طريق مسدود في وجه المعوّلين على “إصلاح” الدستور السوري

  • 2021/10/24
  • 9:02 ص
مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، يلتقي بأعضاء اللجنة الوسطى الثالثة قبل افتتاح اللجنة الدستورية السورية في جنيف. 17 من تشرين الأول 2021 (فيولين مارتن)

مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا غير بيدرسن يلتقي بأعضاء اللجنة الوسطى الثالثة قبل افتتاح اللجنة الدستورية السورية في جنيف. 17 من تشرين الأول 2021 (فيولين مارتن)

عنب بلدي – ديانا رحيمة

انتهت محادثات اللجنة الدستورية في جولتها السادسة بـ”خيبة أمل كبرى”، بحسب ما وصفها المبعوث الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، على عكس التصريحات المتفائلة التي أحاطت بانطلاق الجولة.

وكانت المحادثات بدأت في 18 من تشرين الأول الحالي، بعد توقف دام تسعة أشهر للاجتماعات التي تقودها الأمم المتحدة للجنة الدستورية السورية الممثلة من قبل وفود النظام والمعارضة والمجتمع المدني.

وطُرحت خلال الجلسات، التي امتدت بين 18 و22 من تشرين الأول الحالي، مبادئ قُدمت من قبل الأطراف المشاركة، وهي السيادة الوطنية في اليوم الأول، وتقدم به وفد النظام، ثم الجيش والأمن والقوات المسلحة والمخابرات، وتقدم به وفد المعارضة في اليوم الثاني، ومبدأ سيادة القانون، وتقدم به وفد المجتمع المدني، ليناقش مبدأ “مكافحة الإرهاب والتطرف” في اليوم الرابع.

وخُصص اليوم الخامس لبحث المبادئ الأربعة من الأوراق المقدمة، ويملي على ممثلي الأطراف الثلاثة أن يتقدموا بأوراق تفاهمية أو أن يحاولوا أن يصلوا إلى توافقات حول الأوراق المطروحة بعد المناقشات التي استمعوا إليها.

وقدم ممثلو “هيئة التفاوض” من طرف المعارضة أربع أوراق، بناء على جلسات المناقشة السابقة، كما قُدمت ورقة من قبل المجتمع المدني، بينما لم يقدم وفد النظام أي ورقة، وأصر على أنه لا يرى أي توافق مع بقية الأوراق.

اتهامات متبادلة

الرئيس المشترك للجنة من طرف النظام، أحمد الكزبري، قال في تصريح صحفي، إن “وفدنا يؤكد رغبته في الاستمرار والانخراط بشكل إيجابي في عملية اللجنة الدستورية السورية”.

وألقى باللوم على جانب المعارضة في عدم نجاح المحادثات، ورفض الرد على الأسئلة.

بينما قال رئيس اللجنة المشتركة من طرف المعارضة، هادي البحرة، إن الطرف الممثل لحكومة النظام لم يقدم أي ورقة للتوافق، وأصر على أنه لا يرى أي حرف في تلك الأوراق للتوافق بخصوصه، “على الرغم من الحقيقة بأننا وضعنا ضمن الأوراق التي أعددناها، بعض المقترحات التي وردت في أوراقهم والتي اعتقدنا أن من الممكن البناء عليها”.

وعلّق بيدرسون عقب انتهاء اليوم الخامس من الجولات، قائلًا، “إن ثلاثة من خمسة أيام من المحادثات سارت على ما يرام لكنها لم تنتهِ بشكل جيد”.

وأضاف، “لم نحقق ما كنا نأمل في تحقيقه، أعتقد أننا افتقرنا إلى الفهم الصحيح لكيفية دفع هذه العملية إلى الأمام، لذا، في النهاية، كان الوفد الحكومي هو الذي قرر عدم تقديم أي نص جديد”.

انعدام جدّية النظام

وقال هادي البحرة، في حديث إلى عنب بلدي، إن “من الواضح أن وفد النظام لم يتخذ القرار بالانخراط الجدي والملتزم بالعملية السياسية بعد، وما زال يعتقد أن بإمكانه التهرب من استحقاقات قرار مجلس الأمن رقم (2254)، عبر اتباع تكتيكات مكشوفة للجميع”.

