تقف صبحية الحامد (40 عامًا) وهي من أهالي مدينة القامشلي، منذ الساعة التاسعة صباحًا في طابور طويل أمام أحد مراكز البيع الخاصة بـ”الإدارة الذاتية” تنتظر دورها للدخول إلى الصالة بفارغ الصبر، خائفة من نفاد كمية السكر، قبل أن تستطيع الحصول على حصتها.
تقول السيدة الأربعينية، لعنب بلدي، وهي أم لخمسة أولاد، إنها بحثت في جميع المحال الموجودة في الحي حيث تقطن لكن دون جدوى.
حاولت صبحية اليوم الشراء من السوق ليخبرها أصحاب محال التجزئة أن مادة السكر مفقودة منذ عدة أيام، فتوجهت بعدها إلى الصالة الخاصة بـ”الإدارة الذاتية”.
لا تخفي السيدة صدمتها من الوضع أمام الصالة من أجل كيلو من السكر، فالكل يبحث عنه قبل أن يبدأ الحظر الكلي، وهو ما زاد من اندفاع السكان إلى الصالات وخوفهم كذلك من تمديد حالة الحظر المعلنة لأكثر من أسبوع.
أمام الصالة تحاول مجموعة عناصر من “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) وضع دور للنساء وآخر للرجال، لكن سرعان ما تختلط الأمور ويعلو الصياح مرة أخرى بمجرد غياب الدورية الأمنية.
وسط الزحام، يخرج المواطن محمد حسين (50 عامًا) يرفع الكيس بيده عاليًا، ويقول لعنب بلدي، إنه “محظوظ” بعد أن استطاع الحصول على كيس من السكر بوزن عشرة كيلوغرامات، عقب “معركة التدافع” مع عشرات المتجمهرين من النساء والرجال أمام الصالة، مضيفًا أنه لو توفر السكر خارج الصالة لاشتراه مهما كان السعر وجنّب نفسه هذه “البهدلة”، على حد وصفه.
الإعلان عن الحظر الكلي الذي تزامن مع فقدان المادة من الأسواق أربك السكان وخلق تباينًا في الأسعار يصعب السيطرة عليه، بحسب ما نقله عدة مواطنين لعنب بلدي.
ووفق فاتورة مبيعات من الصالة، اطلعت عليها عنب بلدي من بعض المواطنين، فإن كيس السكر بوزن عشرة كيلوغرامات يباع بـ18 ألفًا و600 ليرة سورية (خمسة دولارات تقريبًا)، أي أن سعر الكيلوغرام الواحد 1860 ليرة.
في حين تراوح سعره بعد جولة قامت بها عنب بلدي على بعض محال التجزئة بين 2300 و3000 ليرة سورية، علمًا أن هذه المحال قليلة، وفي أغلبيتها لا تتوفر المادة.
كما ضمّت الفاتورة أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية التي حرص المواطنون على شرائها بعد قرار الحظر الكلي الذي سيدخل حيز التنفيذ غدًا السبت 24 من أيلول، إذ تحدد الصالة سعر أربعة ليترات من الزيت بـ17 ألفًا و700 ليرة سورية، والأرز 600 غرام بـ1600 ليرة.
“الإدارة الذاتية”: أزمة السكر مفتعلة
من جانبها، اعتبرت “الإدارة الذاتية” مطلع أيلول الحالي أن أزمة السكر مفتعلة.
وبحسب الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد والزراعة في “الإدارة”، سلمان بارودو، فإن التجار يحتكرون مادة السكر في مخازنهم ويعرضون كميات قليلة في السوق، ما يؤدي إلى إقبال الناس على اقتنائها بكميات كبيرة زائدة على حاجتهم خوفًا من انقطاعها.
وأضاف في حديث لموقع “الإدارة”، أن تهريب مادة السكر خارج شمال شرقي سوريا، والضغوطات السياسية من دول الجوار، من أسباب نقص السكر في الأسواق.
“الرئيس المشترك للجنة التموين وحماية المستهلك” التابعة لـ”الإدارة”، رمضان حسن، صرّح لإذاعة “آرتا إف أم” المحلية اليوم، الجمعة 24 من أيلول، أن الأزمة مؤقتة وتعود لامتناع تركيا عن إدخال السكر إلى مناطق “الإدارة الذاتية” عن طريق جرابلس والباب.
وأضاف أن السكر القادم عن طريق معبر “سيمالكا” أيضًا يأتي بكميات قليلة منذ أكثر من ثلاثة أيام، متحدثًا عن تعميم على المحال بـ”ألا تبيع أكثر من كيلو واحد من السكر للعائلة الواحدة لحين انتهاء هذه الأزمة”.
وتستورد “الإدارة الذاتية” السكر من مصدرين أساسيين هما شمالي العراق عبر معبر “سيمالكا” ومن تركيا عبر مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” في ريف حلب، وكميات قليلة تأتي من مناطق سيطرة النظام.
–