بدأت قوات النظام، في 22 من أيلول الحالي، بتفكيك الحواجز الأمنية التي أنشأتها منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، والتي شملت حواجز في محيط درعا البلد وحواجز في مناطق متفرقة من أرياف درعا.
وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا أن قوات النظام أزالت، في 22 من أيلول، العديد من الحواجز العسكرية في مناطق متفرقة، شملت حواجز “البانوراما” و”السبيل” و”السرايا” و”الصناعية”، وحاجز “المستشفى الوطني”، وسبقها بأيام إخلاء حاجز لـ”الفرقة الرابعة” على مدخل مدينة درعا الغربي.
وجاءت عملية إزالة الحواجز بعد توصّل اللجنتين “الأمنية” و”المركزية” إلى اتفاق برعاية روسية، بدأ تطبيقه في 6 من أيلول الحالي، وأنهى حصار قوات النظام لمدينة درعا البلد وطريق السد والمخيمات، الذي استمر لنحو ثلاثة أشهر، قطعت خلالها المياه والطحين، وفرضت حصارًا على المدينة من الجهات كافة.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، قال عضو في اللجنة المحلية، المكلّفة من وجهاء عشائر درعا البلد بتسيير الأعمال الخدمية والإغاثية في المدينة، إن جرّافات مجلس المدينة أزالت حواجز “السرايا”، و”ساحة بصرى”، و”الصناعية”، ومن المفترض متابعة الأعمال لإزالة حواجز “المستشفى الوطني”.
لماذا يرفع النظام حواجزه الأمنية
لا تشير الأحداث الميدانية في درعا إلى أن المحافظة صارت آمنة بالنسبة لقوات النظام، غداة “التسوية” التي شملت العديد من مدن وقرى وبلدات المحافظة، والتي كان آخرها “التسوية” في مدينتي داعل وأبطع، غربي المحافظة.
وبالتزامن مع رفع الحواجز في درعا البلد ومحيطها، شهدت قرية أم المياذين التي تبعد بضعة كيلومترات عن درعا البلد من جهة الشرق، اغتيال قيادي في حزب “البعث” بالمحافظة من قبل مجهولين، وبالتالي فإن استهداف شخصيات تابعة للنظام السوري في المدينة لا يزال مستمرًا.
وفي حديث لعنب بلدي، قال “أبو علي محاميد” أحد وجهاء درعا، إن عمليات إزالة الحواجز الأخيرة في المدينة ليست سوى إثبات لسيطرة الروس على المدينة وإظهار الإيرانيين على أنهم لا يملكون أي سيطرة فعلية فيها.
وتعمل القوات الروسية في درعا على رفع العلم الروسي في جميع النقاط العسكرية التي تتمركز فيها قوات النظام، وبالتالي هي “عملية إقصاء واضحة للإيرانيين من المنطقة خصوصًا بعد الأحداث الأخيرة”.
وأضاف المحاميد أن روسيا تحاول إعادة الأمور إلى طبيعتها بعد التصعيد الأخير، بعد تخوفات من الدخول الإيراني إلى المدينة، وارتكاب انتهاكات فيها، وهي الأمور التي ضمنت روسيا عدم حدوثها في المدينة.
وأشار إلى أن الحل السياسي لم يعد بيد السوريين بمن فيهم النظام والمعارضة، لذا ربما تكون التهدئة الأخيرة إشارة إلى انتهاء التصعيد في المنطقة.
ما الذي تغيّر بالنسبة للسكان
كانت الحواجز المثبّتة في محيط درعا البلد تشكّل قلقًا يوميًّا لسكان المدينة، إذ امتنع البعض عن الخروج منها لسنوات عديدة حتى بعد “التسوية”، نتيجة لوجود هذه الحواجز التي كان عناصرها يفتعلون المشكلات مع المارّة، بحسب حديث مدنيين من مدينة درعا البلد لعنب بلدي.
وفي حديث لعنب بلدي، قال أحد أعضاء “اللجنة المركزية” في درعا البلد، الذي تحفظ على اسمه لدواعٍ أمنية، إن إزالة الحواجز شكّلت فرقًا كبيرًا على الحياة اليومية بالنسبة للسكان، رغم أنه لم يمضِ وقت طويل على إزالتها.
وأضاف أنه وعلى الرغم من إزالة الحواجز، فإن هناك حالة حذر من الخروج والدخول إلى المدينة والشوارع التي كانت تشهد نقاطًا أمنيّة، فالسكان لم يعتادوا الوضع الجديد بعد.
وأشار إلى أن لهذه الحواجز سمعة سيئة لدى الوسط الشعبي في المنطقة، إذ اُعتبر بعضها من أسوأ المعتقلات في المحافظة، كما شهدت بعض الحواجز الأخرى ارتكاب مجازر من قبل قوات النظام بحق مدنيين من درعا.
وفي لقاء أجرته عنب بلدي مع مدنيين من درعا البلد، قالت أمينة، تحفظت على اسمها لأسباب أمنية، إن حاجز “حميدة الطاهر” كان “كابوسًا يؤرّق كل من يمر بالقرب منه”، فانتشار القناصين على الأسطح كان منظرًا مخيفًا.
كما كان الحاجز يحتوي على سجن خاص، واعتقلت قوات النظام على الحاجز المذكور عام 2014 سيدتين، ولم يفرج عنهما حتى دفع ذووهما مبالغ لقاء ذلك.
أما في حي الصحاري، وبالتحديد في حديقة الحي التي كانت تعتبر متنفسًا للأهالي، فشيّدت قوات النظام حاجزًا أمنيًّا قبل سنوات، وصار جنود النظام يتحكمون في الطريق المؤدي إلى درعا البلد وحي طريق السد، كما يتحكمون بدوار المالية في مركز محافظة درعا.
وأُنشئ الحاجز في عام 2011 للمشاركة في قمع المظاهرات من قبل قوات النظام السوري، ويتمركز عليه جنود يتبعون لـ”المخابرات الجوية”، وتحوّل مع مرور السنوات إلى ثكنة عسكرية، حتى أزالته قوات النظام مع العديد من الحواجز العسكرية الأخرى.
“أبو محمد” من سكان ريف درعا قال لعنب بلدي، إنه كان يمتنع عن زيارة درعا لكثرة الحواجز الأمنية، أما اليوم فصار الأمر اكثر أريحية لتحرك المدنيين، مشيرًا إلى أن المكان الطبيعي للجيش هو الثكنات العسكرية، وليس الطرق والأحياء السكنية.