تعتبر شجرة الزيتون أحد أهم الموارد الأساسية التي يعتمد عليها السكان في الشمال السوري، والذي تسيطر عليه المعارضة حاليًا.
ويزرع شجر الزيتون في المناطق التي تحتوي على تربة جبلية، إذ ينتشر على سفوح الجبال أكثر من غيرها، وتنشط زراعته في المناطق التي تتمتع بمناخ البحر الأبيض المتوسط.
شجرة الزيتون.. مصدر رزق
وتعتبر شجرة الزيتون مصدر رزق لفئة كبيرة من سكان الشمال السوري، إذ ينتظر مالك المحصول بداية موسم القطاف ليجمع الإنتاج، لتعود له أرباح تساعده في إعالة عائلته، عدا المؤونة التي يخزنها من هذا الموسم.
وكذلك تعتبر الشجرة مصدر رزق للعمال الذين يترقبون بداية الموسم، لتأمين قوت يومهم، وسط سوء الأوضاع الاقتصادية، حيث يعاني الشمال السوري من سوء وتردي الأحوال المعيشية، ومن الفقر وعدم قدرة العائلات على تأمين قوت يومها ومستلزماتها.
وأظهر استبيان أجراه “برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية” (HNAP)، بالاشتراك مع “الأمم المتحدة للتنمية”، ومجموعة التعافي المبكر وسبل العيش في شمال غربي سوريا، “الحرمان الاقتصادي” الذي يعيشه الناس في سوريا، بحسب تقرير صدر في 14 من أيلول الماضي.
استعدادات الأهالي للموسم
يستعد الأهالي لقطف الزيتون قبل أشهر من نضوج ثمار الزيتون عبر تقليم الأشجار بشكل دوري، والعناية بنظافة الأرض ونزع الأعشاب الضارة والأشواك، وري الأشجار عبر ناقلات مخصصة لنقل الماء، أو عبر أنابيب المياه من الآبار القريبة.
ثم يبدأ الأهالي بتحضير الأقمشة وحياكتها، أو تحضير الأكياس البلاستيك وجعلها بمساحات مختلفة تتناسب لتكون بمثابة فرش تحت شجرة الزيتون، ليسهل جمعها بعد الانتهاء من القطف، ولمنع خروج حبات الزيتون على الأرض.
وكذلك يبدأ أصحاب الأرض بتحضير سلالم من الحديد أو الخشب، والتي تستخدم للصعود إلى أغصان الشجرة العالية، وتحضير العصي القصيرة، وتكون متينة لقطف الزيتون القريب، وطويلة مرنة لقطف الزيتون الذي لا تطاله الأيدي.
عادات وتقاليد موسم الزيتون
تختلف التقاليد التي يتبعها أصحاب حقول الزيتون من بلد لآخر، وكذلك الأهالي في الشمال السوري يمتلكون أجوائهم الخاصة في موسم الزيتون.
يبدأ موسم قطف الزيتون في شهر تشرين الأول من كل عام، وينتظره أصحاب الحقول بفارغ الصبر، وفي المساء تبدأ العائلات بتحضير معدات قطف الزيتون، لتكون جاهزة عند الاستيقاظ في الصباح الباكر.
تشهد القرى في الصباح الباكر وقبل شروق الشمس حركة وانتشارًا كبيرًا للأهالي، فالصغير يمشي قبل الكبير إلى الحقل، ويتنقل الأهالي إما بالسيارات، أو مشيًا للأراضي القريبة من القرى.
تبدأ العائلات بفرش الأقمشة ووضع السلالم مع وصولها إلى الحقل، ويتسلق الأطفال الصغار بوزنهم الخفيف إلى وسط الشجرة، والمساعدة في القطف، ويصعد الشباب على السلالم لقطف الأغصان الجانبية والعالية، ويشارك الكبار في السن في جمع ثمار الزيتون المتساقط على الأرض.
نزهة في موسم الزيتون
يحمل موسم الزيتون في طياته الكثير من الأجواء اللطيفة، والبسيطة، والتي ورثوها عن أجدادهم وآبائهم، فبعد مضي بعض الوقت، وانتهاء قطاف الزيتون من عدة أشجار، يجمع الأطفال عيدان من الخشب لإشعال النار، وتحضير الشاي التي تفوق بطعمها عن شاي المنزل.
ويبدأ كبار السن بقص قصص منها المضحك، ومنها عن عادات وتقاليد عاصروها في زمانهم، وهذا ما يمضي الوقت دون ملل.
ثم تبدأ العائلة بتحضير أكلة “الزنانة”، وهي أكلة من تراث و”فلكلور” قطاف الزيتون في الشمال السوري، وفي مدينة إدلب خصوصًا.
يضع أفراد العائلة خبز التنور في طبق، ويغمرونه بالزيت الطازج والثوم وحب الرمان الحامض، والكمون، ويضع البعض الزعتر البلدي عليها أو البقدونس أو الجرجير.
وترافق هذه الأكلة الأهالي في موسم الزيتون، وليست فقط في الحقل، إنما في في معاصر الزيت أيضًا، إذ يكون زيت الزيتون حاد الطعم ومرًا قليلًا، وفور عصره تكون “الزنانة” جاهزة.
وتبدأ العائلة بجمع الأقمشة والسلالم للعودة إلى المنزل، قبل غروب الشمس بحوالي ساعة، بينما يقوم الشبان بحمل أكياس ثمار الزيتون إلى وسيلة النقل المتاحة.
تعود العائلة إلى المنزل، وتبدأ السهرة مع الأقارب، للعمل على تنظيف ثمار الزيتون من الأوراق والعيدان المتساقطة خلال القطف، لكي لا تؤثر على نكهة الزيت، قبل إرساله إلى المعصرة، وتفرز العائلة أثناء عملية التنظيف الزيتون الأخضر، عن الأسود لتخزينه مؤونة للشتاء.