د. أكرم خولاني
في زمن ازدادت فيه البدانة نتيجة حياة الرفاهية والخمول والعادات الغذائية الخاطئة، يبحث الجميع عن علاج للتخلص من هذه المشكلة لما تسببه من أخطار على صحة الجسم وشكله، ويلجأ الكثيرون للحميات الغذائية والرياضات، ويلجأ البعض لعمليات ربط المعدة، وقد جاءت عملية قص المعدة أو عملية تكميم المعدة كعلاج حاسم للبدانة لتجنب أخطارها الصحية ولتحقيق حلم الرشاقة للرجال والنساء على حد سواء.
ما عملية قص المعدة
عملية قص المعدة، أو تصغير المعدة، أو تكميم المعدة (sleeve gastrectomy)، أو تكميم المعدة الرأسي، هي إجراء جراحي يُستخدم للمساعدة في إنقاص الوزن الزائد، وذلك من خلال تصغير حجم المعدة، حيث يُزال نحو 80% من حجم المعدة الطبيعي، ويبقى منها 20%، ويتم قص الجزء الذي يفرز هرمون الإحساس بالجوع.
وبناء عليه يتوقف المريض عن تناول كميات كبيرة من الطعام، ويكتفي بكميات بسيطة ليشعر بالشبع، ويستمر الشعور بالشبع لفترة أطول، كما يستحث الإجراء تغييرات هرمونية تساعد على إنقاص الوزن، وتساعد هذه التغييرات الهرمونية ذاتها على تخفيف الحالات المرضية المرتبطة بالبدانة، مثل ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب.
ويتحول شكل المعدة بهذا الإجراء من كيس كبير إلى شكل أنبوب رفيع وطويل بحجم وشكل ثمرة الموز، وتصبح أشبه ما تكون بكم القميص، لذا تسمى عملية قص المعدة بعملية تكميم المعدة.
ويعتبر هذا الإجراء إجراء لا يمكن عكسه أو الرجوع فيه، وهو يؤدي إلى تقليل حجم المعدة بشكل دائم، ولكن قد تتوسع المعدة في وقت لاحق من الحياة.
وتتطلب هذه الجراحة إجراء تغييرات جذرية في العادات الغذائية اليومية، ويوصى بها فقط للمرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة.
مَن المرشحون لعملية قص المعدة؟
يمكن إجراء عملية قص المعدة للأشخاص الذين يعانون من البدانة المفرطة، بشرط أن يمتلكوا القدرة الجسدية والنفسية:
البدانة المفرطة:
- مؤشر كتلة الجسم (BMI) يساوي 40 أو أكثر.
- مؤشر كتلة الجسم من 35 إلى 39.9 مع وجود مشكلات صحية خطيرة تتعلق بالوزن، مثل داء السكري من النمط الثاني، وارتفاع ضغط الدم، أو انقطاع النفس النومي.
- مؤشر كتلة الجسم من 30 إلى 34 مع وجود مشكلات صحية خطيرة تتعلق بالوزن، مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول، ومرض في القلب، والسكتة الدماغية، والعقم.
وجود الإرادة والقدرة النفسية:
على الرغم من أن هذه العملية تتضمن تغييرًا في حجم المعدة، فإنها تعتمد أيضًا بشكل أساسي على مدى اتباع نظام غذائي صحي خالٍ من الدهون بعد العملية، لذا من الضروري التأكد من مدى قدرة المريض النفسية على التحكم وتغيير عاداته الغذائية اليومية بعد إجراء عملية قص المعدة حتى لا تفشل العملية.
معرفة مدى القدرة الجسدية:
يجب إجراء بعض الاختبارات للتأكد من قدرة الجسم على تحمل إجراء هذه الجراحة، وهي تشمل تعدادًا كاملًا لعناصر الدم، واختبار مستوى سكر الغلوكوز في الدم، وفحص مستوى الدهون في الدم، واختبارات وظائف الكلى والكبد، واختبار وظائف الغدة الدرقية.
وننوه إلى أن إجراء تكميم المعدة شائع لدى الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة و21 عامًا، وقد أظهرت التقارير أن النمو يتقدم دون أن يتأثر بعد تكميم المعدة عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا.
كيف تُجرى عملية قص المعدة؟
تُجرى عملية قص المعدة تحت التخدير العام، عن طريق المنظار، حيث يقوم الطبيب الجراح بعمل خمس فتحات صغيرة في القسم العلوي لجدار البطن، كل فتحة تتراوح بين 1 سم و2 سم أو أقل، ومن خلال هذه الفتحات يقوم الطبيب بإدخال المنظار وقص حوالي 80% من الحجم الكلي للمعدة.
ويتم الاستئصال طوليًا للمعدة بدءًا من الغار البوابي على بعد 5- 6 سم من فتحة البواب (وهي الفتحة السفلى للمعدة التي تُوصل إلى الاثني عشري)، وينتهي عند قاع المعدة بالقرب من فتحة الفؤاد (وهي الفتحة بين المريء والمعدة) بحيث تصبح المعدة أشبه بأنبوب رفيع، ويكون الحجم التقريبي المثالي المتبقي للمعدة بعد العملية حوالي 150 مل.
يتم تسليط شعاع الليزر على الجزء الذي تمت إزالته لينكمش ويُسحب إلى خارج الجسم من خلال إحدى هذه الفتحات الصغيرة.
ومن خلال إحدى الفتحات أيضًا تدخل أداة تعمل على وضع دبابيس أو غرز لإغلاق الجزء المتبقي من المعدة داخل الجسم.
تستغرق الجراحة من 60 إلى 90 دقيقة، بشرط ألا تواجه أي مشكلات في أثناء الجراحة.
يمكث المريض يومين في المستشفى، مع إجراء العديد من الفحوصات والصور الشعاعية للتأكد من نجاح العملية، ويجب أن يتحرك المريض خلال هذه الفترة لمنع حدوث تجلطات الدم والتهاب الرئة، وقد يوضع المريض على جهاز للمساعدة على التنفس بشكل جيد والتخفيف من آثار السعال، ثم بعد يومين يمكن للمريض البدء بالمشي بتأنٍّ.
ويحتاج المريض بعد العملية إلى اتباع نظام غذائي خاص، ويجب التأني في أثناء تناول الطعام لتخفيف الضغط على المعدة ريثما يلتئم جرحها، ويكون التدرج بالطعام كما يلي:
- سوائل غير مكربنة وخالية من السكر، أو عصائر صافية وخفيفة، خلال الأيام السبعة الأولى.
- ثم تليها سوائل كاملة وطعام مهروس على الخلاط لمدة ثلاثة أسابيع.
- ثم وجبات خفيفة من الأطعمة العادية بعد نهاية أربعة أسابيع من الجراحة، لكن بكميات محددة.
وبذلك تستغرق فترة النقاهة شهرًا كاملًا لكي يعود المريض إلى حياته ويمارس نشاطاته الطبيعية، ولكن عليه شرب الماء خلال هذه الفترة بكميات كبيرة لتجنب الجفاف والإجهاد.
وقد يحتاج المريض إلى تناول المكملات الغذائية الغنية بالفيتامينات باستمرار لضمان الحصول على العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم.
ويجب أن تتجنب المرأة الحمل خلال السنة الأولى بعد العملية، لأنه قد يشكّل خطرًا على الأم والجنين.
ما فوائد عملية قص المعدة؟
قد تتحقق بعض الفوائد الصحية والجمالية من هذه الجراحة مثل:
- فقد ما بين 40% و70% من الوزن الزائد في السنة الأولى بعد الجراحة.
- تقليل محتوى الجسم من الدهون والكوليسترول الضار.
- السيطرة على الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وآلام المفاصل وانقطاع النفس الانسدادي النومي.
- الشعور بالراحة النفسية والثقة بالنفس.
ما الآثار الجانبية لعملية قص المعدة؟
قد تحدث بعض الآثار الجانبية المرتبطة بالجراحة نفسها والتخدير العام، وهي تشمل:
- ردود الفعل التحسسية للأدوية المستخدمة في التخدير العام.
- صعوبة في التنفس.
- احتمالية الإصابة بالعدوى أو الإنتان.
- احتمالية حدوث جلطات الدم التي يمكن أن تنتقل إلى الرئتين.
- زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبات القلبية في أثناء الجراحة.
- تهيّج وتلف أعصاب المعدة بعد الجراحة.
- التسرب في موقع تدبيس المعدة وخاصة للحمض المعدي.
- شلل بعضلات الجهاز الهضمي.
وتشمل المضاعفات المحتملة بعد إجراء العملية:
- الشعور بالغثيان: بسبب التغير الكبير في النظام الغذائي، ويمكن حل هذه المشكلة باتباع نظام غذائي خاص.
- قلة السوائل: يجب على المريض تناول كمية كافية من السوائل خلال الفترة التي تتم فيها خسارة الوزن.
- سقوط الشعر: يمكن أن يتساقط الشعر نتيجة نقص بعض العناصر المعدنية مثل الزنك وفيتامين “ب6” وحمض الفوليك، ولذلك يجب تناول الفيتامينات مع كمية من البروتين.
- الشعور بالبرد: يمكن أن يشعر المريض بالبرد في المراحل الأولى بسبب التغير في معدل التمثيل الغذائي وخسارة كمية كبيرة من الدهون.
- عدم تحمل بعض أنواع الأطعمة: يجب على المريض مضغ الطعام جيدًا وعدم تناول الأطعمة التي تحتوي كميات كبيرة من السكر، وتناول الطعام ببطء.
- تغير الحالة المزاجية.
مخاطر ومضاعفات طويلة المدى المتعلقة بجراحة تكميم المعدة
- تليّف الجزء المتبقي من المعدة.
- انسدادًا معديًا معويًا.
- الارتجاع المعدي المريئي.
- تليّف المريء نتيجة الارتجاع المتكرر.
- نقص سكر الدم.
- سوء التغذية وفقر الدم.
- الهزال نتيجة فقدان الشهية وفقدان الجسم لكثير من العناصر الغذائية وعدم التحكم في فقدان الوزن.
- القيء.
متى تفشل عملية قص المعدة؟
السبب الأساس في فشل عملية قص المعدة هو عدم اتباع نظام غذائي سليم وصحي، ولا يمكن أن تفشل عملية قص المعدة في حال انتبه المريض إلى نظامه الغذائي الجديد.