لم يحصل ياسر النايف (35 عامًا)، من سكان حي الدرعية في مدينة الرقة، والذي يعمل في ورشات البناء، على فرصة للعمل منذ نحو أسبوعين، على الرغم من بحثه المتواصل عن هذه الفرصة.
وقال ياسر لعنب بلدي، إن مدينة الرقة تشهد، منذ شهور، انحسارًا في مشاريع الإعمار بالمدينة، بعد أن شهدت حركة عمرانية لا بأس بها في أوقات سابقة، على حد تعبيره.
وأرجع عاملون في ورشات البناء ومقاولون قابلتهم عنب بلدي انحسار الحركة، إلى أسباب أمنية، وما وصفوه بـ”قلقلة الوضع السياسي” للمنطقة، و”الضبابية” التي تواجه مستقبل شمالي وشرقي سوريا، والمناطق الواقعة تحت سيطرة “الإدارة الذاتية”.
ضخ محدود للأموال
حسين طعمة (45 عامًا)، يعمل مقاولًا في مدينة الرقة، يرى أن ضخ الأموال في سوق العقارات صار محدودًا، للخوف الواضح لدى السكان على مستقبل تلك العقارات.
وأشار حسين في حديث إلى عنب بلدي، إلى أن المستثمرين في سوق العقارات بالرقة يتريثون حتى يتضح الموقف السياسي أكثر، والذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا برغبة السكان بالاستقرار والبحث عن حياة طبيعية آمنة، وفق قوله.
وأجرى أعضاء في “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، خلال أيلول الماضي، زيارات إلى دول أوروبية وللولايات المتحدة الأمريكية، طالبوا فيها بتوضيح رسمي للموقف من البقاء الطويل الأمد للتحالف الدولي في شمالي وشرقي سوريا.
وقال أحد أعضاء “مسد” لعنب بلدي، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن تأثر الحياة بالوضع السياسي “الضبابي” في شمالي وشرقي سوريا بشكل عام أو الرقة بشكل خاص، لا يمكن حصره فقط بالحركة العمرانية، “لكن هذا لا يعني أنه بالفعل أحد أبرز الجوانب المتضررة”، حسب العضو.
الوجود الأمريكي.. “عامل استقرار”
وأضاف عضو “مسد” أن السياسيين في شمالي وشرقي سوريا، وعلى وجه الخصوص أصحاب القرار، يبحثون عن استمرارية أو إطالة الوجود الأمريكي في المنطقة، الذي يمثل عامل استقرار بالمقارنة مع الوجودين التركي والإيراني اللذين يترقبان المناطق التي تديرها “الإدارة الذاتية” بـ”عين حاقدة”، على حد وصفه.
وسبق أن صرّحت ممثلة “مسد” في واشنطن، سينم محمد، لوكالة “نورث برس” في 29 من أيلول الماضي، أن الإدارة الأمريكية بما في ذلك مسؤولو البيت الأبيض، قد عبّروا عن رغبتهم في إبقاء القوات الأمريكية في شمالي وشرقي سوريا.
ونقلت عن مسؤولي الإدارة الأمريكية قولهم، إن ذلك بهدف ضمان إرساء استقرار طويل الأمد في المنطقة، وتمكينها من الصمود في وجه أي تحديات مستقبلية.
تجارب سابقة
وعاشت مناطق شمالي وشرقي سوريا، ومنها الرقة، حالة من الهلع خلال التدخل العسكري التركي قبل نحو عامين، وقيام “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بإدخال عناصر من قوات النظام السوري إلى المنطقة، ضمن تفاهمات رعتها روسيا حينها.
وصرح مسؤولون في “قسد” أن غاية إدخال قوات النظام السوري كانت منع تقدم كل من الجيش التركي و”الجيش الوطني السوري” نحو مناطق جديدة في شمال الرقة، بعد سيطرتهما على مدينة تل أبيض الحدودية.
وفي 17 من تشرين الأول عام 2020، قال الرئيس المشترك لـ”مجلس الرقة المدني”، محمد نور الذيب، في تصريح لوكالة أنباء “هاوار”، إن “جهات خارجية راهنت على فكرة تسليم (قسد) مدينة الرقة إلى قوات النظام السوري بعد القرار الأمريكي المفاجئ بالانسحاب من المنطقة”، معتبرًا أن “تمسك العشائر وأبناء المنطقة بهذا المشروع، ورفضهم القطعي لأي تدخل خارجي، أثبت العكس”.
–