عنب بلدي – خاص
انعكس تراجع سعر الصرف، وتدني القدرة الشرائية لدخل المواطنين، بشكل مباشر على أسعار المنتجات الرئيسية والمواد الغذائية والتبغ. وساهم تراجع الليرة، ووصول سعر الدولار إلى عتبة 380 ليرة، ومن ثم انخفاضه إلى 366 ليرة في 7 تشرين الثاني الجاري، في تحريك هذه الأسعار للأعلى وبقائها ثابتة رغم تراجع سعر الدولار وتحسن الليرة خلال الفترة الماضية، إذ ارتفعت أسعارالسجائر، وخاصة تلك المستوردة، بنسب تراوحت ما بين 25% إلى 30% حسب النوع، وارتبط ذلك في نقاط البيع بسعر الصرف الدولار، وارتفاع أجور النقل من المخازن الكبيرة إلى تلك النقاط.
وعزا مواطنون وباعة، التقاهم مراسل “عنب بلدي”، سبب الارتفاع إلى صعود سعر صرف الدولار، إضافة إلى الأوضاع الأمنية التي تسببت بفوضى وتراجع عمليات التوزيع، ما سمح للتجار وبائعي الدخان بالتلاعب بأسعارها واحتكارها، وسط غياب أي دور لجمعيات حماية المستهلك.
وفي تصريح لعنب بلدي، قال صاحب محل متخصص ببيع وتوزيع السجائر في حي ركن الدين الدمشقي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إنّ أسعار جميع أنواع التبغ ارتفعت بين 10 ليرات إلى 25 ليرة في الأسبوع الأخير، وفق الجدول التالي:
وبيّن التاجر أن هذا الارتفاع كان له أثر مهم على نسبة المبيعات “التي انخفضت بشكلٍ ملحوظ” مشيرًا إلى أن المبيعات “انخفضت أكثر من 40%”، لافتًا إلى أن المبيع انخفض من 30 كرتونة يوميًا إلى 7 كراتين.
وأكد التاجر أن العادات الاستهلاكية للمدخنين في المجتمع السوري، بدأت تتغير في السنوات الأخيرة فيما يخص استهلاك الدخان، ليضيف مازحًا “هذا مؤشر إيجابي”. وبرز هذا الاتجاه بشكل خاص بعد موجة الارتفاع الكبيرة التي شهدها ثمن التبغ، حيث يضطر المدخن لتغيير نوع دخانه إلى نوعٍ أرخص، ما يؤدي لانعدام بيع بعض الأصناف الفاخرة تدريجيًا.
وأكد الطالب الجامعي عبد المعطي حسن، وهو مدخن، بأنه يلجأ إلى تقليل استهلاكه من اللفائف، حيث يدخن علبة واحدة كل يومين بدلًا من علبة يوميًا، وهذا الاتجاه كان واضحًا لدى الكثير من الشباب الجامعيين ومحدودي الدخل”.
انتشار السجائر المهربة
ولفت تاجر تبغ آخر في شارع الثورة بدمشق، إلى ظهور أنواعِ كثيرة من التبغ مجهول المصدر، ويعتقد أنها “مهربة”، وبأسماء غريبة وأسعار منخفضة، ولاقت تلك الأصناف إقبالًا كبيرًا من المدخنين بسبب رخص أسعارها، إذ يبلغ عدد هذه الأصناف أكثر من 125 نوعًا، مبديًا تخوفه من احتوائها على مواد مسرطنة بنسب عالية مضاعفة عن النسب الموجودة في المواد المضافة للتبغ العادي.
وفيما أكد التاجر خالد تللو، بأن من أبرز مشاكل العمل في هذا المجال أن رامي مخلوف هو من احتكر السوق منذ استلام الأسد الابن للحكم في سوريا، وكان والده مسؤولًا عن “الريجة” (مؤسسة التبغ) في عهد حافظ الأسد، فقد احتكروا السوق بالكامل، وباتوا يوزعون العلامات التجارية حسب الولاءات للحكومة، فتقوم هذه الجهات باحتكار هذا الصنف ومنع تجار المفرّق من “التعيّش” والبيع بأسعار مناسبة، وهو ما يؤدي لخلل في الأسواق، لأن سعر الدخان أمر حساس بشكل كبير ويحتاج لتوازن في الأسعار، ولا يحتمل دخول تجار الأزمة على الخط، على حد تعبيره.
يذكر أن ارتفاع الأسعار في سوريا طال كل شيء، في ظل غياب الرقابة من قبل حكومة النظام على الأسواق، وتحكّم التجار الموالين للنظام بالأسواق والأسعار دون حساب، ما أدى لعدم تمكن المواطنين من تأمين أبسط ضرورياتهم الحياتية في ظل انخفاض كبير لدخلهم، بسبب تدني سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار حيث وصل لحدود قياسية.
تبلغ حاجة السوق السورية من التبغ حوالي 21 ألف طن سنويًا، تغطي الأنواع المحلية نسبة 85% منها، فيما تعتمد بنسبة 15% على الأنواع المستوردة، وفقًا لتقارير رسمية.
رفع أسعار الشراء من المزارعين
من جانب آخر، ومن أجل تشجيع المواطنين على الزراعة والإنتاج في ظل سيطرة التبغ المستورد على الأسواق ومزاحمته المنتج المحلي، أعلنت مؤسسة التبغ التابعة للنظام في اللاذقية مطلع العام الحالي زيادة أسعار شراء محصول التبغ والتنباك لموسم 2015-2016 إلى ما يقارب 76% بشكل وسطي، وقال مدير عام المؤسسة نادر العبد الله، إنه “تم رفع أسعار الأصناف الممتازة وارتفع سعر الكيلو الواحد من صنف شك البنت من 350 ليرة سورية إلى500 ليرة، والتنباك من 200 ليرة إلى 400 ليرة، والبصما من 400 ليرة إلى 700 ليرة، والبريليب من 250 إلى 450 ليرة، وبرلي منشر من 210 إلى450 ليرة ومن 300 ليرة إلى550 ليرة سورية”.
ولفت العبد الله إلى أن “التعرفة الجديدة لشراء المحصول لن تؤثر على أسعار منتجات المؤسسة وليس هناك أي رفع للاسعار حاليًا، مؤكدا أن المؤسسة ستراقب باستمرار ما يطرأ من زيادات كلفة الإنتاج على المزارعين لتعديلها دائمًا بما يتماشى مع توجيهات الحكومة بتحسين ظروف المواطنين المعيشية”.
ووصل معدل تضخم الأسعار في سوريا منذ أيار 2010 لغاية أيار 2015 إلى 430% على أساس سنوي، وبلغ معدل تضخم أسعار التبغ لنفس الفترة 669% و63% بين عامي 2014 و2015.