قدّم وفد النظام السوري في الجولة السادسة من اللجنة الدستورية، المنعقدة في العاصمة السويسرية جنيف، مبدأ سيادة الدولة السورية، باعتباره أول المبادئ محل النقاش في أعمال هذه الجولة.
وقال الرئيس المشترك للجنة الدستورية من جانب المعارضة، هادي البحرة، الاثنين 18 من تشرين الأول، في تصريح صحفي، عقب الجلسة الأولى، إن “السيادة هي أحد المبادئ الأساسية في الدستور، سواء كانت سيادة الدولة، أو الشعب كونه هو صاحب السيادة في الدولة السورية”.
وأضاف أن وفد النظام قدّم ورقته وتمت مناقشتها من بقية الأطراف في اللجنة الدستورية، سواء بتوجيه أسئلة، أو بتوجيه بعض الانتقادات، أو بتقديم بعض النصوص الأخرى المقترحة لهذا البند.
آخر من يحق له ذكر السيادة
قال رئيس المكتب الإعلامي لـ”هيئة التفاوض” وعضو اللجنة عن وفد المعارضة، الدكتور يحيى العريضي، في حديث إلى عنب بلدي، تعقيبًا على مبدأ السيادة، إنه ما من سوري حقيقي إلا ويؤمن ويريد ويتمسك ويحافظ على هذا المبدأ، الذي لا يحتاج إلى تأكيد.
لكنه أردف أن “آخر من يحق له أن يتقدم بهذا المبدأ، هو الذي باع مقدرات البلد للمحتل الايراني والروسي، بعد أن جلبهما لحمايته من شعبه، وبعد أن استباح المواطن السوري وحياته، بعد أن اعتقل هذا السوري أو قتله أو شرده، وبعد أن رهن القرار السيادي لسوريا لحمايته من الجرائم التي انتهكها”، في إشارة إلى النظام السوري.
واعتبر العريضي أن تقديم النظام للمبدأ ليس سوى جزء من ألاعيبه وتكتيكاته، لتضييع الوقت والاستمرار بالمماطلة والإخلال بما تم التوافق عليه.
الدبلوماسي السوري السابق والباحث غير المقيم في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” داني البعاج، قال لعنب بلدي، إن مصدر السيادة ينبثق من الشعب، بينما يختلف الوضع في سوريا عن بقية الدول الأخرى، فالنظام في سوريا لا يتمتع بالديمقراطية، وعليه لا توجد سيادة للشعب، ولكن طالما هنالك دولة معترف فيها من قبل دول أخرى، فالسيادة ثابتة عليها.
الدستور الجديد لنظام الأسد عام 2012، بحسب البعاج، يتحدث عن شكلين للسيادة، ففي المادة الأولى يقول إن السيادة للدولة وهي غير قابلة للتجزئة بمقابل الدول الأخرى، وفي المادة الثانية يقول الدستور إن نظام الحكم جمهوري، والسيادة للشعب، فهو يعتمد المبدأين، لذلك يمكن للمتفاوضين في جنيف اعتماد المبدأ لتسريع المفاوضات.
وتساءل بعاج، أنه إذا كان مبدأ واحد استغرق جولة كاملة من المفاوضات، فكم ستستغرق النقاط الخلافية الباقية.
الإنجاز الذي تم تحقيقه هو الانتهاء من الأمور الإجرائية، بحسب البعاج، والاتفاق على الطريقة التي تقدّم فيها النصوص ومعالجتها والاتفاق عليها وإرسالها لصياغة موحدة، ولا ترتبط التركيبة بالسيادة بحد ذاتها.
وتحدث وفد النظام في مفاوضات الجولة الخامسة الماضية، التي جرت في كانون الثاني الماضي، بشكل أساسي عن السيادة الوطنية، وربطها بمحددات داخلية وخارجية، وتركزت أغلب المداخلات لأعضاء وفده على المحددات الخارجية، وربطت الموضوع باستقلالية القرار الوطني ورفض الاحتلال، والضغوطات الخارجية.
وتتعلق ماهية السيادة وأركانها، بحسب مداخلات وفد النظام، ببسط السلطة على كامل الأرض السورية، واحتكار استعمال العنف وبسط الأنظمة واستثمار موارد الدولة الداخلية، وإدارة انتخاباتها، وإدارة أركان الدولة الخارجية المتعلقة بحماية حدودها، وإدارة سياستها الخارجية وتوقيع الاتفاقيات.
وعمل النظام خلال الجلسات الماضية على إضاعة الوقت وتمييع مجريات الجلسة، بمحاولات حصر الشرعية بالنظام السوري وحده.
وكان الأسد قال في مقابلة مع قناة “زييفردا” التابعة لوزارة الدفاع الروسية، بداية تشرين الأول 2020، إن تركيا والدول الداعمة لها، بما فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها، غير مهتمة بعمل اللجنة الدستورية بصورة بنّاءة، ومطالبها تهدف إلى إضعاف الدولة السورية وتجزئتها، وإنه يرفض التفاوض حول قضايا تخص استقرار سوريا وأمنها.
ووصف الأسد محادثات اللجنة في جنيف بأنها “لعبة سياسية”، وأنها ليس ما يركز عليه عموم السوريين، في لقائه مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 8 من تشرين الأول 2020.
فالشعب السوري، برأي الأسد، لا يفكر بالدستور، ولا أحد منه يتحدث عنه، واهتمامات الشعب السوري تتعلق بالإصلاحات التي ينبغي تنفيذها، والسياسات التي يحتاج إلى تغييرها لضمان تلبية احتياجات الشعب السوري.
وتتضمن المهمة الأساسية للجنة الدستورية المكونة من ثلاثة وفود (المعارضة والنظام والمجتمع المدني)، تحديد آلية وضع دستور جديد لسوريا، وفق قرار الأمم المتحدة “2254”، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية، وتنظيم انتخابات جديدة.
وستستمر المحادثات حتى يوم الجمعة، على أساس أن تكون هنالك أجندة معمول بها، لمناقشة المبادئ الدستورية والدخول فعلًا بالدستور.
–