وبحسب البحرة، فإن النظام اعتبر أن إعطاء الانطباع الشكلي بالإيجابية، كافٍ لمواراة مواقفه السلبية تجاه العملية برمتها ولم يتمكن من ذلك، حيث كان ذلك واضحًا ومكشوفًا لدى كل من تابع مجريات أعمال اللجنة الدستورية في جنيف، سواء من فريق الأمم المتحدة، أو مبعوثي الدول الموجودين في جنيف خلال اجتماعات اللجنة.

وقالت عضو وفد قائمة المجتمع المدني في اللجنة الدستورية إيلاف ياسين، في حديث إلى عنب بلدي، إن وفد النظام رفض أن يدرج على أوراقه أي ملاحظات، والتي كانت، بحسب ياسين، أقرب منها إلى بيانات سياسية بدلًا من أن تكون مبادئ دستورية، ولم يقدم أعضاء وفد النظام أي ورقة، وقالوا إن أوراقهم غير قابلة للتعديل، و”يمكنكم التعديل على أوراقكم إذا ما أردتم”.

رئيس وفد المعارضة السورية في محادثات اللجنة الدستورية، هادي البحرة (الأمم المتحدة)

طريق مسدود

من جهتها، قالت الباحثة والأكاديمية وعضو اللجنة الدستورية سميرة مبيض، في حديث إلى عنب بلدي، إن الجلسة السادسة وصلت إلى طريق مسدود في النقاشات، على الرغم من تحديد منهجية لعمل اللجنة الدستورية قبيل انعقادها، ويعود ذلك بشكل واضح لحالة الاستقطاب الحادة بين وفدي النظام والمعارضة، بما لم يسمح بالتوصل إلى صياغات موحدة حول البنود المطروحة للنقاش.

وبحسب مبيض، طرح وفد النظام ضمن مفاهيم البنود التي وُضعت قيد النقاش صياغات تنطلق من منظور استمرارية مواقفه الرافضة للحراك السوري ولمطالب السوريين عمومًا، ولم يبدُ من خلال الأوراق التي قدمها أن هناك إدراكًا لضرورة العمل الجاد على التغيير السياسي والدستوري.

وترى عضو اللجنة أن جهة المعارضة قدمت تنازلات كبيرة، أهمها القبول بمسار الإصلاح الدستوري عوضًا عن مسار صياغة دستور سوري جديد، سعيًا للوصول إلى توافقات سياسية مع النظام، لكن ورغم هذه التنازلات، لم يحصل وفد المعارضة على ما سعى إليه من توافقات في الصياغات الدستورية، ما يدل على وصول الحوار الدستوري وفق هذه الآلية إلى طريق مسدود.

وحذر عدد من أعضاء كتلة المجتمع المدني السوري من أن استمرارية العمل بهيمنة من وفدي النظام والمعارضة لن تفضي إلى أي حلول تصب بمصلحة السوريين، وأن إيجاد فاعلية مؤثرة للأصوات المستقلة السورية و”التكنوقراط” ضرورة للدفع قدمًا بالانتقال السياسي، بعيدًا عن تشنج وتشدد التيارات الأيديولوجية التي شكّلت المشهد السياسي في سوريا خلال العقود الماضية، والتي لا تستطيع الخروج من حالة العدمية السياسية في أي مفاوضات أو حوارات.

التفاؤل يقتل

وكان هادي البحرة متفائلًا بسير العملية السياسية خلال الأيام الأولى من اجتماعات اللجنة، إلى جانب بيدرسون، إذ قال في الجلسة الأولى، إنه يأمل أن تتم بقية الجلسات بنفس الأجواء وبنفس الآلية المعتمدة للخروج بنتائج في أسرع وقت ممكن.

وعلّل البحرة، لعنب بلدي، التصريحات المتفائلة للجنة في اليومين الأول والثاني، بأنها كانت بسبب التزام الأطراف كافة بتنفيذ المنهجية الموضوعة من الأمم المتحدة، والتي توافقت عليها الأطراف السورية، حيث قامت بتقديم عناوين المبادئ الدستورية التي كانوا يرغبون ببحثها قبل الوصول إلى جنيف.

