خلال بحثه عن فرصة عمل ضمن معامل المدينة الصناعية في حلب المعروفة باسم الشيخ نجار، فوجئ محمود (39 عامً) بتلقيه عرضًا للعمل مع مجموعات تابعة لـ”حزب الله” اللبناني، وتقتضي المهمة قيامه الترويج للحبوب المخدرة والحشيش ضمن الأحياء الشرقية لحلب، وبسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها محمود، وافق على العمل، بعد أن حصل على بطاقة تمنحه حصانة أمنية وضمانات تحميه من الاعتقال.
وبحسب ما ذكر لعنب بلدي، تعمل المجموعات التابعة لـ”حزب الله” اللبناني داخل مدينة حلب، على إغراق المدينة بالمخدرات والحبوب والحشيش، وفق آلية معينة لترويجها على جميع أحياء المدينة دون استثناء وصولًا لأحياء الشرقية.
كما تعمل المجموعات التابعة لـ”حزب الله”، على دعم بيوت الدعارة وحمايتها بشكل كامل وخاصة في حال حدوث مداهمات لتلك المنازل، بحسب محمود، الذي أشار إلى أن عمل منازل الدعارة يقتضي الترويج للمخدرات والحبوب، وعن طريق النساء يتم جمع المعلومات لصالح بعض الضباط المتعاملين مع الميليشيات الموالية لإيران وخاصة “حزب الله”.
قطاعات وحصص
على الرغم من التواجد الروسي والإيراني في مدينة حلب، إلا أن المدينة باتت مقسمة إلى قطاعات لتوزيع المخدرات، وتجري عمليات الترويج باشراف الأفرع الأمنية التابعة للنظام.
فالأحياء الشرقية التي تعاني من وضع معيشي مترد، يشرف عليها فرع “المخابرات الجوية”، الذي يعمل عبر بعض الضباط المتعاملين مع “حزب الله” بترويج الحشيش والحبوب المخدرة، وتوزيعها على العناصر الذين يعملون على تجنيد المقاتلين، وذلك من خلال توزيع المواد المخدرة على الشباب مع بعض المبالغ المالية، لترغيبهم بالانضمام لهذه المجموعات.
وفي حديث لعنب بلدي، قال رجب (43 عامًا)، وهو ينحدر من حي الصالحين في حلب، إنه وخلال غسيل زوجته للملابس وجد في جيب إحدى ملابس ابنه الشاب حبوبًا مخدرة، ما دفعه للذهاب إلى الصيدلية لمعرفة ماهية هذه الحبوب، ليتبين أنها حبوب مخدرة يطلق عليها اسم “زولام”.
وتابع رجب، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن ابنه حصل على الحبوب عن طريق أصدقائه الذين يعملون مع الميليشيات الإيرانية المتواجدة في مدينة حلب، في حين أشار إلى عدم إمكانية التقدم بشكوى لأن رئيس المخفر وعناصره، هم من المتعاملين مع “حزب الله” ومن الممكن أن يشكل الأمر خطرًا على حياته.
وتنتشر المواد المخدرة وبينها الحبوب والحشيش بشكل كبير في مدينة حلب، حيث يتم الترويج لها بشكل علني من قبل متعاملين مع “حزب الله”، إذ تشهد مدينة حلب تعاطي الشباب للمواد المخدرة كالحشيش بشكل علني وفي الشوارع وجلسات الشباب العادية.
زراعة الحشيش بريف حلب
تجري عمليات زراعة الحشيش في مساحات واسعة من الأراضي الزراعية قرب بلدتي نبل والزهراء، إذ يعمل “حزب الله” على تكرار تجربته الناجحة في قطاع زراعة وترويج المخدرات في لبنان بإشراف من خبراء في هذا المجال.
وأفاد مراسل عنب بلدي في حلب، أن مساحة الأراضي المزروعة بالمخدرات لا يمكن معرفتها على وجه الدقة، إلا أنها تقدر بنحو عشرات الدونمات، خصوصًا أن هذا النوع من العمل يجري بشكل غير معلن وبعيدًا عن أعين العامة.
ويشرف على إدارة عمليات الزراعة في مدينتي نبّل والزهراء في ريف حلب الشمالي، عناصر محليون من الميليشيات الموالية لإيران من أبناء البلدتين، والذين عملوا ضمن قوات “حزب الله” في لبنان خلال وقت سابق قبل أن يأتوا إلى سوريا.
ويجري طرح كميات الحشيش المحلي الانتاج للبيع عبر وكلاء “حزب الله”، وبالتنسيق مع ضباط من النظام السوري، فيما تحاول ميليشيا “حزب الله” زراعة مساحة من الأراضي الزراعية قرب مطار حلب الدولي وفي مطار النيرب العسكري الخاضعين للمليشيا، بحسب ما ذكر أحد العاملين هناك لعنب بلدي، والذي تحفظ على اسمه لأسباب أمنية.
يعتبر القنب الهندي (الحشيش والماريجوانا) من أكثر المخدرات تعاطيًا وانتشارًا على الصعيد العالمي، ووفق تقرير المخدرات العالمي الصادر في أيار 2017، فإن عدد المتعاطين في العام 2015 لمادة القنب بلغ 183 مليون شخص، في حين بلغ عدد المتعاطين للأمفيتامينات والمنشطات (كبتاغون) 37 مليونًا.
والحشيش هو منتج من نبات القنب الهندي الذي تنشط زراعته في المناطق الاستوائية والمعتدلة، ويستعمل بطرق مختلفة، إما بالمضغ أو عن طريق التدخين، ويعتبر من أكثر المخدرات، ذات التأثير النفسي، انتشارًا في العالم بسبب رخص ثمنه وسهولة تعاطيه.
بيوت الدعارة للترويج
تحظى بيوت الدعارة في الأحياء الغربية بحماية على مدار الساعة من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، والتي تنشر عناصر للمراقبة على مقربة من الموقع المُراد حمايته، في حال تعرضه لمداهمة أو لعملية اقتحام مفاجئة، يتدخل الفرع الأمني، الذي يعمل بدوره على إيقاف المداهمة.
محمد (52 عامًا) وهو من سكان حي الكلاسة في حلب، روى لعنب بلدي أنه وبعد ضجيج أثاره انتشار بيوت الدعارة في الحي انتقد خلاله مدنيو المنطقة انتشار هذه الأماكن في المنطقة من خلال أحاديثهم في الشوارع، شنت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام حمله اعتقالات واسعة في المنطقة.
وتوزع عدد من العناصر في الحي للمراقبة ورفع تقارير عن طريقة تعاطي سكان الحي مع الأمر، إذ اعتقل بعض المدنيين بسبب استيائهم لوجود بيوت دعارة يتردد عليها عناصر النظام والميليشيات الإيرانية بالقرب من منازلهم في الحي، وجرى الإفراج عنهم لاحقًا بعد إصابة أحدهم بشلل في كامل أطرافه داخل المعتقل.
شهد حي بستان القصر خلال الأشهر الثلاثة الماضية ازدياد عدد بيوت الدعارة بشكل ملحوظ، وقال أحد سكان الحي لعنب بلدي، “إن بعض شبان الحي أصبحوا يترددون إلى تلك البيوت لممارسة الدعارة أو لتعاطي المخدرات، وبالرغم من اعتراض سكان الحي على وجودها، والمطالبة بإخراجهم (مرتادي بيوت الدعارة) من الحي، هدد عناصر “أمن الدولة” السكان في حال التعرض للمترددين على هذه البيوت”.
وأثار انتشار بيوت الدعارة في مدينة حلب حالة من الغضب والاستياء لدى السكان المحليين، حيث إن أغلب بيوت الدعارة المنتشرة بكثرة في أحياء الحمدانية وصلاح الدين والأعظمية تدار من قبل فرع أمن الدولة، غالبًا يكون مشغّلو تلك البيوت من النساء اللواتي يجلبن من خارج مدينة حلب.
فيما أكد مصدر خاص لعنب بلدي بأن “غالبية بيوت الدعارة يشرف عليها ضابط برتبة عقيد ويدعى جميل العلي، وهو مسؤول عن قسم الآداب والجرائم الأخلاقية، كما تجري من خلال بيوت الدعارة عمليات استقطاب الشبان لاعتقالهم وابتزاهم للحصول على مبالغ مالية كبيرة، مقابل الإفراج عنهم”.
ويتقدم بعض المدنيين بشكاوي حول انتشار بيوت الدعارة وانتشار المخدرات ومروجيها في أحياء حلب، ولكن لم يجر التعامل مع تلك الشكاوي بجدية حتى اليوم، بينما ازداد انتشارها عن السابق.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حلب صابر الحلبي