الليرة السورية تدخل منعطفًا تاريخيًا في الانخفاض

  • 2015/11/08
  • 2:37 م

سامر عثمان – عنب بلدي

تكبدت الليرة السورية الأسبوع الماضي خسائر فادحة أمام الدولار لتسجل أدنى مستوى لها منذ بداية الثورة السورية، إذ وصل سعر الصرف إلى 385 ليرة، ليرفع معه كل شيء ابتداءً من البطاطا وانتهاءً بقائمة لا يمكن عدها لكثرة المواد التي يؤثر بها سعر الورقة الخضراء.

تسلسل الانخفاض

البداية كانت يوم 20 تشرين الأول الماضي، حين رفع مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار مقابل الليرة بمقدار 7 ليرات دفعة واحدة ليصبح بـ 322 ليرة، بدلًا من 315 ليرة.

قبل هذا التاريخ كان المركزي محافظًا على أسعار نشرته منذ عيد الأضحى، رغم الارتفاعات المتتالية في السوق السوداء، لتكون المرة الأولى التي يزيد فيها الدولار بهذه النسبة.

وخلال أسبوع من رفع السعر وتحديدًا يوم 28 تشرين الأول، عاد المركزي ليزيد السعر مرة أخرى لكن بنسبة أكثر بـ 30% عن المرة الماضية، ليرفع السعر بمقدار 10 ليرات دفعة واحدة مسجلًا 332 ليرة، ليعود في اليوم التالي ويرفعه بمقدار 6 ليرات ويصبح 338 ليرة، ثم ثبت بعد ذلك عند 342 ليرة.

أما في السوق السوداء فقد تدرج من 330 إلى أن وصل إلى 385 ليرة، ليتدخل المركزي خلال نهاية الأسبوع الماضي ويخفض السعر إلى 366.

ماذا قال الحاكم؟

حاكم مصرف سوريا المركزي، أديب ميالة، أعلن بعد التراجع الكبير لليرة، بدء حملة موسعة لزيادة معروض القطع الأجنبي في السوق، وتستمر وفقًا لتعبيره حتى إشعار آخر، من خلال بيع شركات ومكاتب الصرافة كافة الطلبات المقدمة من قبلها لشراء القطع الأجنبي بسعر 365 ليرة سورية للدولار.

وأرجع ميالة أسباب الارتفاع المتسارع لسعر الصرف خلال الأيام الماضية إلى ما قال إنها صعوبات في انسياب الليرة السورية والقطع الأجنبي باتجاه حلب نتيجة انقطاع الطرق المؤدية إليها، بالإضافة إلى عمليات التحوط في المحافظات “الآمنة” والتي بدأت بتحويل الليرة السورية إلى قطع أجنبي خوفًا من مزيد من التراجع في سعر الصرف، أو نتيجة عمليات المضاربة التي تقوم بها بعض الجهات المستفيدة من التراجع”.

تفسير ميالة غير منطقي حول حلب، فالنظام استطاع السيطرة على طريق خناصر أثريا، بعد انسحاب تنظيم “الدولة” منه مطلع الأسبوع، ما يؤكد عجز النظام ماليًا وعدم امتلاكه مبررات مقنعة لهذا التدهور.

الحكومة “مطنشة”

تبريرات ميالة غير المنطقية، رافقها تجاهل من حكومة النظام التي عقدت جلستها وكان الدولار بـ 380 ليرة، وختمتها دون أن يتضمن نقاش واقع الليرة أو تذكر في بيانها الصحفي أي تفاصيل عن الإجراءات التي قيل إنها ستصدر لتعزيز صمود واستقرار الليرة.

ولم يظهر أي مسؤول في السياسة النقدية لطمأنة الناس، الأمر الذي اعتبره بعض المحللين مثيرًا للريبة، مشيرين إلى نيّة ترك الدولار يرتفع لمستوى قياسي جديد وتثبيته عنده، ما يخدم حسابات الموازنة المحالة إلى مجلس الشعب لإقرارها.

رأي

المحلل يونس الكريم، وفي تصريح لـ”عنب بلدي”، قال “إن المركزي وحكومة النظام لم يعد بمقدورهما التدخل أكثر في سوق الصرف لعدم توفر السيولة الكافية لهذا التدخل، والسوق بانتظار ثمن بعض السلع التي بيعت إلى العراق وروسيا”.

وأضاف الكريم، “روسيا ليس بنيتها مساعدة النظام ماليًا، وإيران لم يعد بمقدورها الاستمرار بدعم النظام وخاصة أنهم تملكوا ما أرادوا تملكه في سوريا”، مشيرًا إلى أن النظام سيعمد إلى منع الطلب على الدولار، من خلال التشديد على الحواجز للتفتيش على الورقة الخضراء”، مؤكدًا أن العام المقبل سيكون عام “الدلورة”.

مسلسل الأسعار

الأسعار “الملتهبة” أصلًا زادت نيرانها مع ارتفاع الدولار، وترافق ذلك مع فقدان بعض السلع من الأسواق، حيث قالت مصادر من دمشق لـ”عنب بلدي” إن الأسواق شهدت خلال الفترة الماضية ندرةً في بعض السلع الغذائية، إذ يعمد التجار في مثل هذه الحالات لإخفائها ورفع سعرها لاحقًا بهدف الاستفادة من فارق الأسعار، إضافةً لارتفاع معظم المواد في السوق السورية.

ووصل سعر كيلو السمن النباتي إلى 900 ليرة، والزيت 500 ليرة لليتر، والسكر 275  ليرة، في ظل غياب الرقابة التي تقول وزارة التموين لدى النظام إنها تبذل قصارى جهدها في هذا المجال.

كما ارتفعت أسعار معظم المواد والسلع؛ وخاصة الإلكترونيات والتجهيزات المستوردة مع ارتفاع الدولار، فبعض أنواع أجهزة الخلوي التي كانت تباع بسعر 15 ألف ليرة، يتجاوز سعرها حاليًا 40 ألف ليرة، والبرادات التي كانت بـ 40 ألف ليرة تباع اليوم بأكثر من 230 ألف ليرة.

رد فعل المعارضة

تدهور الليرة دفع “اللجنة السورية لاستبدال عملة التداول”، المقربة من بعض فصائل الثورة في حلب، لإصدار قرار بمنع تداول الليرة السورية واستبدالها بالعملة التركية في المناطق المحررة اعتبارًا من مطلع كانون الأول المقبل، في حين شكّك خبراء في هذه الصيغة لاستبدال العملة وقللوا من إمكانية تطبيقها في ظل الاعتماد على الدولار.

وبذلك يكون الدولار ارتفع أمام الليرة السورية من 45 ليرة قبل بدء الثورة في 2011، إلى أكثر من 360 ليرة حاليًا، بينما يتزامن مؤشر ارتفاعه مع الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطن، وعدم قدرته على تلبية العديد من احتياجاته الأساسية، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، بالإضافة لفواتير الماء والكهرباء.

مقالات متعلقة

اقتصاد

المزيد من اقتصاد