فنادق السوريين في أورفا “بيوت كبيرة” بانتظار العودة
سيرين عبد النور – عنب بلدي
كانت الفنادق مكانًا مؤقتًا يمر بها الغرباء عابرين، لكنها مع طول فترة النزوح السوري تحولت إلى بيوت كبيرة تؤويهم في غربتهم.
“فنادق السوريين بطابعها المميز باتت تشكل أحد أوجه الحياة السورية في تركيا، لأنها أوجدت نمطًا جديدًا من الفنادق والمشاريع التجارية، والتي لم تأخذ من الفنادق سوى اسمها وبعض صفاتها التجارية”، بحسب زهير، وهو من أبناء دير الزور ويقيم في أورفا، مضيفًا ’’هي أقرب إلى البيت الكبير منها إلى الفندق”.
وتنتشر الفنادق في مدينة أورفا التي باتت أحد أكبر تجمعات السوريين في تركيا، إذ تضم أكثر من 400 ألف لاجئ أغلبهم من المنطقة الشرقية من سوريا وخاصة محافظتي الرقة ودير الزور.
مشروع ناجح
بالقرب من يلدز ميدان (عرب ميدان كما يلقبه السوريون) وفي منطقة تنتشر فيها المنازل القديمة، أصبح استئجار المنازل الكبيرة ذات الطابع العربي وتحويلها إلى فنادق صغيرة ظاهرة واسعة الانتشار، إذ نجد أكثر من 20 فندقًا سوريًا بالقرب من منطقة الهاشمية، كما يقول معاوية، الشاب الذي يعمل مديرًا لأحد فنادق المنطقة.
وتوفر مثل هذه المشاريع فرصًا مناسبة للقيام باستثمارات بسيطة وقصيرة الأجل، كما أنها لا تحتاج إلى الكثير من الخبرة في الإدارة، ميزات تجعل منها أقرب إلى اختيار المستثمر، كما أن سهولة التعامل وغياب التكاليف الجانبية تزيد في جاذبية هذه المشاريع لأصحاب رأس المال الصغير، الذين يرون فيها مستوى جيدًا من الأمان والاستقرار وضمان الربح، أما بالنسبة للزبائن فهي توفر مكانًا مقبولًا للإقامة وبأسعار جيدة نسبيًا، بحسب معاوية.
كلام يؤكده عمران، مالك فندق “أريج الفرات”، إذ يقول “مشروع الفندق لا يحتاج إلى مبالغ كبيرة، وفيما تختلف قيمة المبالغ المدفوعة بحسب قيمة المنزل ومنطقته وبعض الجزئيات الأخرى كالأثاث، أما تكاليف المبيت فهي لا تختلف كثيرًا فعشرات البيوت القديمة يؤجر الفراش فيها بشكل يومي وبأسعار متقاربة، إذ تتقاضى الإدارة 10 ليرات تركية عن مبيت الليلة الواحدة و50 ليرة عن الأسبوع، و150 عن الشهر.
لكن مالكي الفنادق أو المشرفين عليها يراعون أوضاع النزلاء المادية، كما يقول معاوية “نحاول جهدنا مراعاة حاجات القادمين كما أننا غالبًا نعفي الزبائن المتعسرين ماليًا”.
وطن في الغربة
هي “مرحلة أولى للحياة في بيئة جديدة”، بحسب العديد من الناشطين السوريين في أورفا، إذ تستقبل القنادق أغلب السوريين حال وصولهم إلى المدينة، للاستراحة من عناء السفر وحتى عثورهم على منزل مناسب.
ولهذه الفنادق نواحٍ إيجابية أخرى، فهي وبحسب عزوز، شاب حلبي مقيم في فندق الروضة، خطوة لإعداد الشاب السوري نحو الاندماج في بيئة جديدة وربما توفر له فرصة للعمل مع نزلاء آخرين.
كل مساء يجتمع عدد من النزلاء في باحة الفندق يتبادلون الحديث عن متاعب العمل وأخبار سوريا، متذكرين وطنهم ومؤنسين وحشة بعضهم، على حد تعبير عزوز، الذي يقول ’’تجمعنا هنا هو جزء من الأمور التي تبقينا في هذا المكان وتمنعنا من البحث عن غربة أخرى، نحن هنا نساعد بعضنا ونحمل أعباء الغربة عن بعضنا”.
يبدي أغلب النزلاء ارتياحهم لهذه البيوت، بسب نمط البناء الذي يذكرهم بالبيوت الشامية في حارات دمشق القديمة، ويعلّق أحد النزلاء “بعض الجدران هنا تستمع أفضل من البشر وربما تكاد تنطق بالعربية”، تعليقٌ دفعنا إلى السؤال عن سكان الفندق وبيئاتهم، فيجيب عمر، أحد نزلاء فندق نبراس، أنهم من جميع الشرائح والطبقات الاجتماعية ومن جميع الفئات العمرية وبعضهم يحمل شهادات علمية عالية.
ويضيف الشاب الذي أدرك استغرابنا بسبب إقامته لأكثر من سنتين في الفندق “أنا هنا كالمسجون في محطة السفر، أستقبل القادمين مستفسرًا عن بلدي وأودع الراحلين موصيًا بعدم النسيان ومنتظرًا ساعة العودة إلى وطني”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :