يقلّب تحسين العامر (43 عامًا)، مزارع من ريف الرقة الغربي، وهو يتحدث إلى عنب بلدي، فواتير شراء المستلزمات الزراعية لمحصول الذرة وقد سُعّرت أغلبيتها بالدولار الأمريكي.
وقال المزارع، إن أغلب المستلزمات الزراعية، مثل الأسمدة والمبيدات والبذار، يشتريها المزارعون بالدولار الأمريكي، وبعضها يتم شراؤه من المؤسسات التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، بينما تحدد “الإدارة” أسعار شراء المحاصيل بالليرة السورية.
ويثير تسعير شراء المحاصيل الزراعية في شمال شرقي سوريا بالليرة السورية استياء المزارعين في المنطقة، على اعتبار أن ثمن أغلب المستلزمات الزراعية للمحصول يُدفع بالدولار.
ورصدت عنب بلدي من مزارعين التقت بهم أن سبب الاستياء يعود لفروقات سعر الصرف التي تواجه المزارعين، وطول المدة الزمنية بين شراء مستلزمات الزراعة وبيع المحصول، التي تتجاوز أحيانًا ستة أشهر.
ويترافق إعلان تحديد تسعيرة شراء كل محصول بقرارات تمنع “الإدارة الذاتية” بموجبها نقل وشراء المحاصيل الزراعية مثل القمح والقطن والذرة، ويرجع مسؤولو “الإدارة” ذلك إلى محاولات منع احتكار المحاصيل من قبل التجار.
وخلال العام الحالي، حدّدت “الإدارة” تسعيرة شراء أربعة محاصيل بالليرة السورية، وهي القمح والذرة والقطن والشعير، لكن في عام 2020، تم تحديد سعر شراء القمح بالدولار الأمريكي وتحديدًا بـ17 سنتًا للكيلوغرام الواحد.
حُددت بالدولار ودُفعت بالليرة
وقال عضو في “اللجنة الاقتصادية” بـ“مجلس الرقة المدني”، إن “الإدارة الذاتية” حددت في وقت سابق تسعيرة القمح بالدولار الأمريكي، لكنها دُفعت بالليرة السورية على حسب سعر الصرف حينها.
وأضاف عضو اللجنة، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه لا يملك تصريحًا بالحديث إلى الإعلام، إن “شركة التطوير الزراعي” التابعة لـ”هيئة الاقتصاد والزراعة” تبيع المستلزمات الزراعية التي تشتريها بالدولار الأمريكي، لأن الشركة هي نفسها تدفع ثمنها بالعملة الصعبة لكون أغلبها مستوردة، سواء من إقليم كردستان العراق أو من مناطق سيطرة المعارضة السورية في شمال غربي سوريا.
وأشار عضو “اللجنة الاقتصادية” إلى أن أغلب التعاملات التجارية في شمال شرقي سوريا تتم بالدولار الأمريكي بصفته عملة رئيسة للتعامل التجاري، لكن لا يمكن استبدال الليرة السورية بشكل كامل، لارتباط المنطقة تجاريًا بمناطق سيطرة النظام السوري.
ومع بداية حصاد كل موسم، تعلن “الإدارة” نيتها شراء كامل المحصول ومنع التجار من نقله أو الاتجار به بحجة منع الاحتكار وأن المحاصيل استراتيجية تمس الأمن الغذائي للمنطقة.
وأكد عضو “اللجنة الاقتصادية” أنه حتى لو حددت “الإدارة” تسعيرة شراء المحصول من المزارعين بـ”العملة الصعبة”، فإنها ستضطر للدفع بالليرة السورية لعدم توفر قيمة مالية تكفي لشراء كامل المحاصيل.
وأثّر موسم الجفاف الحالي على إنتاجية “أغلبية” المحاصيل الزراعية مثل القمح والشعير، إلى جانب تأثر المزروعات الصيفية بانخفاض مستوى نهر “الفرات” الذي أثّر على مشاريع الري بريف الرقة، ما تسبب بخسائر مادية لمزارعي المنطقة.
ومنذ بداية العام الحالي، انخفضت نسبة تدفق نهر “الفرات” نحو الأراضي السورية حتى 181 مترًا مكعبًا بالثانية، رغم وجود اتفاقية موقعة في العام 1987 تحدد نسبة التدفق بـ500 متر مكعب بالثانية.
وكانت محافظات الجزيرة السورية، الرقة والحسكة ودير الزور، تشكّل سلة سوريا الغذائية قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، لكن المنطقة خسرت هذه الصفة تدريجيًا مع التغيرات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها.
–