انتهت حملة “تسويات” أمنية قادتها قوات النظام على مدار الشهرين الماضيين في مدن وقرى محافظة درعا، بالإعلان عن افتتاح مركز لـ”التسوية” في مركز المحافظة لمن لم يتمكن من “تسوية” أوضاعه الأمنية.
وسحب النظام جزءًا من قواته الأمنية التي شملت حواجز أمنية بقيت في المنطقة لأكثر من عشر سنوات، في إطار ما أسمته قوات النظام “عودة الحياة إلى طبيعتها في درعا”.
ومع أن عيون المترقبين كانت تتجه إلى مدينة بصرى الشام التي تعتبر مقر “اللواء الثامن” المدعوم من روسيا في درعا، جاء إعلان النظام عن انتهاء “التسويات” دون إجرائها في بصرى الشام، ما أبقى مصير “اللواء الثامن” وقائده أحمد العودة، مجهولًا، في ظل تصاعد الحديث عن حل “اللواء”، أو إلحاقه بـ”الأمن العسكري” التابع لقوات النظام السوري، من قبل وسائل إعلام محلية.
وفي حديث إلى عنب بلدي، قال قيادي سابق بفصائل المعارضة، إن مسؤولية ضبط السلاح في بصرى تقع على عاتق “اللواء الثامن”، الذي يعتبر القوة العسكرية الوحيدة المشرفة على المنطقة والمنظمة لها.
وأضاف القيادي، الذي تحفظ على اسمه لدواعٍ أمنية، أن قيادة “اللواء” تجاوبت مع “اللجنة الأمنية” وسحبت سلاحها من المجموعات التابعة لها، في إطار تنظيمه، ما سهّل على النظام مسؤولية ضبط السلاح.
وأشار القيادي إلى أن النظام يعتبر “اللواء” جزءًا من الدولة، لذلك لم يجرِ أي “تسوية” لمعقل قيادته.
وفي حديث إلى عنب بلدي، قال قيادي في “اللواء الثامن”، إن قيادة “اللواء” قادرة على ضبط السلاح، لكنه لم يفصح عن معلومات إضافية عن آلية تطبيق هذه العملية، أو الجهة التي تشرف على تسيير عمل “اللواء”.
وسبق أن افتتحت قوات النظام مركزًا لـ”التسوية” في أيلول عام 2020، لـ”تسوية” أوضاع عناصر منتسبين لـ”اللواء” في مدينة بصرى الشام، واستمرت ليومين متتالين، شُطبت من خلالها أسماء المئات من عناصر “اللواء” من قائمة المطلوبين للجهات الأمنية، بالإضافة إلى منحهم حرية الحركة والتنقل دون التعرض للملاحقة.
ما هو “اللواء الثامن”
شُكّل “اللواء الثامن” على أنقاض فصيل “شباب السنة”، أحد فصائل “الجبهة الجنوبية” المعارضة للنظام جنوبي سوريا، بقيادة أحمد العودة، وكان أحد أهم الفصائل المقاتلة والمنظمة، كونه الفصيل الوحيد الموجود في مدينة بصرى الشام.
ومع دخول “تسويات” النظام برعاية روسية حيز التنفيذ عام 2018، حافظ العودة على تنظيمه العسكري المعارض، وانتقل به للانضمام إلى “الفيلق الخامس” الذي أسسته روسيا عام 2016 كقوات رديفة لجيش النظام.
انقلب العودة على “جبهة النصرة” وحركة “المثنى الإسلامية” بعد مشاركتهما في إخراج قوات النظام من مسقط رأسه مدينة بصرى الشام، في آذار 2015.
واستطاع العودة بعد ذلك تنظيم المرافق العامة والخدمات في المدينة، وأسس جهاز شرطة وشرطة مرور.
وبرز دور الفصيل خلال سنوات “التسوية” كقوات فصل استطاعت فض اشتباك، في آذار 2020، بين قوات النظام ومقاتلين سابقين بفصائل المعارضة، إذ أشرف “اللواء” على ترحيل مقاتلين إلى الشمال السوري بأوامر روسية.
كما استطاع “اللواء” أيضًا وقف اشتباك بين مقاتلين سابقين بقوات المعارضة وقوات النظام في الفترة الزمنية ذاتها، عندما حاولت قوات النظام التقدم باتجاه حاجز “مساكن جلين” وسحب جثث قتلاها الذين سقطوا خلال المواجهات حينها.
“الفيلق الخامس”.. مشرف على “التسويات”
لعب “الفيلق الخامس” دور الوسيط والمشرف على “التسويات” في مختلف مناطق درعا.
في آذار الماضي، هاجمت قوات النظام مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، واستخدمت الدبابات والمدفعية للمرة الأولى منذ اتفاق “التسوية” في المنطقة الجنوبية في تموز 2018، واشتبكت مع مقاتلين رفضوا تلك “التسوية” وفضّلوا البقاء في درعا.
وفرضت قوات النظام حصارًا على الأحياء الغربية من المدينة، إلى أن تدخّل “اللواء الثامن” بقيادة العودة، وفضّ النزاع وفرض هدنة، انتهت بترحيل المقاتلين نحو الشمال السوري، و”تسوية” أوضاع الراغبين بالبقاء بشرط تسليم السلاح.
ولم يقتصر حينها دور “الفيلق” على الوساطة، بل سحب، في 18 من آذار 2020، جثث قوات النظام بعد تعرض حاجز لها لهجوم عند منطقة مساكن جلين.
وتزامن ذلك مع إشرافه على فرض “تسوية” في بلدة ناحتة، انتهت بتسليم 20 قطعة سلاح مقابل خروج معتقلين لدى النظام، و”تسوية” أوضاع شباب من البلدة.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد
–