فلاحون تحت رحمة التجار
البطاطا.. محصول درعا الاستراتيجي مهدّد بعد رفع الدعم
عنب بلدي – درعا
“كنت أنوي التسجيل هذا العام للحصول على طنّين من بذار البطاطا لدى الجمعية (الفلاحية)، ولكن بعد إبلاغي بعدم استجرار البذار، صرت ملزمًا بشرائها من التجار، وهذا الأمر مكلف، خصوصًا في ظل استمرار انهيار الليرة السورية مقابل الدولار”.
يشكو المزارع محمد (41 عامًا) لعنب بلدي، ارتفاع سعر طن مادة البطاطا في محافظة درعا، بعد أن أبلغت الجمعيات “الفلاحية التعاونية” مزارعي المدينة، عدم نيتها توزيع بذار البطاطا للموسم المقبل، وأن مصدر البذار سيكون عن طريق القطاع الخاص.
“تركونا لجشع التجار هذه المرة”، وفق ما عبّر عنه محمد، وهو أحد مزارعي مدينة طفس جنوبي درعا، إذ كانت الجمعيات “الفلاحية التعاونية” خلال الأعوام الماضية توزع البذار بسعره المدعوم على الفلاحين، ما يوفر التكلفة على الفلاح ويكسر احتكار التجار للبذار.
لكن بعد هذا القرار صار سعر البذار مرهونًا بأسعار صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي.
مخاوف من أسعار مرتفعة
يتخوف مزارعو درعا من ارتفاع سعر البذار بعد رفع الدعم عنه، إذ من المتوقع شراء كيلو البذار بأربعة آلاف ليرة سورية (حوالي دولار واحد) لهذا الموسم، في حين سلّمته الجمعيات في العام الماضي بـ1200 ليرة (30 سنتًا).
كما يعاني موسم البطاطا في درعا هذا العام من ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض سعر المبيع، وتبدأ زراعة محصول البطاطا للعروة الربيعية (البرنامج الزمني للعمليات الزراعية لمحصول البطاطا) في شهر شباط، وتستمر حتى شهر حزيران، وهو موعد الحصاد.
وخلال جني محصول البطاطا، يبدأ المزارعون بحفظ المحصول كي يشتري تجار التخزين أفضل المحاصيل الموجودة في السوق، ويدخلوها البرادات، استعدادًا لفتح التصدير.
وفي العام الماضي، بلغ سعر طن البذار المدعوم من البطاطا مليونًا و200 ليرة مقابل سعره لدى التجار، ويرجح المزارعون أن يتجاوز السعر المليون ليرة للطن الواحد هذا العام، خصوصًا في ظل غياب المنافس الأقوى، وهو الجمعيات “الفلاحية”.
مَن المسؤول عن رفع الدعم؟
حضّرت الجمعيات “الفلاحية التعاونية” الكشوف الخاصة بالمساحات المراد زراعتها بعد تسجيل الفلاحين على الكميات المطلوبة، وفق ما قاله عضو الجمعيات لعنب بلدي (الذي تحفظ عن ذكر اسمه لأسباب أمنية)، ولكن “أخبرنا المصرف الزراعي في نهاية شهر أيلول، عدم نيته توزيع بذار البطاطا المدعومة على الفلاحين، وأن التجار سوف يستوردون المادة وستكون مطروحة بالسوق المحلية”.
وفي 23 من أيلول الماضي، أصدر مجلس الوزراء السوري قراره القاضي بإيقاف تصدير البطاطا لمدة ستة أشهر، اعتبارًا من 1 من تشرين الأول الحالي حتى 15 من آذار 2022.
ويأتي قرار وقف التصدير هذا، بعد الحديث خلال الأشهر الماضية عن احتمالية تضرر محصول البطاطا في أكثر من محافظة، جراء العوامل المناخية وموجات الصقيع.
وتأثرت محافظة درعا نهاية آذار الماضي بموجة صقيع، وصفها المزارعون بأنها “نادرة الحدوث”، إذ من المعتاد أن تكون بداية الربيع دافئة، لكنهم لا يتذكرون حدوث مثيل لها منذ عام 1997، ما أثر سلبًا على المحصول “الاستراتيجي”.
وفي نفس الفترة خلال 2020، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة قرارًا يقضي بوقف تصدير البطاطا حتى نهاية آذار الماضي.
وعزا حينها رئيس اتحاد غرف الزراعة، محمد كشتو، القرار إلى احتياج السوق.
لكن القرار انعكس بشكل سلبي على المزارعين والتجار في عدة مناطق، ومنها محافظة درعا.
إنتاج ضعيف
اتسم محصول البطاطا للعام الماضي بضعف الإنتاج، ويعود ذلك لموجة الصقيع في آذار الماضي، إذ خُفضت كميات الإنتاج للنصف تقريبًا مقارنة بالأعوام السابقة.
وبلغ إنتاج دونم البطاطا خلال الموسم الماضي طنين، في حين كان معدل الإنتاج للدونم الواحد بين أربعة وخمسة أطنان.
وتتطلب زراعة البطاطا خمسة أمتار من مخلّفات الأبقار، مع كيس بوزن 50 كيلوغرامًا من سماد الآزوت، و100 كيلوغرام من مادة “سوبر فوسفات”، لكل دونم، ويحتاج الدونم إلى 125 كيلوغرامًا من البذار.
وقدرّت مديرية الزراعة في درعا إنتاج المحافظة من العروة الربيعية للموسم الماضي بـ60 ألف طن.
ورغم أن البطاطا من المحاصيل الاستراتيجية في المحافظة، فإن قرار رفع الدعم سيؤثر على المساحات المزروعة نظرًا إلى ارتفاع التكلفة، لذلك قد يتراجع بعض المزارعين عن زراعة مساحات إضافية أسوة بالأعوام السابقة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :