محامو وقضاة سوريا يبحثون سبل محاكمة المجرمين خلال الثورة
عنب بلدي – اسطنبول
أقامت منظمة “اليوم التالي” ومجموعة تنسيق العدالة الانتقالية ندوة بعنوان “القانون الدولي وآلية الملاحقة القضائية”، في الفترة الواقعة بين 2 و 4 تشرين الثاني في مدينة اسطنبول، بمشاركة وزارة العدل في الحكومة المؤقتة ومجلس القضاء السوري الحر المستقل، إضافة إلى عدد من روابط ونقابات المحامين وناشطين مستقلين في مجال حقوق الإنسان.
واستعرض المشاركون مجموعة من المواضيع المتعلقة بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي العرفي، والآليات القضائية لتطبيق القانون الجنائي الدولي.
والتقت عنب بلدي على هامش الندوة عددًا من القضاة المشاركين، لبحث وضع القضاء الحالي والمحاكم في الداخل السوري.
وأوضح المستشار وعضو وزارة العدل، مصطفى القاسم، هدف الندوة بقوله “لا نريد لأحد من المجرمين أن ينجو بفعلته، وعليه نبحث إمكانية الحيلولة دون إبرام صفقات سياسية دولية تمنح المجرمين نوعًا من العفو أو الحصانة ضد الملاحقة القضائية”.
وأضاف القاسم “طرحنا التحديات التي تعترض الملاحقة والمقاضاة، وإمكانية وضع استراتيجية ملاحقة قضائية في ضوء الأدوات الأساسية للمقاضاة الفعالة، وإمكانية المباشرة في استخدام هذه الأدوات في الوقت الحالي لملاحقة ومحاسبة المجرمين على اختلاف مستوياتهم، الآمرة والمنفّذة”، وأشار القاسم إلى أن المشاركين تباحثوا في دور المحاكم الدولية والمحلية والمختلطة والولاية القضائية العالمية في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
قضاء النظام: إذلال القضاة
يقول القاضي إبراهيم الحسين، المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء السوري الحر، إن النظام أذل السلطة القضائية عن طريق تقليل عدد القضاة، وبالتالي تكديس الدعاوى وإدخال المراجعين في دوامة الروتين، فضلاً عن منحهم رواتب منخفضة، ويوضح الحسين أن للقضاة المنشقين رؤية حول القانون السوري نفسه، قائلاً “نرى أن القوانين الاستثنائية والمحاكم الاستثنائية هي أساسًا مخالفة للدستور السوري”.
ويوضح القاضي أنور مجني، رئيس مجلس القضاء السوري الحر، أن المحاكم الميدانية التي أحدثها النظام هي أكبر انتهاك لحقوق الإنسان، كونها تتبع لوزير الدفاع وليس للسلطة القضائية، وكانت تستعمل لتصفية الخصوم، كما كان القضاء الإداري أيضًا يتبع لرئاسة مجلس الوزراء بدلًا من تبعيته للسلطة القضائية.
ويرى المجني أن النظام كان سلطويًا شموليًا في استحواذه على القضاء، فكانت المؤسسات الأمنية هي من تتخذ القرار بالاعتقال، وهي من تحيل المتهم إلى القضاء أو تصفيه جسديًا دون محاكمة.
ويضيف أن الدستور السوري أطلق يد الأمن لارتكاب الجرائم؛ بحيث منع عنهم المساءلة القانونية، كما صدر قرار مباشر من القائد العام للجيش والقوات المسلحة لقتل المتظاهرين. ووثقت المنظمات الحقوقية كافة جرائم النظام من القصف العشوائي للمناطق الآهلة بالسكان ومن حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب في السجون حتى الموت.
القضاء في المناطق المحررة
يعتبر القضاة المنشقون عن النظام، أن عمل المحاكم في المناطق المحررة “غير شرعي” من الناحية القانونية، حيث يوضح القاضي إبراهيم الحسين “يجب أن يكون هناك شرعية لإصدار قانون، بحيث ينتقي القانون مجلس منتخب، ولا يتحقق ذلك إلا في ظل دولة، الأمر غير المتحقق حاليًا في الداخل السوري، وعليه، “ما تقوم به المحاكم من إقرار مرجعيات قانونية مخالفة للقانون السوري هو عمل لا شرعية له، إضافة إلى أن فرض مرجعيات قانونية مختلفة يؤدي إلى تقسيم البلاد قانونيًا وهو خطوة أولى لتقسيمها سياسيًا”.
وفي طرق تعيين القضاة خلال فترة حكم النظام، يؤكد الحسين أن “السلطة القضائية في البلاد هي من تعيّن القضاة، ولا يحق للمحاكم تنصيبهم، إضافة إلى أن غالبية المحاكم تُعين غير المختصين في هذا المنصب من شرعيين وغيرهم”، وعليه يعتبر الحسين أن إحداث هذه المحاكم “جرائم حرب”.
وفي هذا الصدد، يبيّن القاضي ومعاون وزير العدل، خالد الحلو، أنّ أحد أهم مطالب الثورة هو الإصلاح القانوني، والفصل الحقيقي للسلطات، “وطالما أنّ المحاكم في الداخل تابعة بشكل مباشر لسلطة الكتائب العسكرية، فإن هذه الكتائب متسلطة وشمولية تماما كما النظام”.
ويعتبر القاضي أنور مجني أنّ سير المحاكم في الداخل انتهاك لحقوق الإنسان، ويوضح ذلك بالقول “المحاكم التابعة للفصائل لا تؤمّن محاكم عادلة، وفي بعض الأحيان لا يوجد محامٍ يدافع عن المتهم، كما يتم في أحيان كثيرة الاحتجاز في أماكن غير مناسبة أو يتعرض المتهم للتعذيب، كممارسات النظام تمامًا”.
والأخطر برأي مجني “أن الحكم يكون قطعيًا”، ويقول “بالرغم من أن القاضي ليس صاحب خبرة أو بأحيان كثيرة غير صاحب اختصاص، إلا أنّ الحكم الذي يصدر عنه قطعيًا، في حين يجب قانونيًا أن يعرض حكمه على هيئتين من بعده لمراجعة حكمه”.
وجمعت الورشة، التي عقدت في المدينة التركية، قرابة 35 حقوقيًا سوريًا من قضاة ومحامين لأول مرة في ورشة عمل، ناقشوا خلالها حقوق الإنسان في سوريا وعرّفوا بأساليب محاكمة مرتكبي المخالفات وجرائم الحرب في سوريا خلال الفترة الانتقالية وفي المستقبل، وخرجوا في نهايتها بمجموعة من التوصيات، وشكلوا لجنة من 7 أشخاص للتنفيذ ومتابعة ما نتج عن الورشة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :