حتى الرياضة التي وجدت للنأي بالنفس وترويضها بعيدًا عن تعقيدات السياسة، لا تخلو من المؤامرات الكروية، ليطلع نجم على حساب آخر أو يأخذ فريق فرصة غيره، وسنورد في هذا التقرير أشهر المؤامرات الكروية في تاريخ المستديرة.
ألمانيا الغربية والنمسا في كأس العالم 1992
المؤامرة الأشهر في تاريخ الكرة العالمية، كانت في مونديال إسبانيا 1982، وأدت إلى حرمان المنتخب الجزائري من التأهل للدور الثاني من البطولة.
في 16 حزيران 1982 واجهت الجزائر في أول مباراة لها في المونديال ألمانيا الغربية، وانتهى الشوط الأول سلبًا، لكن الشوط الثاني شهد مفاجأة بتسجيل رابح مادجر هدف التقدم للمنتخب الجزائري، ورد عليه الألمان بهدف التعادل بعد دقائق قليلة، ثم تمكنت الجزائر من تسجيل الهدف الثاني، لتنتهي المباراة بفوز تاريخي للمنتخب الجزائري على ألمانيا الغربية.
في نفس المجموعة فازت النمسا على تشيلي بهدف يتيم، وعوض الألمان خسارتهم بفوز كبير على تشيلي بأربعة مقابل هدف وحيد.
في الجولة الثانية ربحت النمسا على الجزائر، ليصبح المنتخب العربي مطالبًا بالفوز بفارق ثلاثة أهداف على تشيلي إذا ما أراد اللحاق بركب المتأهلين، بغض النظر عن نتيجة مباراة ألمانيا والنمسا التي ستقام في اليوم التالي لمباراة الجزائر.
وحقق الجزائريون مرادهم في الشوط الأول لمباراة تشيلي بالتقدم بفارق 3 أهداف، وانتهت المباراة بنتيجة غير مطمئنة بثلاثة أهداف للجزائر مقابل هدفين.
في اليوم التالي أقيمت مباراة ألمانيا الغربية والنمسا وكانت ألمانيا مطالبة بالفوز للتأهل لأن التعادل والخسارة سيؤهل الجزائر، وسجل الألمان الهدف في الدقيقة العاشرة من عمر المباراة ثم تحولت المباراة إلى مباراة مملة، وساد تبادل الكرة وسط الملعب بين الفريقين، ولم تتغير النتيجة حتى نهاية المباراة، ما يضمن تأهل ألمانيا والنمسا معًا، فلو خسرت النمسا بفارق أكثر من هدف أو تعادلت أو ربحت لتأهل المنتخب الجزائري بدلًا من أحدهما.
واعترف اللاعبون الألمان بعد سنوات طويلة بالتآمر مع النمسا لإقصاء الجزائر، وعبروا عن شعورهم بالعار وقدموا اعتذارهم للبلد العربي، ومن أبرز اللاعبين شوماخر، حارس منتخب ألمانيا الغربية في ذلك الوقت، الذي زار الجزائر عام 2008 وصرح أن المنتخب الألماني رتب اللقاء مع النمسا.
وأضاف شوماخر “ها أنا الآن بينكم في الجزائر، أعتذر للمدرب محيي الدين خالف، واللاعبين ماجر وبلومي، وكل الشعب الجزائري على تلك الحادثة، والتي عرفت باسم فضيحة خيخون”، نسبة إلى مدينة خيخون الإسبانية التي جرت فيها المباراة.
وقرر الفيفا بعد كشف المؤامرة أن تقام مباريات الجولة الأخيرة في التوقيت ذاته حتى لا يكون أحد ضحية للتآمر كما حدث للجزائريين، اعتبارًا من المونديال التالي 86.
البرازيل والنرويج في كأس العالم بفرنسا 1998
النرويج في مواجهة البرازيل أبطال العالم، المواجهة المحسومة من الناحية النظرية لصالح البرازيل، بينما يواجه المغرب منتخب اسكتلندا في ختام مباريات المجموعة الأولى في كأس العالم 98.
تقدم المنتخب البرازيلي قبل نهاية اللقاء بـ 12 دقيقة، بينما كان المنتخب المغربي في طريقه لسحق اسكتلندا بثلاثية نظيفة.
ومع الدقيقة 83 تتحول الكفة فجأة لصالح النرويج بهدفين في 5 دقائق، ليخسر منتخب البرازيل حامل اللقب خسارة تاريخية، يخرج بمقتضاها رفاق مصطفى حاجي المغربي إلى خارج المونديال.
وثار الإعلام العربي وقتها مطالبًا بحقوق المغرب، متهمًا البرازيل والنرويج بالتواطؤ لإخراج الفريق المغربي من المونديال، ولكن دون جدوى.
لا تزال “المؤامرات الرياضية” تحصل حتى اليوم وبطرق مختلفة تأخذ منحىً غامضًا، وآخرها تهم الفساد والرشاوى التي هددت الفيفا في حقبة رئيسه جوزيف بلاتر.
الدنمارك والسويد في بطولة أوروبا 2004
تعادلت فرق إيطاليا والسويد والدنمارك وقتها في المواجهات المباشرة في دوري المجموعات، وفازوا جميعًا على بلغاريا.
وكانت لائحة البطولة تشير إلى أنه في حال تساوي ثلاث فرق في النقاط سيتم اللجوء إلى الرصيد الأكبر من الأهداف المسجلة لصالح أحد الفريقين في المواجهات المباشرة، أي أن النتيجة الوحيدة التي كانت ستصعد بالسويد والدنمارك معًا هي التعادل بنتيجة أكبر من هدف لهدف، مثل هدفين لهدفين أو ثلاثة لثلاثة.
وبعد تقدم الدنمارك بهدف في الدقيقة 28 أدركت السويد التعادل مع بداية الشوط الثاني، ثم تقدمت الدنمارك مرة أخرى في الدقيقة 65، قبل أن يعدل الفريق الأصفر النتيجة في الدقيقة 90 بعد سقوط الكرة من حارس مرمى الفريق الدنماركي.
وبعد الوصول إلى التعادل “المطلوب” بين دولتي الشمال الأوروبي، توقفت الكرة في منتصف ملعب السويد لمدة 3 دقائق دون أن يتقدم لاعب دنماركي، وسط هتافات احتفالية واحدة من جمهور الفريقين، وأظهرت الكاميرات التلفزيونية مشجعًا دنماركيًا يحمل لافتةً مكتوبًا عليها باللغة الدنماركية “انتصار دول الشمال”.
واتهمت إيطاليا الفريقين بالتواطؤ، وترتيب نتيجة المباراة قبل بدايتها، وتقدمت باحتجاج رسمي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي رفض ذلك الاتهام.