بعد تقلّبات في مواقف عدد من الدّول
المعارضة السورية تتحرك ضد التطبيع العربي مع نظام الأسد
أجرت “هيئة التفاوض السورية” و“الائتلاف الوطني السوري” تحركات دبلوماسية، في محاولة لإيقاف بوادر التطبيع العربي مع النظام السوري.
وعقد رئيس “الائتلاف”، سالم مسلط، ورئيس “هيئة التفاوض السورية” اجتماعًا مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الخميس 23 من أيلول، للتأكيد على رفض المعارضة عودة النظام السوري إلى مقعده في الجامعة العربية.
ونوقشت خلال الاجتماع الأوضاع الميدانية، ومختلف مراحل العملية السياسية، وعمل اللجنة الدستورية السورية التي لم تصل إلى أي نتائج ملموسة بعد، بسبب عرقلة النظام لعملها وعدم جديته في مناقشة المضامين الدستورية.
كما تحدث المجتمعون عن مخاطر عمليات التغيير الديموغرافي المستمرة، وآثارها المستقبلية على الاستقرار في البلاد.
وشدد مسلط على أهمية دور الدول العربية في العملية السياسية السورية، والوقوف إلى جانب الشعب السوري، وضرورة عدم السماح للنظام بالعودة إلى مقعد الجامعة.
من جهته، قال أبو الغيظ، إن قرار الجامعة العربية هو قرار مجموعة الدول العربية، لافتًا إلى أن تنشيط العملية التفاوضية المستندة إلى قرار مجلس الأمن “2254”، يتطلب تفاعل جميع الدول وصناعة أثر إيجابي في سوريا.
تصريحات أبو الغيط تتعارض مع مواقف عبّر عنها لممثلين عن النظام السوري، وفق تسجيل مصوّر انتشر في وقت سابق، خلال اجتماع للأمم المتحدة.
قطر.. موقف ثابت من النظام
وعلى هامش اجتماعات “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، التقى أمس، الخميس، وفد “الائتلاف” إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بوزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وفق ما نقله الموقع الرسمي لـ“الائتلاف”.
وجدد آل ثاني موقف بلاده الثابت والداعم للشعب السوري، مشيرًا إلى أن الملف السوري حاضر في جميع الاجتماعات التي تجريها البعثة القطرية في نيويورك.
وأضاف أن قطر تدعم الحل السياسي في سوريا، القائم على بيان “جنيف” وقرار مجلس الأمن “2254”، كما أكد أهمية تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة المعارضة، من خلال التوصل لوقف إطلاق نار شامل في البلاد.
وفي أول مؤتمر صحفي لمسلط، في 13 من تموز الماضي، أكد أهمية العمل مع “الأشقاء العرب، وعلى رأسهم السعودية ودول الخليج”.
وفي 12 من تشرين الثاني 2011، علّق وزراء الخارجية العرب عضوية سوريا في الجامعة العربية، إثر اندلاع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام.
كما فرضت الجامعة عقوبات سياسية واقتصادية على النظام، وطالبت الدول الأعضاء بسحب سفرائها من سوريا، في محاولة لإيقاف “العنف” المستمر منذ بداية الاحتجاجات في سوريا.
وفي الآونة الأخيرة، ظهرت العديد من بوادر التطبيع مع النظام السوري من قبل بعض الدول العربية، إلى جانب دعوات لعودة النظام إلى الجامعة، كبوابة لتقارب سياسي خجول تحت شعارات قومية.
هل يكون الأردن بوابة للتطبيع؟
جاءت تصريحات الملك الأردني، عبد الله الثاني، التي قال فيها إن الأسد “باقٍ” ويجب إيجاد طريقة للحوار مع النظام، بداية لخطوات متتالية أظهر من خلالها الأردن استعداده لعودة العلاقات مع النظام السوري.
وفي زيارة هي الأولى من نوعها منذ 2011، التقى وزير الدفاع في حكومة النظام السوري، علي عبد الله أيوب، برئيس هيئة الأركان الأردني، يوسف الحنيطي، في العاصمة الأردنية عمّان، في 19 من أيلول الحالي.
تلا ذلك لقاء وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، بنظيره الأردني، أيمن الصفدي، اليوم الجمعة 24 من أيلول، لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات المختلفة، وضمان أمن الحدود المشتركة.
وفي الشهر الماضي، عُقد اجتماع بين النظام السوري والأردن ومصر ولبنان، اتفقت فيه الأطراف على إيصال خطوط الطاقة إلى لبنان عبر سوريا، وهو ملف يُعتقد أنه يحقّق مكاسب سياسية واقتصادية للنظام السوري.
وعملت عمّان على جهود لاستثناء سوريا من قانون “قيصر” للعقوبات الأمريكية، الذي يحظر التعامل مع حكومة النظام، للتوافق على مشروع خطوط الطاقة.
ومرت العلاقة بين سوريا والأردن بعدة منعطفات منذ بداية الاحتجاجات في سوريا عام 2011، غيَّر خلالها الأردن موقفه من النظام السوري مرات عديدة، إذ دعم الأردن فصائل المعارضة في سوريا، كما دعا الملك الأردني، عبد الله الثاني، رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إلى التنحي في 2011، لكن عقب سيطرة قوات النظام على المنطقة، بدأ بالبحث عن عودة العلاقات خاصة بعد فتح معبر “نصيب”.
تحوّلات الموقف المصري
وشهدت مصر تغييرًا في الموقف الرسمي الداعم للثورة السورية، بعد ما وصفته أوساط سياسية ودول بأنه “انقلاب عسكري”، نفذه عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس المصري المنتخب، محمد مرسي، في تموز 2013.
وتتطلّع مصر اليوم إلى “عودة سوريا لمحيطها العربي”، وفق ما قاله وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في 26 من كانون الثاني الماضي، كما جدد شكري الحديث عن “عودة سوريا” خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في الدورة الـ155 لمجلس جامعة الدول العربية، في 3 من آذار الماضي.
الجزائر تجدد العودة
خلال التحضيرات للقمة العربية في الجزائر، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الجزائري، رمطان لعمامرة، دعم بلاده عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، معتبرًا سوريا موضوعًا أساسيًا في التحضير للقمة العربية المقبلة.
وأشار إلى أن جلوسها على مقعدها في الجامعة العربية سيكون خطوة متقدمة في لمّ الشمل وتجاوز الصعوبات الداخلية، وفق تصريحات صحفية له بالعاصمة الجزائر، في 24 من آب الماضي.
وفي 14 من شباط 2020، دعا وزير الخارجية الجزائري السابق، صبري بوقادوم، إلى إنهاء تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية.
وجدد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، هذه الدعوات بعد أسبوع فقط من تصريحات بوقادوم، في الفترة التي كانت الجزائر تتحضر فيها لاستضافة أعمال القمة العربية في دورتها العادية في آذار من العام نفسه.
خطوات خليجية للتطبيع
اعتبر وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، أن مشوار عودة سوريا إلى محيطها الإقليمي بدأ، وهو أمر لا بد منه، وأن “التحدي الأكبر” الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا اليوم هو قانون “قيصر”.
وأكد خلال مؤتمر صحفي جمعه بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، في 9 من آذار الماضي، أن عودة سوريا تشكّل مصلحة لسوريا وللجامعة العربية أيضًا.
وتحدثت أنباء عن طائرة مساعدات على متنها كميات كبيرة من لقاحات فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) إلى العاصمة السورية دمشق، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، في 20 من نيسان الماضي.
ومنذ إعادة افتتاح سفارتي الإمارات والبحرين في دمشق، في 27 من كانون الأول 2018، قدمت الإمارات الدعم للنظام السوري، على أكثر من صعيد.
كما أجرى وزير الخارجية العماني السابق، يوسف بن علوي، مباحثات مع نظيره الروسي الذي يدعو منذ سنوات لإعادة النظام إلى جامعة الدول العربية، تبعتها، في شباط 2019، تصريحات انتقد فيها مواقف بعض الدول العربية التي تعرقل عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
ومن جهته، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، في مقابلة مع شبكة “CNN” الأمريكية، بثتها في 4 من نيسان الماضي، إن السعودية تأمل أن “تتخذ حكومة بشار الأسد الخطوات المناسبة لإيجاد حل سياسي، لأن هذا هو السبيل الوحيد للتقدم في سوريا”.
وأضاف ابن فرحان أن الاستقرار في سوريا “يتطلّب حلًا وسطًا من قبل الحكومة السورية، وتضافر جهود الحكومة والمعارضة حتى نتمكن من المضي قدمًا في عملية سياسية”.
إلى جانب ذلك، لم يغيّر العراق ولبنان موقفيهما من النظام السوري، إذ امتنع العراق عن التصويت على تعليق عضوية النظام في الجامعة، في حين رفض لبنان قرار التعليق.
وأُسّست جامعة الدول العربية عام 1945، ومقرها القاهرة، لكنها نُقلت إلى تونس بشكل مؤقت بين عامي 1979 و1990، إثر توقيع مصر اتفاقية “كامب ديفيد” مع إسرائيل.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :