جريدة عنب بلدي – العدد 45 – الأحد – 30-12-2012
م. صلاح نعناع – عضو منظمة إعادة إعمار سوريا / خاص عنب بلدي
نقدم في هذه التقرير ملخصًا عن أعمال المنظمة في مدينة حلب والنتائج التي وصلنا إليها وطموحات سكان هذه المدينة العريقة بالإضافة لبعض الأرقام والتي قد تصدم البعض.
حلب من أعرق مدن التاريخ وعرف أهلها منذ القدم فن البناء والعمارة، ها هم الآن ينفضون عنهم غبار الأبنية المتهدمة لينهضوا بهممهم العالية، وبعلم أبنائها المثقفين ليجسدوا حلم كل إنسان عاش في حلب بأن تعود وتزدهر كما كانت.
بدأ العمل بالتوثيق ضمن مدينة حلب فعليًا منذ شهرين، مع العلم أنه قد تم تشكيل مكاتب للتوثيق قبل ذلك بشهر، والبداية الفعلية كانت بحيي بستان القصر والسكري، حيث كان هذان الحيان من أوائل الأحياء المشاركة بالحراك الثوري في مدينة حلب. وبعد عمل متكامل وجهد حثيث مضن، تم الانتهاء من مسح كامل للمنطقتين وحصر الأضرار الواقعة في المباني والبنى التحتية.
تواجه أعمال التوثيق في حلب العديد من الصعوبات من أهمها:
-1 معظم الأحياء المحررة تتعرض لقصف يومي ومتقطع وبأوقات مختلفة طيلة اليوم.
-2 صعوبة الوصول إلى تلك المناطق، وخاصة أن طرق الربط الواصلة بين طرفي حلب الشرقي والغربي هي بمعظمها نقاط تماس.
-3 انتشار القناصة، ولكن في بعض الأحياء يأخذون استراحة لمدة خمس ساعات باليوم تكفي للدخول والخروج من الحي. وإن لم يستهدف هؤلاء القناصة الناس العاديين فإنهم يستهدفون أي شخص يحمل كاميرا (وقد حصل واستُهدفنا من قبل القناص ذات مرة أثناء التصوير).
-4 مازالت هناك أحياء ساخنة وهي جبهات قتال مستمر، وهناك صعوبة بالعمل ضمنها، (ورغم هذا بدأنا بالتوثيق في بعضها مثل حي صلاح الدين) وطبعًا هذه الأحياء فيها نسبة دمار أكبر من بقية الأحياء مثل العامرية وصلاح الدين والإذاعة وبستان الباشا.
في بداية عملنا في حلب كان لدى البعض من أصحاب البيوت المتضررة هاجس من التصوير، ولكن مع انتشار هذه الفكرة بين جميع الأوساط، أصبح الناس بشكل عام متعاونين مع فريق التوثيق ومرحبين جدًا بالفكرة.
والمستغرب في بعض الأحياء المتضررة عودة الناس إليها بعد أن نزحوا عنها، علمًا أن هذه الأحياء تكون قد فقدت العديد من الخدمات الأساسية بفعل ضرب محولات الطاقة والخزانات المائية، ولكن بسبب صعوبة الظروف المعيشية الحالية التي كانوا قد اختبروها سواء بأماكن اللجوء من مدارس أو تجمعات سكنية أخرى، وتشابه ظروف معظم الأحياء من نقص خدمات وقصف، فقد قرر معظم سكان هذه الأحياء العودة إلى بيوتهم رغم تهدمها، وشوهد العديد منهم وقد قاموا بترميم بيوتهم بطرق بدائية بسيطة ومن ثم استقروا فيها. وقد تم توثيق هذه الحالات أيضًا لربما يكون هناك تعويض لأصحاب هذه البيوت في المستقبل.
وفي جولة سريعة على الأحياء المتضررة، كانت نسب الدمار متفاوتة حسب الظروف التي مر بها كل حي:
هناك مناطق سيطر عليها الجيش الحر ولكنها لم تشكل جبهة قتال، فنسب الدمار فيها أقل، وعدد المباني المدمر بالكامل محدود فيها جدًا، وباقي الأضرار تفاوتت نسبها، وقد وصلت في بعض الأحياء إلى تهدم بسيط بواجهات بعض الطوابق أو أسطح الأبنية فقط مثل: بستان القصر والكلاسة والزبدية والأنصاري والسكري.
أما المناطق التي كانت جبهات للقتال ففيها نسب دمار أكبر، وعدد أكبر من المباني التي تهدمت بشكل كامل مثل: العامرية وصلاح الدين والإذاعة وبستان الباشا.
طموحاتنا كبيرة، وبجهود أبناء بلدنا الحبيب وخبراته الوافرة وعقوله النيرة سنعيد بناء وجه سوريا الحضاري بنكهة وطنية 100% إن شاء الله.
وبهذه الفرصة نناشد كل الخبرات الوطنية المتواجدة ضمن مدينة حلب أو خارجها، من مهندسين واقتصاديين وخبرات وكفاءات، أن يمدوا يد العون لنا ليساعدونا ونساعدهم في إعادة إعمار مدينتنا الحبيبة درة الشمال حلب الشهباء، وفي ازدهار وطننا سوريا.