“الليشمانيا، القاتل الثاني بعد مرض الملاريا يهدد حياة الأطفال في مخيمات الشمال السوري”، عبارة تكشف معاناة مخفية تعيشها العائلات في مخيمات شمال غربي سوريا، وتضع والدة الطفلة ماجدة المصابة بمرض “اللشمانيا الحشوية” في حالة خوفٍ دائم من خسارة ابنتها.
ذبابة الرمل المعروفة باسم “الشيخ ساكت” أو “السكيت”، والمسؤولة عن نقل طفيلي اللشمانيا، تجد في مخيمات الشمال السوري بيئةً مناسبة للعيش، ونقل المرض لتضع الطفلة ماجدة ذات الأربع سنوات في مواجهةٍ مع خطر الموت.
تعيش ماجدة وعائلتها في أحد مخيمات ريف إدلب وسط بيئةِ مناسبة لانتشار أي مرض، هذا ما قالته والدة الطفلة في حديث لعنب بلدي، وهي تشتكي من البيئة السيئة التي تحيط بسكان المخيمات.
المخيمات بيئة حاضنة للشمانيا
قالت والدة الطفلة إنها لاحظت بعد أيام من انتقالهم للمخيم، انتفاخًا ملفتًا ببطن ابنتها، تزامن مع إصابتها بحمى استمرت لأيام، مضيفةً أن العائلة واجهت صعوبة بالحصول على التشخيص الصحيح للمرض، إذ إنه لم يكن مرضًا متعارفًا عليه.
وقال المشرف الطبي في “مبادرة منتور”، علاء بكور، إن مرض “اللشمانيا الحشوية” المنتشر حاليًا في مخيمات الشمال السوري، ينتقل عبر لدغة أنثى ذبابة الرمل التي تلدغ الطفل فيدخل إلى جسده طفيلي “اللشمانيا الحشوية”، الذي يهاجر للإحشاء فيهاجم نقي العظم “مصنع الكريات الحمراء”، والكبد، والطحال.
تعيش ذبابة الرمل في الأماكن، الرطبة، المظلمة والدافئة، ويزداد انتشارها، وفرصة انتقال عدوى اللشمانيا عن طريقها بعواملٍ عديدة أبرزها المجارير المفتوحة، والأوساخ، والكثافة السكنية لأن الإنسان بعد إصابته يتحول لبؤرة أو مستودع للشمانيا بحسب ما قاله بكور.
وتعتبر “منظمة الصحة العالمية” (WHO) داء “اللشمانيا الحشوية” مرضًا مميتًا بنسبة 95% في حالم لم يتم علاجه.
1_داء الليشمانيات الحشوي: المعروف أيضاً بالكالازار، وهو مرض مميت في 95% من الحالات إذا تُرٍك دون علاج. ويتميز بنوبات غير منتظمة من الحمى، وفقدان الوزن، وتضخم الطحال والكبد، وفقر الدم. 2_داء الليشمانيات الجلدي: أكثر أشكال داء الليشمانيات شيوعاً ويسبب آفات جلدية، تتمثل بشكل أساسي في التقرحات، في الأجزاء الظاهرة من الجسم مخلفاً ندوباً دائمة وعجزاً خطيراً أو وصماً اجتماعياً. 3_داء الليشمانيات المخاطي الجلدي: يسبب التلف الجزئي أو الكلي للأغشية المخاطية للأنف والفم والحنجرة. |
رحلة العلاج.. معوقاتها
أنهت ماجدة المرحلة الأولى من العلاج لكن الظروف المعيشية السيئة تُطيل رحلة علاجها، كما قالت والدتها.
وتشهد مخيمات شمال غربي سوريا اكتظاظًا سكانيًا كبيرًا، ونقصًا في الغذاء، والماء، وقصورًا في إدارة النفايات، ومياه الصرف الصحي، وتشكل هذه الظروف خطرًا أكبر على حياة المصابين باللشمانيا وفق “منظمة الصحة العالمية”.
تشكل نسبة العجز في الاستجابة لمخيمات الشمال السوري 47% في قطاع الأمن الغذائي، و58% في قطاع المياه، و77% في قطاع الصحة والتغذية، وفق إحصائيات “فريق منسقو الاستجابة”.
وذكر تقرير سابق للأمم المتحدة أن تلوث مصادر المياه ، الناجم عن تدهور البنية التحتية، وفيضانات مياه الصرف الصحي، يؤثر بشكل مباشر وعميق على صحة المواطنين في شمال غرب سوريا، وأن المراحيض في مخيمات النزوح لا تلبي الحد الأدنى من المعايير الإنسانية.
ووثق فريق “منسقو استجابة سوريا” أكثر من 200 مخيم في شمال غربي سوريا، لا تتوفر فيها المياه الصالحة للشرب بشكلٍ دائم.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، اعتبر مدير فريق “منسقو الاستجابة”، أن قلة المياه الذي تشهده مخيمات شمال غربي سوريا واحد من أهم مسببات انتشار الأوبئة والأمراض، إذ إن الحشرات ستنتشر في حال جفاف خزانات المياه في المخيمات بشكل كبير.
رغم التوعية حول مرض اللشمانيا، ما زال الأطباء “ملوعين” بسبب حالات التسمم والالتهابات الناتجة عن ما يعرف بالطب الشعبي، بحسب ما قاله، بكور.
كما أوصى الطبيب الأهالي في مخيمات الشمال السوري بعدم اللجوء إلى أي علاجات غير أكاديمية، ومراجعة المراكز الطبية في حال وجود أعراض للمرض.
يتوفر علاج اللشمانيا في المراكز الطبية بشكلٍ مجاني، ولكن القضاء عليه والحد من انتشاره يتطلب حلولًا جذرية عن طريق تأمين وسائل تبريد، وإغلاق أماكن تجمع مياه الصرف الصحي، وتوفير المياه، والغذاء لأهالي الشمال السوري، كما قال أحد إداريي “فريق ملهم”، في الشمال السوري، فيصل الأسود، لعنب بلدي.