"جهاديون" مستهدفون..
تضارب مصالح يبقي قادة “تحرير الشام” خارج دائرة الاغتيال
عنب بلدي– علي درويش
ركّز التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، على استهداف “جهاديين” منضوين في تنظيم “حراس الدين” بشمال غربي سوريا، إضافة إلى آخرين مستقلين، بإطلاق صواريخ ذكية سواء من الطائرات المسيّرة أو الحربية.
وقُتل ستة قادة من “حراس الدين” (فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا) منذ حزيران 2020، وطالت الاستهدافات في بعض الأحيان قادة الصف الأول في التنظيم، دون تسجيل استهداف لـ”هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ في محافظة إدلب وجزء من ريف حلب الغربي.
ولا تزال “تحرير الشام” مصنفة على لوائح “الإرهاب” في مجلس الأمن الدولي، حالها في ذلك حال “حراس الدين” و”القاعدة” وغيرهما من التنظيمات “الجهادية” سواء المحلية أو الإقليمية والدولية.
ظهرت “تحرير الشام” لأول مرة في سوريا نهاية 2012، تحت مسمى “جبهة النصرة لأهل الشام”، وهي فصيل تميّز بخروجه من رحمي “القاعدة” وتنظيم “الدولة الإسلامية”، أبرز الفصائل “الجهادية” على الساحة العالمية، وأعلنت لاحقًا انفصالها عن أي تنظيم، واعتبرت نفسها قوة سورية محلية.
الاستهداف لأشخاص بغض النظر عن تبعيّتهم
مع كل استهداف لعناصر “حراس الدين”، تتوجه الأنظار إلى “تحرير الشام”، واتهمها بعض معارضيها بأنها تقف خلف استهداف “الحراس”، وأنها هي من تعطي معلومات استخباراتية للتحالف الدولي للخلاص من “الحراس”.
الاتهامات ضد “تحرير الشام” جاءت لسببين أساسيين، بحسب ما رصدته عنب بلدي، الأول أنها لا تزال مصنّفة على قوائم “الإرهاب”، وتحركات قادتها معروفة وواضحة أكثر من “حراس الدين” الذين يتخذون تدابير أمنية مضاعفة، والثاني هو الخلاف بين “تحرير الشام” و”الحراس”، وملاحقة الأولى لعناصر وقادة “الحراس” وزجهم في سجونها، ووصول الخلاف في حزيران 2020 إلى الاشتباك المباشر.
رئيس وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، الباحث نوار شعبان، قال لعنب بلدي، إن أي شخص يطّلع على القضية يقول إن “تحرير الشام” تتعامل مع الجانب الأمريكي، وبالتالي هي من يقوم بالأمر، لكنه نفى أن يكون ذلك صحيحًا، مشيرًا إلى أن عناصر وقادة “حراس الدين” كانوا سابقًا أعضاء في “تحرير الشام”.
الولايات المتحدة تنظر إلى الأشخاص الذين استهدفتهم على أنهم أشخاص خطرون بغض النظر عن تبعيتهم الفصائلية، وهم مصنفون “إرهابيين” عندما كانوا في “تحرير الشام”، بحسب شعبان، أي أن “الاستهداف يكون للشخص وليس للفصيل، ولأشخاص خطورتهم تتعدى في بعض الأحيان المنطقة الجغرافية التي يوجدون فيها بغض النظر عن تبعيّتهم الفصائلية”.
وإذا أرادت أي جهة ضرب “تحرير الشام”، تستهدفها كمنظومة أمنية أو اقتصادية، وضرب حكومة “الإنقاذ” وتجفيف مواردها.
وتدير حكومة “الإنقاذ” الشؤون المدنية في مناطق سيطرة “تحرير الشام”، وتُتهم الأخيرة بتحكّمها بجميع تفاصيل الحكومة، وهو ما ينفيه الطرفان.
وكررت “تحرير الشام” اعتقال “جهاديين” سواء من المجموعات المستقلة غير المنضوية ضمن تشكيلاتها، أو ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تضم “تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” و”جيش العزة”، والمسؤولة عن العمليات العسكرية في محافظة إدلب وريف حلب الغربي وسهل الغاب شمالي حماة، وتلال وريف اللاذقية الشرقي.
ويغلب على قادة وشرعيّي “حراس الدين” انتماؤهم السابق لـ”تحرير الشام”، وشغلهم مراكز حساسة، إلا أن تخلّي “تحرير الشام” عن تبعيتها لـ”القاعدة”، والتغييرات التي أعلنت عنها، أدت إلى انشقاقات متلاحقة من صفوفها عام 2017، خاصة التيار المحسوب على “القاعدة”، والذي لا يزال محافظًا على أيديولوجيته.
وشدّدت “تحرير الشام” منذ النصف الأول من العام الماضي تضييقها على الجماعات “الجهادية”، ولاحقت من انشق عنها وأسس فصائل مستقلة، كالقيادي السابق في صفوفها (أمير قطاع القلمون وريف دمشق) “أبو مالك التلي”.
ولاحقت قيادات مطلوبة على المستوى الدولي وخاصة من قبل الروس، كـ”أبو صلاح الأوزبكي”، إذ اعتقلت بعضهم وأفرجت عنهم في وقت لاحق من العام الماضي، وتراجع بعدها حضورهم على الساحة.
وجرت اشتباكات بين “تحرير الشام” وغرفة عمليات “فاثبتوا”، التي كانت تضم أبرز الفصائل “الجهادية” وعلى رأسها “حراس الدين” في حزيران 2020، موقعة قتلى من الطرفين.
وانتهت بتوقيع اتفاق نصّ على منع نشر أي حواجز أو شنّ أي عمل عسكري ضد قوات النظام إلا بعد التنسيق مع غرفة عمليات “الفتح المبين”.
مصالح دولية بعدم استهداف “تحرير الشام”
أشار الباحث نوار شعبان إلى أن بعض قادة “تحرير الشام” المحليين بنظر بعض الدول هم من يضبط الواقع الأمني، وفي حال استهدافهم سيؤدي ذلك إلى خلل أمني، وهذه الدول ليست حاليًا بصدد خلق هذا الخلل.
وإذا أرادت روسيا خلق أزمة أمنية تستهدف قادة “تحرير الشام” بشكل رئيس، لكن الروس ليس من مصلحتهم أيضًا إضعاف “تحرير الشام” حاليًا باستهداف قادة الصف الأول كما حدث مع قادة حركة “أحرار الشام”.
وقُتل نتيجة انفجار مجهول، في أيلول 2014، عدد من القادة العسكريين البارزين في “أحرار الشام”، أبرزهم حسان عبود (أبو عبد الله الحموي) قائد ومؤسس الحركة، و”أبو طلحة الحموي” القائد العسكري، و”أبو يزن الشامي” عضو مجلس الشورى، و”أبو عبد الملك” الشرعي العام، و”أبو أيمن طعوم” “أمير إدلب”، و”أبو الزبير الحموي” “أمير حماة”.
واستهداف الروس قادة “تحرير الشام” سيخلق فراغًا، ما يجبر تركيا على “الاستثمار أمنيًا في إدلب بشكل أكبر”، وهو ما سيمنع روسيا في المستقبل من تنفيذ هجوم عسكري أو عدم تنفيذه، أي أن “(تحرير الشام) تملأ الفراغ حاليًا بالنسبة لروسيا، ولا تثير “الهيئة” ما يزعجها، لذلك تتعامل معها لاحقًا”، حسب شعبان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :