أوقفت “حرّاقات ترحين” عملها بعد إغلاق معبر “الغزاوية” من قبل “هيئة تحرير الشام” في وجه شحنات المحروقات، بين مناطق شمالي حلب الخاضعة لنفوذ “الجيش الوطني” المدعوم تركيّا، ومحافظة إدلب وريف حلب الغربي الخاضعين لسيطرة “الهيئة”.
وفي حديث لعنب بلدي، قال حسن غانم وهو مالك إحدى “الحرّاقات” في ريف حلب الشمالي، إن إغلاق الطريق بوجه شحنات المحروقات، جاء بسبب امتلاك “الهيئة” المحروقات الأوروبية التي تعتبر أكثر تكلفة قياسًا بالمحروقات المحلية المُعاد تكريرها عن طريق “الحرّاقات”.
في حين اعتبر أن “تحرير الشام” تريد إقصاء منافسيها في المجال، لتجبر المدنيين في مناطق نفوذها على شراء المحروقات الأوروبية التي استوردتها عبر تركيا، عبر إيقاف دخول المحروقات المكررة التي تعتبر مرغوبة بالنسبة للسكان بسبب انخفاض سعرها.
إلا أن مسؤول التواصل في “تحرير الشام”، تقي الدين عمر، قدم لعنب بلدي تفسيرًا مختلفًا عما جاء به أصحاب “الحرّاقات”، مشيرًا إلى أن ما جرى بمحيط معبر “الغزاوية” هو أن “الهيئة” ضبطت بعض محطات بيع الوقود بعد إنذارها بالمخالفة عدة مرات، وتم إغلاق الطريق أمامها لعدم التزامها بقوانين المنطقة.
وأضاف أن محطات الوقود في مناطق سيطرة “الجيش الوطني” كانت تمتهن “التهريب والغش” في مادة المازوت، ما يعود بالضرر الكبير على المستفيدين من المادة من عموم أهالي الشمال الخاضع لنفوذ “الهيئة”.
وبعد تجاهل الإنذار والمماطلة في الاستجابة، باشرت القوة التنفيذية في “تحرير الشام” بقرار توقيف هذه المحطات وإغلاقها، خصوصًا بعد ورود عدة شكاوى بحقها، بحسب مسؤول التواصل في “الهيئة”.
مالكو محطات الوقود في المنطقة، اعتبروا أن ما تحدث عنه المسؤول في “تحرير الشام” ليس حجة مقبولة لإيقاف عمل أكثر من 400 “حرّاقة” لتكرير النفط في المنطقة، إنما هو مسوغ فقط، بحسب ما قاله حسن غانم.
واعتبر غانم أن “الهيئة” خططت لاستيراد المازوت الأوروبي عن طريق معبر “باب الهوى” من تركيا، كما خططت مسبقًا لإغلاق الطريق أمام المحروقات القادمة من شمال حلب، ما يجبر شركة “إمداد” للمحروقات العاملة في ريف حلب الشمالي على توقيع عقد المازوت الأوروبي، لتتساوى أسعار المحروقات بين المنطقتين.
وأكد غانم أن “الهيئة” كانت ترسل ستة مندوبين لشراء المحروقات من مناطق شمال حلب، وبالتحديد من “حرّاقات ترحين”، كما يُسمح لكل مندوب بإدخال سيارة لنقل المحروقات عبر معبر “الغزاوية”، ليكون إجمالي عدد السيارات الداخلة ست سيارات.
وقبل إعلان “تحرير الشام” عن قطع الطريق بعدة أيام، أبلغت مندوبيها بإيقاف شراء المحروقات من “حرّاقات ترحين”، الأمر الذي استمر حتى اليوم.
ليس المنع الأول
حظر “تحرير الشام” لدخول السلع القادمة من ريف حلب الشمالي، لم يقتصر على المحروقات فقط، إذ منعت “الهيئة”، في آب الماضي، إدخال العديد من المواد الغذائية وخاصة الخضار والفواكه إلى مناطق نفوذها.
وتصدر إدارة معبر “باب الهوى” قرارات بين فترة وأخرى تمنع دخول منتجات زراعية محددة خلال موسم قطافها في سوريا، بهدف “دعم الإنتاج الزراعي في الداخل السوري”، وتشجيع المزارعين على الاستمرار في الإنتاج الزراعي، وتوفير المنتجات الزراعية في الأسواق المحلية.
وكانت “الإدارة” منعت، في أيار الماضي، استيراد البصل اليابس والثوم والبطاطا، من بداية حزيران حتى 31 من تموز الماضيين، والكوسا والخيار والجبس والبندورة من 1 من حزيران حتى 31 من آب الماضيين.
كانت إحدى المواد التي منعتها “الهيئة” في مناطق نفوذها هي الفليفلة، الأمر الذي تزامن مع موسم المؤونة الذي يعد ركنًا أساسيًا في تأمين الأسر السورية بعض مستلزماتها الغذائية على مدار السنة، لكن المنع لا يتعلق بالفليفلة، إذ مُنع قبل فترة إدخال الملوخية من ريف حلب.
وكان الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يحيى السيد عمر، أوضح خلال حديث سابق لعنب بلدي، أنه في بعض الحالات، وخاصة في حالة الحركات المستقلة غير المنضوية تحت عباءة الدولة، “تكون القرارات ارتجالية وغير خاضعة لدراسات معمقة من قبل اختصاصيين، لذلك فقد يراد لأي قرار أن يكون إيجابيًا، ولكن في الحقيقة لا يترك إلا الآثار السلبية”.
ويشمل هذا، بحسب الباحث، القرار المتعلق بمنع دخول المنتجات الزراعية إلى إدلب، إذ يقلل من الفوائد الاقتصادية للقرار حتى على حكومة “الإنقاذ” وعلى “تحرير الشام”.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في ريف حلب سراج الدين محمد
–