يواصل عبدالله اليوسف (42 عامًا)، من قرية السلحبية بريف الرقة الغربي، جني محصول القطن بعد أن بدأ قبل عدة أيام، وتبين له أن إنتاجية الموسم قد لا تسد التكلفة الأساسية التي صرفها.
عبدالله قال لعنب بلدي، إن متوسط الإنتاج في الأعوام السابقة للقطن كان بين 300 إلى 400 كيلوغرامًا للدونم الواحد، لكن ربما تنخفض الإنتاجية هذا العام حتى أقل من النصف مقارنةً بالأعوام السابقة.
ويتوقع مزارعون في أرياف الرقة، تحدثوا لعنب بلدي، أن يصابوا بخسائر “فادحة” بمحصول القطن هذا العام، بعد أن بدأوا قبل أيام بجني المحصول.
وأشار عبد الله إلى أنه خفض المساحة الإجمالية للأرض الزراعية التي زرعها بالقطن، بعد تحذيرات من موسم جفاف وقلة مياه الري لانخفاض منسوب نهر الفرات.
ويحتل القطن المرتبة الثانية في أهم المحاصيل الزراعية في سوريا بعد القمح، وكانت محافظة الحسكة تتصدر قائمة المحافظات السورية المنتجة للقطن قبل اندلاع الثورة السورية في عام 2011، تليها الرقة ودير الزور.
الإدارة مطالبة بتكيف جهودها
أرجع المهندس الزراعي حسين الرجب تراجع محصول القطن لهذا العام إلى ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر التي ضربت مناطق شمال شرقي سوريا خلال فترة إزهار نباتات القطن، ما تسبب بسقوط نسبة كبيرة من تلك الزهور وتسبب بتراجع حمل الشجرة الواحدة لـ”أجراس القطن”.
ويرى المهندس في حديثه إلى عنب بلدي أن “الإدارة الذاتية” مطالبة اليوم بتكثيف جهودها لإنقاذ القطاع الزراعي في شمال شرقي سوريا، والذي عاد لـ”يلفظ” أنفاسه الأخيرة، بعد أن تعافى نسبيًا بين العامين 2018 و2020.
واعتبر أن “الإدارة الذاتية” ترى أن مسؤوليتها هي فقط تحديد سعر المحصول وشرائه، لكن الواقع أن عليها إنشاء مراكز بحث علمية مختصة، تراقب المحاصيل الزراعية وأنواع البذار التي يتم شرائها من قبل المزارعين والتي “غالبًا” ما تكون غير متلائمة مع ظروف الطقس السوري بحكم أنها مستوردة من الخارج.
اقرأ أيضًا: قلة الإنتاج تشعل المنافسة بين النظام و”الإدارة”.. والخبراء: القطن السوري مهدد بالموت
تجاهل التحذيرات
وقال عضو في “لجنة الزراعة والري” بـ”مجلس الرقة المدني”، إن الجهات المعنية أطلقت عدة تحذيرات هذا العام حول المحاصيل الزراعية ومنها القطن، لكن المزارعون غالبًا ما يتجاهلون تلك التحذيرات.
وأضاف عضو “اللجنة”، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “لجنة الزراعة والري”، تمتلك الخبرات الزراعية القادرة على تحسين الواقع الزراعي لكن لا تمتلك الإمكانيات المادية التي تسمح لها بوضع الخطط لتحسين الإنتاجية ومكافحة الأوبئة.
وتقدم “لجنة الزراعة والري” في الرقة، نصائح وإرشادات للمزارعين لحماية محاصيلهم من التلف أو تعرضهم للخسارة، إلى جانب مراقبة الآفات الزراعية التي قد تصيب المحاصيل أو الظروف الجوية وتأثيراتها على الموسم.
تقلبات في تسعيرة القطن
وأثار تحديد تسعيرة القطن من قبل “هيئة الاقتصاد والزراعة” في “الإدارة الذاتية”، استياء المزارعين في شمال شرقي سوريا، بسبب تدني التسعيرة مقارنة من التكاليف الباهظة التي وضعها المزارعون.
وفي 23 من آب الماضي، حددت “الإدارة” تسعيرة شراء القطن من المزارعين بـ1950، لتعود بعد أيام وتعلن تحديد تسعيرة جديدة بـ2500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.
وفي تصريح لوكالة “نورث برس” المحلية قال الرئيس المشترك لـ “هيئة الاقتصاد والزراعة”، سلمان بارودو، إن رفع تسعيرة شراء القطن كان لتشجيع المزارعين لتسليم القطن للمراكز الرسمية التابعة لـ “الإدارة”.
وأشار بارودو، إلى أن مجموع المساحات المزروعة بالقطن هي 49 ألف هكتار بحسب تقارير لجان وهيئات الزراعة في مناطق شمال وشرق سوريا.
وأعلنت “الإدارة الذاتية” نيتها شراء كامل محصول القطن من المزارعين لهذا العام، ومنعت نقل القطن أو شراءه من قبل التجار، وافتتحت أربعة مراكز لاستلام محصول القطن، والمراكز المفتتحة هي مركز شنينة وكبش في الرقة، ومركز في دير الزور ومركز المحلجة في مدينة الحسكة.