طب الأعشاب.. مهنة وعلاج بديلان للنساء في إدلب

  • 2021/10/24
  • 9:31 ص

صاحب محل أعشاب في مدينة إدلب - 23 تشرين الأول 2021 (عنب بلدي / أنس الخولي)

عنب بلدي – هاديا منصور

دفعت خبرة سلاف الضاهر (40 عامًا) التي توارثتها عن جدتها، إلى امتهان طبّ الأعشاب مؤخرًا، خصوصًا مع إقبال الأهالي على هذا النوع من التداوي، جراء غلاء أسعار الأدوية في إدلب، وعجز الكثيرين عن شرائها.

افتتحت سلاف عيادة لطب الأعشاب داخل منزلها بمدينة سرمدا الحدودية مع تركيا، وبدأت بعلاج الكثير من الحالات المرضية التي تقصدها كالزكام والسعال والتهاب القصبات، وحتى الأمراض المزمنة، كالسكري والضغط وأمراض القلب، وفق ما قالته لعنب بلدي.

وأضافت السيدة أنها تصف مقادير محددة من الأعشاب للمرضى يتناولونها وفق الوصفة التي تحددها لهم، وبكميات مدروسة ما يساعدهم على التحسّن والشفاء.

وتصف سلاف الإقبال على عيادتها بـ”الجيد”، ومعظم المرضى هم من الأطفال والنساء اللاتي “يئسن” من تناول الأدوية الكيميائية “العديمة المفعول”، بحسب تعبيرها، أو بعد عجزهن عن شرائها لغلاء ثمنها، إذ بلغت أرباح الدواء في إدلب 100%، نتيجة انعدام الرقابة والتفتيش على القطاع الدوائي في المنطقة.

طبابة دون مقابل

من جهتها، تمتهن الستينية صبحية الأسود طب الأعشاب منذ عشرات السنين، وتصف الأعشاب المناسبة لكثيرين من المرضى الذين يقصدونها وبشكل مجاني، إلا في حال توفر العشبة المطلوبة لديها فتأخذ ثمنها وبشكل رمزي من المريض.

وقالت صبحية لعنب بلدي، إنها تبتغي من وراء عملها “الأجر والثواب من الله”، ولأنها لا تريد أن تمنع ما جمعته من علم طب الأعشاب في حياتها عن الناس الذين صاروا بأمسّ الحاجة إليه، خصوصًا “في زمننا الصعب هذا الذي انعدمت فيه الوسائل العلاجية، وانقطع الدواء، وتراجع عدد الأطباء الاختصاصيين بفعل الحرب التي اجتاحت المنطقة لأكثر من عشر سنوات، فلم يسلم منها القطاع الطبي الأهم والأكثر إلحاحًا”.

وعن فوائد الأعشاب، أضافت أن طب الأعشاب من أقدم العلوم الطبية التي توارثتها الحضارات المختلفة، وهو ما يُعرف بالطب البديل الذي يكون أكثر فعالية من الطب الحديث في علاج بعض الأمراض، بحسب تعبيرها.

“فالطب الكيميائي يمكن أن يسبب آثارًا جانبية سلبية، عكس الأعشاب والعلاجات البديلة التي ليس لها أي آثار جانبية”.

وأشارت صبحية إلى أن التداوي بالأعشاب، كالصبار وعصير البرسيم والثوم والزنجبيل وحبة البركة وزيت جوز الهند وغيرها، يستعمل في تطهير القولون وتحسين امتصاص الغذاء والهضم ورفع مناعة الجسم، والضغط المرتفع، وقرح الدوالي، وعلاج الشريان التاجي، وتخفيض الكوليسترول في الدم وغيرها من الأمراض، فلكل عشبة أو نبتة فوائدها ومميزاتها العلاجية المتعددة.

وانتشرت العديد من عيادات الطب البديل (الأعشاب) الذي تمتهنه نساء في إدلب، ولاقت إقبالًا واسعًا من قبل المريضات اللواتي صرن يعتمدن على زيارتها بشكل دوري، للاستفادة منها في علاج الأمراض المختلفة بعيدًا عن غلاء المعاينات الطبية، وغلاء الأدوية وفقدانها وانتهاء صلاحية معظمها.

ولم تتردد نور الشلح (25 عامًا) بزيارة عيادة طب الأعشاب في إدلب، بعد يأسها من الشفاء عن طريق الأدوية التي لم تعد تجدي نفعًا لعلاج التهاب الجيوب الأنفية المتكرر الذي أصابها، خصوصًا أن الأطباء لم ينصحوها بإجراء عمل جراحي لاستئصالها لوجود احتمالية نموها والتهابها مجددًا.

“وجدتُ ضالتي في طب الأعشاب”

وجدت الشابة في طب الأعشاب ضالتها، وذلك حين وصفت لها خبيرة الأعشاب خلطة مكونة من خل التفاح الطبيعي، والزنجبيل، والفلفل، وعصير الليمون، وقالت لعنب بلدي “شعرتُ بتحسن لم أشعر به من قبل بعد زوال الالتهاب والألم بشكل نهائي”.

وكذلك الحال بالنسبة للمريضة سلام الأسعد (45 عامًا)، التي تعاني من مرض السكري، إذ استخدمت خلطة أعشاب مكونة من حلبة، وورق الزيتون، وقرفة، وزنجبيل، وكمون، وقرنفل، فوجدت نتائج تضاهي الأدوية بعشرات المرات بعد تحسّنها الملحوظ، وفق ما قالته لعنب بلدي.

ورغم إيجابيات طب الأعشاب ونجاحه في علاج الكثير من الحالات المرضية، وكسب ثقة المرضى على مر السنوات، لا يخلو من بعض السلبيات المتعلقة بطول مدة العلاج، والشفاء ببطء قياسًا بالأدوية الكيميائية.

كما أن الجرعات الزائدة منه يمكن أن تشكّل ضررًا، إن لم يتم الالتزام بالجرعات والمدة المحددة للعلاج، وفق ما أكدته خبيرة الأعشاب صبحية.

ما رأي الطب؟

معاون مدير الصحة في إدلب، الطبيب رفعت فرحات، قال إن طب الأعشاب واسع الأفكار، وهو علم قديم ويستند إلى أسس علمية، إذ لا يمكن نكران فوائده وفعاليته في شفاء بعض الحالات المرضية.

كما يستفيد الطب الحديث من العديد من المركبات المشتقة من النباتات، كمادة أولية أساسية في صناعة الأدوية.

وعلى الرغم من أن التداوي بالأعشاب قد يطبق المعايير الحديثة لاختبار فعالية الأعشاب والأدوية المشتقة من المصادر الطبيعية، “لا يقدم البعض منها ولا يؤخر”، ويكون غير مفيد، بحسب الطبيب.

ويشهد القطاع الطبي في الشمال الغربي السوري نقصًا في الخدمات والإمدادات الطبية من علاجات وأجهزة، بسبب الظروف العسكرية والقصف الممنهج الذي تعرضت له المنطقة خلال عشر سنوات، بالإضافة إلى تفشي جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19).

كما يشهد سوق الدواء في المنطقة ارتفاعًا في أسعار البيع، بسبب عدم وجود آليات صارمة لضبط العملية.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع