عنب بلدي- درعا
لم يتوقع نبيل (33 عامًا) تراجع منسوب المياه التي تضخها الآبار التي تعمل على الطاقة الشمسية، لتأمين سقاية المحاصيل الصيفية في أرضه الواقعة بمدينة درعا جنوبي سوريا، بسبب كثرة الأيام الغائمة طوال النهار خلال أيلول الحالي.
البدائل المطروحة لضخ المياه إلى المحاصيل في درعا مكلفة إذا ما قورنت بتلك التي تعمل على الطاقة الشمسية، بالتزامن مع غلاء أسعار المحروقات، وانقطاع التيار الكهربائي، فـ”الكهرباء لا تعمل سوى ساعتين بالنهار وساعتين بالليل”، وفق ما قاله نبيل لعنب بلدي.
“ما زال وضع الكهرباء سيئًا حتى بعد التسوية، وقد يستمر انقطاع الكهرباء ساعات أو أيامًا، فلا وجود لبرنامج واضح يحدد ساعات التغذية”، أضاف نبيل (الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية).
طاقة تحجبها الغيوم
اعتاد الناس في درعا الواقع السيئ لخدمة شبكة الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات، لذلك صار وجود ألواح الطاقة الشمسية أمرًا أساسيًا في معظم المنازل.
واعتمد أغلبية فلاحي درعا على تركيب ألواح الطاقة الشمسية كبديل عن المحروقات، وتعمل الآبار عليها بمعدل عشر ساعات يوميًا من دون أي تكلفة، ولكن مع تكاثر الغيوم خلال الفترة الماضية، انخفض إنتاج المضخات، ما تسبب بحالة إرباك و”قلق دائم لحدوث خسارة بتكلفة زراعة المحاصيل”، وفق ما يشعر به نبيل، المزارع الثلاثيني.
يفكر المزارعون بحلول لإبقاء المضخات على أعلى مستوى تشغيل لها بغض النظر عن الطقس، دون الرجوع إلى المحروقات المكلفة أو الكهرباء غير المتوفرة في معظم الوقت، وفق ما قاله نبيل، ولكن إلى حين حصول ذلك، تبقى تلك البدائل التقليدية في توفير الطاقة هي الحلول الإسعافية لدى المزارعين.
المازوت بديل مكلف
لجأ بعض المزارعين بعد تكاثر الغيوم للتشغيل على المازوت، إذ وصل سعر الليتر الواحد منه إلى أربعة آلاف ليرة سورية (أكثر من دولار)، ويحتاج المزارع بشكل وسطي، حسب نوع المضخة وعمق المياه، إلى أربعة ليترات في الساعة، أي ما يعادل 16 ألف ليرة (أكثر من 4.5 دولار) لكل ساعة تشغيل.
ويحتاج أغلب المزارعين إلى 40 ليترًا كبديل عن تغذية الطاقة الشمسية، وهو أمر مكلف ويسبب خسارة للفلاح، لذلك قرر بعضهم التراجع عن زراعة قسم من محصولهم.
يشكو المزارع عدنان (35 عامًا) لعنب بلدي من عدم قدرته على سقاية أشجار الرمان في أرضه، ما أدى إلى تشقق في ثماره أثّرت على الإنتاجية الموسمية للمحصول.
وقال عدنان (الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، إن خيار السقاية على المازوت هو خسارة مستقبلية، ولن يغطي الإنتاج التكاليف، ولأن الغيوم تقتل الطاقة الشمسية، لذلك قرر الاقتصاد في ري المحصول.
يمتلك عدنان مزرعته في مدينة طفس غربي درعا، حيث تعتبر المنطقة المحيطة بطفس من أهم المناطق الزراعية في درعا، لكثرة الآبار فيها، ومياه السدود كسد “غربي طفس”، وكذلك قربها من سوق “الهال” في المدينة.
لكن مع غياب الطاقة المناسبة لضخ المياه، تبقى أغلبية تلك الآبار دون الاستفادة منها بشكل كافٍ، وفق ما قاله المزارع عدنان.
وكان مدير مديرية زراعة درعا، عبد الفتاح الرحال، أعلن في أيار الماضي، عبر وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، عن الخطة الإنتاجية للمديرية خلال العام الحالي.
واعتبر الرحال أن أهم سمات الخطة الإنتاجية المقترحة، زيادة مساحة المواسم الشتوية، بنسبة 5%، على حساب الموسم الصيفي، لزيادة مساحات القمح وتقليل استهلاك المياه.
وتحدد عدة عوامل جغرافية كثافة الغيوم في درعا وتكرارها لفترة معيّنة، حيث لا تخلو منطقة من الغيوم، ولكن تتفاوت في كمياتها وتوزيعها إلا أنها لا تتسم بتمركزها في منطقة واحدة.
كما تحدد الغيوم إمكانية إنتاج الطاقة الكهربائية من ضوء الشمس، في الأشهر التي ترتفع كمياتها خلال فصل الخريف مع تزايد أيام السماء الغائمة.