تحدث وزير الصناعة في حكومة النظام السوري، زياد صباغ، عن إعداد “خريطة متكاملة” لكل المنشآت الصناعية المتوقفة عن العمل، للتشاركية بين القطاعين العام والخاص، على أن تطرحها الوزارة لاحقًا.
وأوضح صباغ، خلال حديث إلى صحيفة “الوطن” المحلية، الأحد 10 من تشرين الأول، أن الوزارة اتفقت على ثلاثة عقود تشاركية مع القطاع الخاص، وهناك اتفاق رابع ينتظر التصديق في مجلس الوزراء.
يأتي حديث صباغ بعد أن أعلنت وزارة الصناعة في حكومة النظام السوري، في 28 من أيلول الماضي، عن طرح 38 منشأة تابعة لها للاستثمار من قبل شركات وأفراد من القطاع الخاص و”الدول الصديقة”، بهدف إعادة تشغيلها.
لا وضوح لآلية الشراكة
الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن حكومة النظام السوري تسعى وفق هذا الإعلان بتوجه واضح إلى خصخصة المنشآت التابعة للدولة.
وتحدث شعار عن حالة “شبه اتفاق” معروفة حول العالم، تفيد بأن القطاع الخاص أكثر فاعلية من القطاع العام، مضيفًا أن المشكلة في سوريا ليست بالخصخصة وإنما بـ”آليتها”.
وأوضح شعار أن أكثر ما يدعو إلى القلق، في إعلان وزارة الصناعة، هو الطريقة التي طلبت بها الوزارة من المستثمرين تقديم عروضهم الاستثمارية، دون أن تذكر أي تفاصيل إضافية حول شروطها.
ولم تذكر وزارة الصناعة في إعلانها أي محددات واضحة لآلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وكان من المفترض أن تذكر الوزارة نوع الشراكة التي ستوافق عليها، وفقًا لشعار، لتحدد أكثر دور القطاع الخاص المستثمر الذي يحتمل الكثير من الخيارات إذا لم تحددها الوزارة (إما الشراء، وإما التشغيل فقط، وإما العمل وفق مبدأ “BOT” أي نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية).
واعتبر الدكتور كرم شعار أن ذلك سيؤدي إلى حالة من “عدم الشفافية”، إذ ليس من المُستبعد أن يحصل المستثمرون المقربون من النظام على تلك المنشآت “بأبخس الأثمان”، وفق تعبيره.
وانتقد شعار توقيت القرار، واصفًا إياه بـ”أسوأ ما يكون”، موضحًا أن خصخصة منشآت الدولة يجب أن تتم في حالة من الاستقرار الاقتصادي، لتحصيل “تعويض مادي كافٍ” يرقى إلى حجم المنشأة حينها.
وحول أثر توجه الحكومة في هذا الوقت إلى الخصخصة على مستقبل الاقتصاد، قال الباحث كرم شعار، إن الآثار “سيئة”، لأن الحكومة تلجأ إلى بيع أصول استثمر فيها العديد من السوريين لسنوات طويلة بعقود سابقة، “ستذهب بأسعار غير عادلة”.
ووفقًا لما نقله موقع “رئاسة مجلس الوزراء”، في 28 من أيلول الماضي، فإن المنشآت الحكومية التي عرضتها الوزارة للاستثمار متوقفة عن العمل نتيجة “الأعمال التخريبية” التي تعرضت لها خلال العشر سنوات الماضية.
ودعت الوزارة الراغبين بالاستثمار إلى تقديم عروضهم الاستثمارية حتى يوم الخميس 18 من تشرين الثاني المقبل، دون ذكر أي شروط إضافية.
“استجداء” أصحاب الأموال
أكد الدكتور السوري في الاقتصاد كرم شعار، أن قرار عرض حكومة النظام لتلك المنشآت للاستثمار، يعكس بكل تأكيد حالة العوز الاقتصادي الذي تعانيه، والذي لم يعد خفيًا على أحد اليوم.
وحول إمكانية استثمار تلك المنشآت من رجال أعمال سوريين دون الحاجة إلى تدخل أيادٍ خارجية أخرى، قال شعار، إن أغلب المعامل المعروضة للاستثمار تعد من الصناعات الخفيفة، معتبرًا أن وجود مستثمرين سوريين فيها أمر ممكن جدًا، إذ لن تكون تكاليف العمل على إعادة تشغيلها “مرتفعة جدًا”.
وأشار شعار إلى أن الإعلان جاء استكمالًا لقانون الاستثمار، الذي وُضع على طاولة النقاش لأكثر من سنة، وانتهى الأمر بإصداره منذ عدة أشهر، مشيرًا إلى أنه كان “سخيًا بشكل غريب”.
وأوضح الباحث شعار أن قانون الاستثمار الجديد يوضح حالة حكومة النظام التي وصلت بها إلى مرحلة “استجداء” أصحاب الأموال.
وفي 5 من آب الماضي، أعلن مجلس الوزراء موافقته على الصيغة النهائية لمشروع قانون الاستثمار الجديد، بعد تعديل عليه من قبل “هيئة الاستثمار السورية” ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.
ويهدف القانون الجديد، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، “إلى إيجاد بيئة استثمارية تنافسية لجذب رؤوس الأموال، والاستفادة من الخبرات والتخصصات المختلفة، وتوسيع قاعدة الإنتاج وزيادة فرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي، بما ينعكس إيجابًا على زيادة الدخل القومي وصولًا إلى تنمية شاملة ومستدامة”.
لرفد الخزينة
في 20 من أيلول الماضي، تحدث وزير المالية في حكومة النظام السوري، كنان ياغي، عن بدء الوزارة بالعمل على استثمار الأراضي والعقارات المملوكة للدولة.
وأضاف ياغي أن ذلك سيسهم بتأمين “موارد كبيرة ومهمة” للخزينة والموازنة العامة للدولة، موضحًا أن الوزارة لا تفكر بفرض الضرائب على الأراضي المملوكة للدولة، بل تسعى لإعادة استثمارها، “الأمر الذي سيحدث فارقًا حقيقيًا في إيرادات الدولة”، على حد قوله.
وبلغت نسبة الإنفاق الاستثماري في سوريا، خلال النصف الأول من عام 2020، 23% فقط من إجمالي الاعتماد النهائي، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، في تشرين الأول 2020.
وتعارض نسبة الاستثمارات المنخفضة محاولات النظام السوري لجذب الاستثمارات عبر تقديم تسهيلات والترويج للوضع الأمني.
وتركزت نسب التنفيذ العالية بأكثر من 30% في وزارات النفط والنقل والموارد المائية والتربية.
–