أسماء رشدي
يخطئ الوالدان بكثرة التركيز على أخطاء أبنائهم، وخاصة ما يتعلق بالواجبات المدرسية، مثل ملاحظة بعض الأخطاء الإملائية، وتجاهل مقدار الجهد الذي قام به الطفل. كما يبتعد بعض الآباء عن التعليقات الإيجابية على الأشياء التي يقوم بها أبناؤهم بها بشكل جيد.
سرعان ما يتبادر إلى ذهن الطفل الاعتقاد بأنه مرتكب للأخطاء أكثر من كونه قادرًا على أداء الأشياء بالشكل الصحيح، وبالتالي يعاني الطفل من الإحباط، الذي يؤدي إلى مزيد من الأخطاء ويجلب المزيد من الانتقادات من الوالدين، وهكذا.
بالطبع يحتاج الأطفال إلى تصحيح أخطائهم عندما يخطئون، فذلك يساعدهم على معرفة ما يجب القيام به بشكل مختلف في المرات المقبلة. ولكنهم يحتاجون أيضًا إلى سماع أضعاف من التعليقات الإيجابية عندما يقومون بأداء الأشياء بالشكل السليم، وذلك لتحقيق التوزان بين التأثير الذي يمارسه انتقادنا لهم وبين احترامهم لذاتهم.
الهجوم الشخصي والرغبة بالكمال
عندما نطلق على أطفالنا صفات مثل كسول، مهمل، أو غبي، فإننا في هذه الحالة نهاجم ثقتهم بأنفسهم وجوهر شجاعتهم. ليس هذا فقط؛ إن مثل هذه الأساليب عادة ما تأتي بنتائج عكسية. لو كنت تصف طفلك بأنه كسول، فماذا تتوقع في المستقبل غير سلوك كسول؟ بدلًا من ذلك قم بالتركيز في تعليقاتك على سلوك المشكلة، فلا تقل له “لماذا أنت كسول جدًا”، بل قل مثلًا “أنت لم تقم بأداء واجبك المنزلي”.
هناك شكل آخر أكثر أذية من الهجوم على الشخصية، وهو الكمال، أي الميل الدائم إلى الضغط على الطفل لطلب المزيد منه لكي يقوم بالأمور على أكمل وجه دون النظر إلى جهده المبذول. إن هذه الرسالة الكمالية، والتي تعني أنه “بغض النظر عن مدى ما قمت به، يجب أن تعمل على أداء واجياتك بشكل أفضل”، ترسخ عند الطفل فكرة سلبية عن نفسه، بأنه ليس جيدًا بما فيه الكفاية، وبالتالي يفقد الدافعية إلى الإنجاز “أنا لن أكون قادرًا على أداء الأشياء جيدًا بما فيه الكفاية على أي حال، فلماذا أحاول؟”. وحتى عندما نلاحظ بعض الأطفال يستمرون بالمحاولة، فإنهم لا يشعرون بالاطمئنان والثقة في قدرتهم على الإنجاز، وربما بعد أن يتمكنوا من أفضل تحصيل، بدلًا من التمتع بالإنجاز، يشعرون بالقلق من التحدي المقبل لكمالهم. إضافةً إلى أن مثل هذا التفكير الكمالي قد ثبتت علاقته باضطرابات الأكل والاكتئاب لدى المراهقين.
التوقعات السلبية
في تجربة علم النفس الكلاسيكية، تم إخبار المعلمين أن نصف الطلاب في فصولهم الدراسية قد حصلوا على درجات عالية في مقياس توقع النجاح الأكاديمي، بينما النصف الآخر حصلوا على درجات أقل. ولكن في الواقع تم اختيار المجموعتين بشكل عشوائي بغض النظر عن قدراتهم الأكاديمية. في نهاية الفصل الدراسي، أي مجموعة تتوقع قد حصلت على درجات أفضل؟ في الحقيقة المجموعة التي تم إخبار المعلمين بأنها أفضل، حصلت بالفعل على درجات أفضل، ومن هنا فإن توقعات المعلمين السلبية للمجموعة الأخرى كانت عاملًا مهمًا في إظهار ضعف أدائها، ومن ذلك نصل إلى أن التوقعات السلبية من المعلمين وأولياء الأمور لا تشجع الطفل على المحاولة.
إن أطفالنا يتمكنون من الشعور بنا عندما نتوقع منهم الأسوأ، حتى لو كنا لا نستخدم الكلمات. مثلًا إذا كنت تشعر بداخلك بأن طفلك ميؤوس منه في الرياضيات بالرغم من أنك تخبره “أنا أعلم أنك تستطيع القيام بذلك”، ولكن نبرة صوتك تعطي رسالة مختلفة، أو فقط تنتظر بضع ثوان لطفلك للإجابة على السؤال ومن ثم تعطيه الجواب على عجل. حتى ولو كنت غير واع لذلك فإن الرسالة التي سوف يستلمها طفلك “أنت تعرف أني لن أتمكن من معرفة الإجابة”.
الحماية الزائدة
عندما نقوم بأداء كل ما يمكن للطفل القيام به بنفسه، فإننا نرسل له هذه الرسالة “لا يمكنك القيام به”. يجب أن يعطى الطفل مجالًا للتغلب على إحباطه بنفسه، وحل مشكلاته الخاصة، وقبول النتائج المترتبة على خياراته. إن الطفل المحمي بشكل زائد يتخلى عن الأشياء بسهولة عندما تصعب عليه. وسرعان ما يبدأ بالصراخ وطلب المساعدة، والبحث عن شخص آخر لحل مشكلاته، ناهيك عن العديد من المخاوف غير الواقعية التي تعيق نموه الطبيعي.
السؤال هنا كيف يمكن للوالدين معرفة فيما إذا كان الطفل يطلب حماية معقولة أو حماية أكثر؟
اسأل نفسك ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث إذا لم أقم بالتدخل.
لا تقم أبدًا بأداء الأمور التي يستطيع طفلك القيام بها لنفسه. كن حذرًا من تبرير “إنه من السهل عليّ القيام به بنفسي”، أي على الوالدين، نعم قد يكون ذلك أسهل وأسرع على المدى القصير، ولكن فكّر في الأذى والضرر الذي يمكن أن تسببه لطفلك على المدى الطويل.
أخيرًا إن الطفل قد لا يكون قادرًا على القيام ببعض الأمور لنفسه، وبالتالي يمكن أن تمثل تحديًا له، بما في ذلك الواجبات المدرسية.