عنب بلدي – اسطنبول
“لدينا في سوريا جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر أبًا روحيًا للعدالة والتنمية، لكن أمتارًا قليلة تفصلنا عن تركيا كافية لتحدث هذا التباين بين البلدين”، بهذه الكلمات يعلق الدكتور محمد أبو نواف، عضو المنظومة الطبية في حماة والقريب من الشريط الحدودي، على انتصار حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية التركية، الأحد 1 تشرين الأول.
وُصفت فرحة السوريين بفوز الحزب بالانتخابات، التي تخوّله لتشكيل الحكومة منفردًا، بـ “العارمة”، حتى إن بعض الناشطين اعتبروه “نصرًا” للثورة السورية وخسارة لمحور الأسد وحلفائه.
واجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي تعليقات تقارن الواقع السوري مع ما يحدث في تركيا، على غرار الصحفية نور حداد، التي قالت عبر حسابها في تويتر “أقسم بالله أرغب بالبكاء لمشاهدة هذا العرس الديمقراطي، الأسد أحرق البلد وأحرق قلوبنا معها حتى لا ننعم بمثل هذا اليوم في سوريا”.
ماذا يعني الفوز للاجئين في تركيا؟
ناشطون سوريون يعيشون في تركيا انتقدوا أقرانهم لاحتفالهم بفوز حزب العدالة والتنمية، وأشار بعضهم إلى أن الفوز “يعني بعض السوريين أكثر ما يعنيهم نزوح أهالي المدن والبلدات في سوريا جراء القصف”.
خلود وليد، صحفية سورية تعيش في مدينة غازي عينتاب التركية، قالت إن فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، يعني “فترة أخرى من الاستقرار للسوريين اللاجئين في تركيا، والذين سدت في وجوههم كل الطرق إلى دول الجوار الأخرى”.
وتخوّفت وليد من استمرار “استغلال السوريين كورقة ضغط لتمرير مصالح تركيا السياسية دون وجود قوانين واضحة تنظم وجود اللاجئين فيها، وغموض مصيرهم في الفترة المقبلة”.
محمد حسان، ناشط إعلامي من دير الزور ويعيش في تركيا، قال إن الفوز “سيحمل في طياته نوعًا من الأمان النسبي للسوريين ومستقبلهم داخل تركيا من خلال استمرار الحكومة التركية باحتضان النازحين في المخيمات”.
واعتبر حسان في حديثه لـ”عنب بلدي” أن للفوز تأثيرًا آخر كون تركيا دولة إقليمية “ذات دور مهم” في منطقة الشرق الأوسط وإحدى الدول الداعمة للثورة السورية، “إذ سيؤمن الفوز دعم تركيا للثورة في المحافل الدولية خلال السنوات المقبلة”.
أما حسام، وهو لاجئ سوري في مدينة اسطنبول، فلا يعتقد أن يطرأ تأثير ملحوظ على وضع السوريين في تركيا، “إذ لا يستطيع أي حزب تركي إخراج اللاجئين منها”، معتبرًا قضية السوريين “دولية”، كما أن الشعب السوري “يعيش في ضيافة الشعب التركي وليس في ضيافة الحكومات”.
وأضاف “أنا أستأجر البيت وأشتري حاجياتي من مواطن تركي وليس من الحكومة”، لافتًا إلى أن “الحكومات دائمًا تتخذ مواقف سياسية لمنفعتها الشخصية أما الشعوب فهي من تشعر بأوجاع بعضها”.
ويعيش في تركيا قرابة مليوني لاجئ يتوزعون على المخيمات الحدودية والمدن التركية خاصة في ولاية عنتاب الحدودية، واسطنبول التي نقلوا استثماراتهم إليها.
كلمة الداخل السوري
حميد القطيني، ناشط ومتطوع في الدفاع المدني في ريف إدلب، اعتبر أن فوز حزب العدالة والتنمية أمر “مفرح”، فالحزب “قدم الكثير من الخدمات والتسهيلات للشعب السوري المظلوم ولا شك أننا نأمل بالمزيد من الأعمال لتخفيف الألم الذي يعانيه السوريون في الداخل السوري”.
وبينما توجّه انتقادات إلى الحكومة التركية لإغلاق الشريط الحدودي، يعتقد غالبية السوريين في المناطق المحررة أن أنقرة قدمت تسهيلات لدخول الحالات الإسعافية والطارئة والمواد الغذائية، واستقبلت أهاليهم على أراضيها، على عكس البلدان العربية التي فرضت تأشيراتٍ تحد من دخولهم.
محمد جليلاتي، عضو المكتب التنفيذي في مجلس محافظة حلب الحرة، قال “ننظر بإيجابية لهذا الاستحقاق، ليس من ناحية ما سيكون هل هو أفضل أم لا، لكن من ناحية عدم الانجرار للأكثر سوءًا، ولا سيما بعدما بثه مرشحو الأحزاب الأخرى من وجهات نظرهم للقضية السورية والتعامل مع السوريين، لكن في المقابل لا أستطيع التنبؤ بما سيكون من أمور إيجابية، لأن تركيا دولة لها مصالحها ولها الحق في مراعاتها وظروفها المحلية والدولية المحيطة بهذه المصالح، لكن المؤمل ألا تكون ضد مصالح الشعب السوري”.
وتطالب الحكومة التركية منذ أكثر من سنتين بتأمين منطقة عازلة شمال سوريا، لكنها لم تبدأ بتنفيذ خطوات عملية، وسط رفضٍ من واشنطن والحلفاء في الناتو للمسألة.
ويعتبر السوريون أن المنطقة العازلة ستؤمن ملاذًا لآلاف منهم وملجأ من القصف المتواصل على مناطقهم، وتحول دون هجرتهم وتوزعهم على دول الجوار وأوروبا.
هل يستفيد العسكر؟
المقدم حسين الضماد، قيادي في جبهة الشام التابعة للجيش الحر في ريف دمشق، اعتبر نتائج الانتخابات التركية “فوز للشعب السوري”، فهو يرى أن العدالة والتنمية هو الحزب الوحيد الذي وقف علانية إلى جانب الشعب السوري وثورته، وبتشكيله الحكومة منفردًا يعني أنه سيتابع دعمه للثورة السورية، “ونتمنى أن يتخذ موقفًا حازمًا وصارمًا يمكنه من إزالة نظام الأسد ورموزه”.
وتتلقى كتائب المعارضة “المعتدلة” في الشمال السوري، دعمًا عسكريًا محدودًا بتنسيق تركي سعودي قطري، لكنه لا يعدو كونه سلاحًا دفاعيًا لإيقاف هجمات الأسد وميليشياته المتكررة على المناطق المحررة.
يكاد يتفق السوريون على أنه لا أحد يعمل بشكل جدي لإيقاف الحرب في سوريا، لكنهم يعتقدون أن الحكومة التركية تدافع عن حقوقهم وترفض بقاء الأسد في السلطة مصرحةً بذلك في جميع المحافل الدولية.