كما قدّم وفد النظام الصياغات الدستورية المقترحة من قبله إلى مكتب المبعوث الخاص قبل بدء الاجتماعات، وتمت مناقشتها ضمن اجتماعات الأيام الأربعة الأولى، لكن في اليوم الخامس، “وهو اليوم الذي اتفقنا على أنه سيكون مخصصًا لمحاولات التوصل إلى توافقات، ظهرت نيات كل طرف على حقيقته، ولا سيما في موقفهم (وفد النظام) الرافض لكل الاقتراحات التي تقدمنا بها لآليات العمل على هذه التوافقات”.

رئيس وفد النظام السوري في محادثات اللجنة الدستورية (الأمم المتحدة)

لا تاريخ للجولة المقبلة

لم ترسُ اجتماعات الجولة المقبلة على تاريخ معيّن، إذ لم يحدد المبعوث الأممي، غير بيدرسون، موعد بدء الجولة التالية من المحادثات مرة أخرى، بينما قال البحرة، إن موعد الجولة المقبلة في 1 من تشرين الثاني المقبل، وناقضه ممثل وفد النظام، أحمد الكزبري، بقوله إن الجولة المقبلة ستكون بين نهاية تشرين الثاني وكانون الأول المقبلين.

وعلّل البحرة التضارب بالتصريحات، بأنه جرى تحديد تاريخ محتمل لانعقادها، لكن بعدما لوحظ من عقبات واجهتها اللجنة في اجتماعها الأخير، أي في اليوم الخامس، “قررنا أن تأكيد ذلك التاريخ يتوقف على إنجاز وضع آليات محددة لتفادي ما حدث في اليوم الأخير من اجتماعات الدورة السادسة، بمعنى آلية عمل للتوصل إلى توافقات حول اقتراحات الصياغات الدستورية للمبادئ الأساسية في الدستور”.

إرضاء روسيا

التعثّر الجديد لمباحثات اللجنة الدستورية سببه الرئيس “عدم جدّية النظام السوري في البدء بصياغة المضامين الدستورية، وإصراره على هدر الوقت دون أن يؤدي ذلك إلى انهيار المسار على اعتبار أن روسيا متمسكة به”، بحسب ما قاله الباحث السياسي والعسكري في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، في حديث إلى عنب بلدي.

كما يرى عاصي أن التفاؤل الحذر كانت روسيا أبدته على هامش انطلاق الجلسة الأولى من الدورة السادسة، بينما تحفّظ بيدرسون على التعليق، لحين انتهاء الجولة التي بدت له مخيّبة للآمال على غرار الجولة الخامسة عندما وصفها أيضًا بذلك خلال إحاطة لمجلس الأمن في 29 من كانون الثاني الماضي.

ويأتي تفاؤل روسيا الحذر غالبًا من رغبتها في تحويل الدورة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية إلى اختبار جديد لتوسيع مستوى التعاون مع أمريكا في سوريا، بمعنى إرسال تطمينات إليها باستمرار قدرتها على التأثير بسير العملية السياسية عبر دفعها خطوة نحو الأمام.

لكن تحديد موعد جديد للدورة السابعة في تشرين الثاني المقبل، بحسب عاصي، يعني أن روسيا لا تزال تمتلك فرصة لتسويق اللجنة الدستورية، ومع ذلك، لا يوجد أي مؤشر يدعو للتفاؤل، فروسيا حريصة على أن يكون الإصلاح الدستوري مجرّد تعديل في الصياغة على دستور عام 2012، وهي تتفق مع النظام السوري على ذلك وكذلك مع إيران، وتعارض توجّه المعارضة السورية التي تدعو إلى صياغة جديدة للدستور.

ولا يوجد حتى اللحظة الحالية ما يدعو للاعتقاد بأن أمريكا والاتحاد الأوروبي قد أبديا قبولًا لتعريف الإصلاح الدستوري، وفق رؤية روسيا، وبالتالي تجاوز الانتقال السياسي والاكتفاء بالوصول إلى حكومة وحدة وطنية.

عمليات عسكرية ذريعة لتجميد العملية السياسية

اعتبرت روسيا أن الهجوم الذي استهدف حافلة “مبيت” قرب جسر “الرئيس” في دمشق، في اليوم الثالث من مباحثات اللجنة، والذي أسفر عن 14 قتيلًا واثنين من الجرحى، مرتبط بوقف عجلة سير العملية السياسية بين الأطراف في جنيف.

وقال الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، “كانت هناك مخاوف معيّنة الأربعاء الماضي، على الأرجح إثر بالهجوم الإرهابي الذي وقع في دمشق”، بحسب ما نقلته قناة “روسيا اليوم“.

وأضاف لافرنتييف، “عادت الأطراف يوم الأربعاء إلى لغة الاتهامات المتبادلة، ولكن مع ذلك، بفضل عمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، ومكتبه، تم التغلب على هذا الاتجاه السلبي وعادت اللجنة الدستورية يوم الخميس إلى المسار البنّاء”.

وأكد لافرنتييف أيضًا أن “مواقف أطراف اللجنة الدستورية السورية ما زالت متضاربة في كثير من القضايا”.

وتبنّت مجموعة تطلق على نفسها اسم “سرايا قاسيون”، التفجير الذي استهدف “باص مبيت” تابعًا للإسكان العسكري، انفجر صباح الأربعاء 20 من تشرين الأول الحالي، في العاصمة السورية دمشق.

وقالت المجموعة التي تدور الشكوك حول كونها حقيقية أم وهمية، في بيان نشرته عبر “تلجرام”، إنها تمكنت من استهداف “باص المبيت” عبر زرعها عبوات ناسفة أسفل الباص، معتبرة أن الاستهداف جاء “ردًا على المجازر اليومية التي يرتكبها النظام وميليشياته بحق أهلنا في الشمال المحرر”.

وكان القصف المدفعي الذي كثفته قوات النظام وروسيا على الأحياء السكنية في مدينة أريحا بريف إدلب، بالتزامن مع ذهاب الأطفال إلى مدارسهم، أدى إلى قتل 11 مدنيًا بينهم أربعة أطفال وامرأة، وإصابة 20 شخصًا بعضهم في حالة حرجة، وفق ما أعلنه “الدفاع المدني السوري.

وعلّق البحرة، في حديثه لعنب بلدي، على القصف الذي استهدف المدنيين في إدلب، بوصفه بـ”الجريمة النكراء”، وقال، إن “ما حدث من استهداف لأهلنا في أريحا، وسقوط الشهداء الذين نتقدم بأحر التعازي لأسرهم وأصدقائهم وعموم شعبنا، كما لاحظنا أن تلك الجريمة النكراء قد تزامنت مع حادثة التفجير في دمشق، فلم يعد مخفيًا على أحد أننا نواجه كشعب سوري تحالفًا بين مثلث قوى الشر، أي الاستبداد والفساد والإرهاب، والتي ترغب وتعمل على استمرار المأساة والحرب، وصارت تعيش على اقتصاد الحرب”.

وتابع البحرة أنه في الجلسة الأولى من اجتماعات اليوم الأول، وفي الكلمات التي افتُتحت بها الجلسة، تم استنكار جرائم الحرب واستهداف المدنيين الأبرياء وانعكاس ذلك على معاناة السوريين، وتم التركيز على أن ذلك يلقي على أعضاء اللجنة المسؤولية بضرورة وواجب إنجاز أعمال اللجنة وفق تفويضها بأسرع وقت ممكن.

بينما لا يرى الباحث عبد الوهاب عاصي، أن تفجير دمشق والقصف الذي شهدته أريحا يرتبطان بالضرورة بفشل المباحثات، لكن النظام السوري لا يفوّت أي فرصة للاستفادة من الأحداث التي تحصل أو تلك التي يصنعها لتوظيفها سواء في اللجنة الدستورية أو غيرها، وفي هذه الحالة يُفترض أن يكون التوظيف عبر بند الإرهاب.

ما جدوى أعمال اللجنة الدستورية اليوم؟

أوضح مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن تعديل الدستور أو الإصلاحات التي تتحدث عنها اللجنة الدستورية لن يغيّرا شيئًا على أرض الواقع في سوريا، واعتبر أن المشكلة الأساسية تتجلى بتطبيق الدستور، وليست حول نص الدستور.

وأضاف العبد الله أن “من المؤسف اختزال العملية السياسية في سوريا بأكملها، وعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بمحادثات لتعديل الدستور فقط”، فالدستور السوري “ليس سيئًا”، لكنه يتضمن بعض المواد التي تحتاج إلى التعديل، باعتبار أن أساسه مترجم من الدستور الفرنسي إلى حد كبير.

وتكمن نقطة ضعف المعارضة اليوم، بحسب محمد العبد الله، بعدم اتخاذها قرار الانسحاب في وقت مناسب وسابق بكثير من هذا اليوم.

وكان الأجدر بها أن تعترض أو تتخذ ذلك القرار بموقف أقوى، بدلًا من تنازلها وموافقتها على تضييق وتقليص نطاق العملية السياسية وبيان “جنيف 2” من بداية عملها الأول الذي بدأ بالاتفاق على تطبيق القرار الأممي “2254”، مرورًا بالوصول إلى اتفاق “السلال الأربع”، انتهاء بمحادثات اللجنة الدستورية.

ويعتقد محمد العبد الله أن المعارضة تعيش “ضغطًا سياسيًا كبيرًا” على الأرض في سوريا، تترجمه على الطاولة بمشاركتها بمفاوضات تجمعها مع النظام وعدم قدرتها على الانسحاب، نتيجة ميل الكفّة العسكرية على الأرض لمصلحة النظام، ما يجعلها الحلقة الأضعف المجبَرة على التفاوض.

بينما قال الباحث في معهد “الشرق الأوسط” تشارلز ليستر، إن حقيقة استغراق اللجنة الدستورية السورية مدة عامين لتحصل على الموافقة لبدء عملها الحقيقي، يوضح التحدي الهائل الذي تواجهه الأمم المتحدة عندما تواجه الحد الأدنى من الاهتمام الغربي أو الاستثمار في الدبلوماسية السورية.

واعتبر ليستر أن هذه الخطوة الأخيرة إلى الأمام “حيوية” بالنسبة للمتفائلين القلائل في الشأن السوري، من حيث إنها تحافظ على أي مظهر من مظاهر عملية الأمم المتحدة على قيد الحياة، تاركة الباب مفتوحًا أمام جهد دبلوماسي هادف حقًا، أما بالنسبة للمتشائمين، فإن التقدم البطيء المؤلم حتى الآن هو مجرد دليل على أن النظام السوري يبقي الدبلوماسية السورية على قيد الحياة لغرض استراتيجي هو التأخير إلى الوقت الذي تصبح فيه الدبلوماسية غير ذات قيمة.

وبحسب ليستر، فإن أمريكا وأوروبا لا تزالان منفصلتين بشكل واضح عن أي حقيقة تتعلق بالدبلوماسية السورية، فبعض البلدان المجاورة لسوريا تتسلّم زمام الأمور بأنفسها، كالأردن والإمارات العربية المتحدة اللتين تعتبران من أبرز الفاعلين الذين يتابعون جهود التواصل مع النظام السوري.

ويرى الباحث أن كل ذلك يجعل التطبيع مع رئيس النظام السوري حقيقة لا عودة فيها تقريبًا، بعد أن انتخبت منظمة الصحة العالمية سوريا بمجلسها التنفيذي في أيار الماضي، وأعادت منظمة “الإنتربول” قبول حكومة النظام في شبكة اتصالاتها في تشرين الأول الحالي، وزيارة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، دمشق في عطلة نهاية الأسبوع، وإعلانه عن جهود المفوضية “للتنسيق” و”التعاون” مع النظام لتسهيل عودة اللاجئين.

كما لفت إلى تجاهل ما قالته لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، ووصفها مناطق سيطرة النظام بأنها “غير آمنة لعودة اللاجئين” قبل شهر واحد فقط، من قبل أهم شخصية في المجتمع الدولي فيما يتعلق بسياسة اللاجئين.

واعتبر ليستر أن هذه التطورات وغيرها هي إدانة دامغة لما يسمى “المجتمع الدولي” وتكريسه المزعوم للقواعد والمعايير والعدالة وحقوق الإنسان.

مقالات متعلقة

  1. روسيا تجعل من "جنيف" إسفينًا في محادثات "الدستورية السورية"
  2. بيدرسون يحدد موعد ثلاث جولات من مباحثات اللجنة الدستورية
  3. بيدرسون يبدأ بالتحضير لـ"الدستورية السابعة" من دمشق
  4. دستور أم انتقال سياسي.. ما الذي يحتاج إليه السوريون

سوريا

المزيد من سوريا