عنب بلدي – صابر الحلبي
في حين تعاني شوارع مدينة حلب خلال السنوات العشر الأخيرة من تردي البنية التحتية وغياب الإضاءة المناسبة عنها، بدأ مجلس محافظة المدينة بتطبيق نظام المواقف المأجورة التي خصصها بأحياء مختلفة فيها، خصوصًا قرب الدوائر الحكومية والمباني التابعة للحكومة، ما أثار استياء أصحاب السيارات الخاصة وغضبهم، إذ وصفوها بالسرقة بشكل علني وبالإجبار.
وفي أيلول الماضي، قال رئيس الهندسة المرورية في مجلس مدينة حلب، سائد بدوي، إن مشروع تنظيم الوقوف المؤقت للسيارة هو “مشروع استثماري تنظيمي يهدف إلى تنظيم الحركة المرورية في مدينة حلب”.
وأضاف بدوي، في حديث إلى إذاعة محلية، أن تنظيم المشروع جاء وفق النموذج المعمول به عالميًا ومحليًا، مثل مدينتي دمشق وحماة المطبق فيهما نظام المواقف المأجورة، لافتًا إلى أنه يسهم في تأمين موارد مالية لمجلس مدينة حلب، أو الوحدة الإدارية التي تعتمد على التمويل الذاتي، بالإضافة إلى الآثار الإيجابية على واقع المدينة من خلال تحسين الخدمات المقدمة فيها عن طريق المشاريع المتنوعة التي سيقوم بها مجلس المدينة من خلال العائدات الاستثمارية لهذا المشروع.
وأوضح بدوي أن عدد المواقف ضمن المدينة سيكون بحدود 4500 موقف منتشرة بشوارع عدة فيها.
وبحسب استطلاع للرأي أجرته عنب بلدي لمواطنين في حلب، فإن بعضًا من أصحاب السيارات صاروا يقومون خلال الفترة الماضية بركنها في أماكن بعيدة عن المواقف المأجورة.
“سرقة أصحاب السيارات”
عادل (45 عامًا)، وهو طبيب جلدية مقيم في مدينة حلب، قال لعنب بلدي، “بإمكاني أن أدفع أجر وقوف سيارتي، لكن نفس المواقف التي أصبحت مأجورة كانت مجانية قبل ذلك، ويمكننا الوقوف في أي مكان نريده. مجلس المحافظة يريد سرقتنا من خلال فرض المواقف المأجورة علينا، وهذا الأمر غير مقبول”.
وتابع عادل (الذي تحفظت عنب بلدي عن ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، أن مجلس مدينة حلب “بإمكانه أن يعمد لجعل الشوارع في الأحياء مواقف مأجورة أيضًا، وبذلك يتم إجبارنا على الدفع. الأمر مزعج لأننا نعاني من ظروف صعبة ولم نغادر سوريا، وهذه التصرفات والتضييق لجعلنا نترك البلد”.
وبحثت هيام (41 عامًا)، وهي طبيبة نسائية، عن مكان لركن سيارتها، ولكنها تفاجأت أن معظم الشوارع القريبة من عيادتها أصبحت مأجورة، وعليها دفع أربعة آلاف ليرة سورية (حوالي دولار واحد) من أجل إيقاف سيارتها رغم أنها كانت تقف من دون مقابل.
وقالت هيام لعنب بلدي، ساخرة، إن “المسؤولين في مجلس محافظة حلب يقومون في كل مرة بإحداث أمر والغاية منه جمع المبالغ المالية. الآن مواقف مأجورة ولاحقًا يمكن أن يفرضوا علينا رسوم خروج الدخان من سياراتنا، ويمكن أن يفرضوا رسومًا لمشي المدنيين على الأرصفة…”.
وتتوقع هيام أن المواقف المأجورة ستكون لفترة مؤقتة وستُلغى، لأن أغلبية الناس لم يعودوا يوقفون سياراتهم في المواقف، إلا من يضطر منهم في أثناء مراجعة الدوائر الحكومية.
شكاوى ومشادات كلامية
رفض أحمد (46 عامًا) دفع مبلغ ألف ليرة سورية (31 سنتًا) مقابل إيقاف سيارته على الموقف المأجور جانب أمانة السجل المدني لاستخراج بيان عائلي وإخراج قيد، وقال لعنب بلدي، “يمنع أن أركن سيارتي في أي مكان، واضطررت لإيقافها على موقف مأجور، لكنهم لم يقبلوا إلا أن أدفع ألف ليرة، مع أن وجودي لم يستغرق نصف ساعة، وحدثت مشادة كلامية مع الشاب الذي يتقاضى أجر الوقوف، لذلك اضطررت لأخذ السيارة وإيقافها بشارع فرعي ريثما أنهيت الأوراق”.
قدم أحمد شكوى لشرطة المرور التي لم تستجب، وقالت إن تلك المواقف المأجورة تابعة لمجلس المحافظة وليست لها سلطة عليها.
ترافق حياة السوريين أزمات اقتصادية ومعيشية لم تواجهها حكومة النظام السوري بأي حلول عادلة وجدية لمعالجتها، إذ يعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام من أزمات متعددة نتيجة ارتفاع الأسعار، خصوصًا مع تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
وتعتمد سياسة النظام الاقتصادية على جباية الأموال من المواطنين مهما كانت ظروفهم المعيشية، عبر مشاريع لشركات خاصة مقربة من الحكومة.