وجد فيصل الجلود (36 عامًا) نفسه “مذنبًا” بحق والدته الستينية، بعد أن علم من الطبيب أن الدواء الذي أعطاه له الصيدلاني بديلًا لدواء الضغط الخاص بوالدته، يحوي على جرعة عالية من أحد التركيبات الكيميائية المخصصة لخفض ضغط الدم في حال ارتفاعه.
فيصل قال لعنب بلدي، إن والدته أُصيبت بسعال جاف ودوران في الرأس وصداع، وعند مراجعة الطبيب وقيام الأخير بالتدقيق بالأدوية، تبيّن له أن أحدها كان من مصدر أجنبي وبجرعة عالية لا تتناسب مع الحالة المرضية للمرأة الستينية.
وتنتشر في صيدليات مدينة الرقة شمالي سوريا العديد من أنواع الأدوية، وبعضها من مصدر أجنبي، لا تمتلك “الإدارة الذاتية” التي تدير المنطقة أي أجهزة أو مخابر للتأكد من صلاحيتها والتدقيق في تركيبتها الكيميائية، والتأكد من فاعليتها.
تعدّد المصادر
وتتعدد مصادر الأدوية في الرقة حالها حال أغلب المدن السورية، وفق ما قاله صيادلة في المدينة التقت بهم عنب بلدي، لكن الأدوية من مصادر سورية أو تركية تأتي في قائمة الموجودات الدوائية إلى جانب الدواء الهندي والأوروبي.
وقال رضوان مشرّف، وهو صيدلاني يعمل في سوق بشارع تل أبيض أحد أسواق المدينة الرئيسة، إن تعدد مصادر الدواء يرجع لانقطاع بعضها خلال السنوات الماضية على اعتبار أن الرقة خرجت عن سيطرة النظام السوري منذ عام 2011، ما شكّل أثرًا سلبيًا على معظم قطاعات المنتجات المحلية التي كانت تستوردها المدينة من الداخل السوري.
الصيدلاني تحدث عن أن أغلب السكان يفضّلون شراء الدواء السوري، وكذلك الصيادلة يفضلون بيعه، لكن تبديل الدواء بآخر أجنبي يأتي دائمًا كحل بديل في حال عدم توفر المنتج “الوطني”.
لا مخابر لتحليل الأدوية
تفتقر الرقة لأجهزة مخبرية مختصة في تحليل الدواء والتأكد من فاعليته أو مدى صلاحيته وقيمته الدوائية، وتقتصر إجراءات السلامة الدوائية على مراقبة مدة الصلاحية والتركيبة الموجودة على غلاف علبة الدواء.
وقال أحد أعضاء لجنة الصحة في “مجلس الرقة المدني”، إن الإجراءات المتخذة من قبل اللجنة تقتصر حاليًا على تدقيق شهادات الصيادلة، وتدقيق سنوات صلاحية الدواء من خلال جولات ميدانية على الصيدليات.
واعتبر عضو “لجنة الصحة”، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأنه لا يملك تصريحًا بالحديث إلى الإعلام، أن “الإدارة الذاتية” غير قادرة في الوقت الحالي على حصر استيراد الدواء، بسبب الطلب الكبير على الأدوية المستوردة التي يتعذّر استيرادها من مناطق سيطرة النظام.
تأثر القطاع الصحي بشكل سلبي في مدينة الرقة خلال سنوات الحرب في سوريا، لكنه عاد للتعافي بعد سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على المدينة أواخر العام 2017، وما تبعه من تأسيس عدة مؤسسات تتبع لـ”الإدارة الذاتية” وتدير شؤون المدينة.
–