المسيحيين لم يُهجّروا بشكل مباشر، ولكنهم في المحصلة هجروا، واستولت لجنة الغنائم على منازلهم، ووزعتها على مهاجرين من تنظيم “القاعدة” جاؤوا إلى إدلب بحجة الجهاد ضد النظام، مع أن النظام لا وجود له في إدلب منذ أوائل سنة 2015، وجهادهم يكاد أن ينحصر في العداء للمرأة، فينبري لك سلطان فيسبوكي آخر ويقول: أنت تزوّر الحقائق، فمعظم المسيحيين موجودون في إدلب، ويعيشون حياتهم، واسم الله عليهم، وإن “الجولاني” ذات نفسه رحّب بكل مسيحي إدلبي، أو من ريف جسر الشغور، يريد أن يعود إلى بلده، ويعيش في منزله، وقال إنه حر التصرف ببيته، يبيعه أو يؤجره، أو حتى ينسفه بالديناميت.
المشكلة، يا معلم المعلمين، أننا أصبحنا مشوهين، فحتى المدنيون الأبرياء الذين قتل نظامُ الأسد المجرم أبناءهم، وهجّرهم، وهدم منازلهم، لا يمانعون في أن يُقتل مدنيون أبرياء في مكان آخر من العالم، ولست أستطيع أن أتخيل، ما نوع الثأر الذي نحمله ضد أبرياء قُتلوا وهم يصلون، ألمجرد أنهم شيعة؟ فماذا لو فرح الأفغان بقتلنا، لمجرد أننا سنة؟!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :