يسيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على الحقول في مناطق الشدادي والجبسة والهول وبالقرب من مركدة وتشرين كبيبة في ريف الحسكة الجنوبي، وهي تشكل حوالي 10% فقط من آبار الحسكة.
بعد خسارة النظام لغالبية الحقول النفطية، وأبرزها مجموعة حقول دير الزور الأكثر غزارة والتي سيطر عليها تنظيم «الدولة» صيف 2014، أصبح النفط سلاح التنظيم الذي يدر عليه نحو مليوني دولار يوميًا وفق إحصائيات جمعتها مجلة «عين المدينة» المحلية، والتي أفردت دراسة موسعة عن القضية في عددها الخاص شهر آب 2015.
ويتراوح سعر البرميل الخام المستخرج من حقلي العمر والتنك بين 20 و45 دولارًا.
ضربات التحالف تعيق استخراج النفط
ما إن أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عن بدء تنفيذ طلعات جوية ضد التنظيم في أيلول 2014، حتى تباطأ استخراج النفط من الحقول التي يسيطر عليها التنظيم، وتوقفت عمليات الاستخراج في كل حقول دير الزور، باستثناء حقل كونيكو المستخدم لاستخراج الغاز، الذي يغذي 6 محافظات، لكن عمليات الاستخراج عادت لتستأنف من جديد وهي لا تزال مستمرة حتى الآن.
خلال أيار الماضي فتحت سيطرة التنظيم على حقول خنيفيس للفوسفات شرق تدمر الباب أمام عوائد جديدة يمكن الاستفادة منها، لكن الخبراء قللوا من أهمية السيطرة معتبرين المنفعة المتأتية معنوية فقط، نظرًا لصعوبة استثمار أو بيع هذه المادة، إذ يجب أولًا تحويلها إلى حمض فوسفوري ثم ثنائي فوسفات الأمونيوم الذي يدخل في تركيبة الأسمدة الزراعية.
النفط مقابل الغذاء
خلال حزيران 2015 توترت العلاقة بين التنظيم وأطراف من المعارضة المسلحة على امتداد سوريا في حلب وإدلب وحماة، ليقطع التنظيم إمدادات النفط عن المواطنين في تلك المناطق ما خلق واقعًا مأساويًا، وهدد الوضع الكارثي عشرات المشافي الميدانية والأفران والمعامل بالإغلاق وخلق حالة شلل في تلك المناطق، ما حدا بالمعارضة إلى طلب النفط من تركيا وبالأسعار العالمية.
لكن سرعان ما أعلنت فصائل المعارضة عن فتح الخطوط والسماح بنقل النفط ومشتقاته إلى مناطق سيطرة المعارضة، شمالي سوريا، مقابل السماح لشاحنات المواد الغذائية والتموينية بالمرور إلى مناطق سيطرة التنظيم.
النظام و “الدولة الإسلامية”.. زواج مصلحة
قيل الكثير عن العلاقة بين النظام السوري والتنظيم، فالطرفان يتقاسمان السيطرة على 90% من موارد سوريا من النفط والغاز، ويتقاسمان المنفعة بطبيعة الحال.
بداية عام 2014 نقلت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية عن مصادر استخباراتية أن نظام الأسد أنعش التنظيم والجماعات المتطرفة بشراء النفط منها مقابل مبالغ مالية كبيرة، وباتت العلاقة بين الطرفين أشبه بذلك الوضع الذي شهدته شيكاغو في العشرينيات من القرن الماضي، عندما أجرت الحكومة الأمريكية اتصالات مع عصابات المافيا، مقابل تبادل المنفعة عبر السيطرة على الموارد، وفق تعبير مصدر في إحدى شركات الطاقة السورية.
لكن خلال العام الحالي استمرت العلاقة بالنمو وتوطدت، وتقول الصحيفة، في 19 تشرين الأول الجاري، إن نظام الأسد والتنظيم يعملان سويًا ويتعاونان، ويدفع النظام الأموال مقابل الحصول على الطاقة، كما يدفع بالموظفين للعمل في منشآت لتوليد الكهرباء خاضعة لسيطرة تنظيم «الدولة»؛ لكن وزارة النفط السورية قالت إنه «لا تعاون مع الجماعات الإرهابية بهذا الخصوص».
وتقول التقارير إن الحكومة السورية تقوم بتشغيل الشركات التي تضم موظفين مدربين ومؤهلين يعملون على تشغيل منشآت الطاقة ومحطات توليد الكهرباء، وإن تنظيم الدولة يسيطر على الكثير من منشآت الطاقة، بما يجعل التعامل بين الجانبين أمرًا ضروريًا من أجل الاستفادة من البنية التحتية للبلاد.
يقيم نظام الأسد وتنظيم «الدولة» علاقات تعاون في حقل توينان للغاز، وهو واحد من أهم مصادر الطاقة في سوريا، فيما يخضع الحقل لسيطرة التنظيم حاليًا، وفق ديلي تلغراف.
رغم العلاقة الوطيدة بين «الدولة» والنظام، إلا أن التنظيم يلجأ بين فترة وأخرى لاستصدار قرارارت توصل صورة للعلاقة بين الطرفين على أنها ليست بأفضل أحوالها، إذ اشترط في تشرين الأول الحالي دفع ثمن النفط بالدولار الأمريكي حصرًا، علمًا أنه كان سابقًا يقبل الدفع بالليرة السورية، وحدد سعر البرميل بـ 40 دولارًا أي ما يعادل 13000 ليرة سورية.
يأتي ذلك، تزامنًا مع إصدار التنظيم قرارًا بمنع تداول العملة السورية الجديدة فئة 1000 و500 ليرة، بحجة إضعاف اقتصاد النظام السوري.
ليس في حقل توينان للغاز فقط يتعاون النظام مع التنظيم، وهنا تنقل مجلة عين المدينة أن علاقة تعاون توطدت بين الطرفين في حقل العمر ومعمل كونكو للغاز، حيث تزود محطة توليد الكهرباء داخل حقل العمر معمل كونكو بالطاقة الكهربائية ويقوم المعمل بدوره بتزويد محطة توليد العمر للكهرباء بالغاز اللازم لتشغيلها، وبالتالي لا تستغني المنشأتان عن بعضهما، وهذا ماكان معمولًا به قبل أن ينجح التنظيم في فصل الغاز المرافق للنفط.
إضافة إلى ما تقدم؛ تعد شركة أنيسكو واحدة من الشركات الخاصة التي تقدم خدماتها في مجالات الصيانة للحقول والآبار، والعاملة في المنطقة الشرقية. بعد الثورة استمرت الشركة بالعمل بل وتكيفت مع الوقائع الجديدة ولم تتبدل بتبدل القوى المسيطرة في دير الزور، بل عادت ورشاتها الفنية لتتنقل بين مشاريع تنظيم الدولة ومشاريع النظام السوري وفق مجلة عين المدينة، وكنتيجة لهذا التعاون بين الطرفين فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مالك الشركة جورج حسواني في آذار 2015.
وقال الاتحاد الأوروبي إن «رجل الأعمال حسواني عمل كوسيط في عقود نفط بين سوريا والتنظيم، الذي استولى على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا، وأضاف الاتحاد اسمه لقائمة العقوبات التي يفرضها على أنصار الرئيس السوري بشار الأسد”.
اقرأ ايضا
النفط السوري تحت سطوة العسكر – الجزء 1
قبل عام 2011 كانت سوريا على موعد مع تحقيق أكبر اكتشاف نفطي في تاريخها على سواحل البحر المتوسط وضمن المياه الإقليمية، وكانت تقديرات الشركات التي أجرت المسح المبدئي… المزيد
النظام السوري وآخر أوراقه النفطية – الجزء 2
بعد خسارته الجزء الأكبر من الحقول والآبار يتجه النظام للحفاظ على ما تبقى له من الآبار في وسط سوريا بالقرب من تدمر، حيث حقل “جزل” النفطي الاستراتيجي الذي ينتج وسطيًا بين … المزيد
المحروقات … واقع عقيم في مناطق المعارضة – الجزء 3
تعد الحكومة السورية المؤقتة، ممثلة بوزارة الطاقة، إحدى الواجهات السياسية التي من المفترض أن تدير هذا القطاع في سوريا خلال الفترة الحالية والمقبلة، لكن عدم قدرتها على… المزيد
إدارة الأكراد الذاتية تبدأ التصدير – الجزء 5
يسيطر مقاتلو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) على معظم مدينة الحسكة منذ صيف 2012 بعد انسحاب القوات النظامية من المنطقة، وتعد الحسكة وريفها إلى جانب دير الزور…المزيد
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :