تشهد بلدة القريّا جنوب محافظة السويداء توترات مستمرة من قبل مجموعات مسلحة، تتزامن مع استنفار كامل من قبل شباب البلدة للتصدي لأي محاولة اعتداء.
وفي 8 من تشرين الأول الحالي، وعند حوالي الساعة 11 ليلًا، تعرّض عدد من منازل المدنيين في البلدة لإطلاق نار من الجهة الغربية، اقتصرت نتائجه على الأضرار المادية دون وقوع إصابات بين صفوف الأهالي.
إطلاق النار وقع بعد مشاهدة السكان تحركات مشبوهة من قبل مجموعات مسلحة في الأراضي الغربية للبلدة، وتلا ذلك اقتراب تلك المجموعات من منازل المدنيين ومحاولة التسلل إلى الحارة الغربية.
التوتر ليس جديدًا
ما حصل الجمعة الماضي في القريّا ليس بجديد، ففي 6 من تشرين الأول الحالي، أي قبل يومين، اشتبكت مجموعة من مزارعي المنطقة مع مجموعات من عشائر البدو بعد محاولة العشائر رعي الأغنام داخل أراضي المزارعين، دون وقوع إصابات بين صفوف الطرفين.
وفي 11 من تموز الماضي، وقعت اشتباكات في الأراضي الغربية لبلدة القريّا بعد محاولة تسلل مجموعات تابعة لعشائر البدو ومحاولة الاعتداء على المزارعين هناك، ما دفع شباب البلدة وفصيل “حماة الأرض” المشكّل من أبناء البلدة للتصدي لمحاولة التسلل.
ونتجت عن الاشتباك إصابة خلدون مراد، وهو أحد عناصر الفصيل، وطرد مجموعات العشائر من المنطقة.
أما في 19 من حزيران الماضي، فحاولت مجموعات من البدو إشعال النار في الأراضي الزراعية لأهالي البلدة، وتصدى لها فصيل “حماة الأرض”.
وفي 26 من الشهر ذاته، وقعت اشتباكات بعد نصب كمين لعشائر البدو من قبل “حماة الأرض” بعد محاولة العشائر التعدي على الأراضي والرعي الجائر فيها.
أسباب استمرار التوترات على الرغم من الصلح
سامر الدبس، وهو من أبناء بلدة القريّا وأحد المساهمين في الاتفاق الذي عُقد بين السويداء ومدينة بصرى الشام في درعا، قال لعنب بلدي، إن التوترات لا تزال قائمة لأن هناك جزءًا قد جرى حله وهو التوتر الذي كان يحدث مع “الفيلق الخامس” في مدينة بصرى الشام.
ولكن لا يزال هناك جزء آخر متمثل بالتوتر مع مجموعات من عشائر البدو الذين كانوا يسكنون في البلدة، وطُردوا على خلفية ضلوعهم بالاعتداء على البلدة خلال السنوات الأخيرة، وإثارة الفتنة بين محافظتي درعا والسويداء، بحسب سامر.
وأضاف سامر أن تصعيد عمليات الاعتداء من قبل العشائر في الآونة الأخيرة، جاء بعد رفض أهالي القريّا عودتهم إلى البلدة، وعدم القبول بحضور مفاوضات دعت إليها جهات تابعة للنظام السوري من بينها فرع “أمن الدولة”.
وذلك لأن هناك أشخاصًا ضمن عشائر البدو ملطخة أيديهم بدماء أبناء السويداء، وفق سامر، وهذه الاعتداءات على البلدة من قبلهم هي محاولة ضغط على الأهالي للرضوخ وقبول عودة العشائر.
من هو فصيل “حماة الأرض”؟
شكّل أهالي بلدة القريّا في بداية العام الحالي فصيلًا مسلحًا ضمّ أبناء البلدة وأطلقوا عليه اسم “حماة الأرض”.
وجاء تشكيل الفصيل بعد عدم تحرك النظام السوري لحماية المدنيين على الرغم من العديد من المناشدات من أهالي البلدة، ورغبة مزارعي البلدة بزراعة أرضهم، لأن التوترات سبّبت خسائر مادية لديهم وانقطاع لقمة عيشهم.
وثبّت الفصيل عددًا من النقاط في الأراضي الغربية لبلدة القريّا، وكان توعد في بداية تشكيله بالتصدي واستهداف أي محاولة اعتداء على البلدة مهما كانت الجهة المنفذة له، وأوضح أنه يقف صفًا واحدًا بجانب بقية الفصائل المحلية الموجودة في البلدة، بحسب ما أفاد به مراسل عنب بلدي في السويداء.
وصرّح أحد عناصر الفصيل لعنب بلدي حول التوترات الأخيرة (تحفظ عن ذكر اسمه لأسباب أمنية)، أن أبناء عشائر البدو القاطنين غرب بلدة القريّا، وبالإضافة إلى التعديات المتكررة على الأراضي والمنازل والسكان، يستخدمون المنطقة التي بين البلدة وبصرى بتهريب المخدرات بين المحافظتين وإلى الأردن.
وخلال العام الماضي، تصاعد التوتر بين بلدة القريّا بريف السويداء وبين “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا في مدينة بصرى الشام بمحافظة درعا، إذ دارت اشتباكات عنيفة ومتكررة بين فصائل محلية من السويداء و”الفيلق الخامس”، أدت إلى وقوع قتلى وجرحى بين الطرفين.
وعقب ذلك، في تشرين الثاني عام 2020، توصلت محافظتا درعا والسويداء لاتفاق ينهي الخلاف القائم حول السيطرة على أراضٍ متداخلة بين الجارتين، والذي أسفر عن اشتباكات خلّفت قتلى وجرحى.
واتفقت لجان المفاوضات من السويداء ودرعا ممثلة بوجهاء وشخصيات أخرى، على انسحاب قوات “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” من أراضي بلدة القريا بريف السويداء، وتسليمها لأبناء المنطقة، لتشرف الفصائل المحلية على حمايتها بعد إزالة السواتر الترابية.
–