ثلاث شرائح من الرواتب تولّد فروقات طبقية في الرقة
عنب بلدي- حسام العمر
يفضّل لؤي القاسم (33 عامًا)، الذي يعمل في إحدى المنظمات المدنية بالرقة، تجنّب الاختلاط بموظفين أو سكان محليين خلال الجلسات العامة أو المناسبات الاجتماعية في مدينته، لتجنّب أحاديثهم حول الوضع المعيشي وتباين الدخل المادي.
لؤي قال لعنب بلدي، إنه دائمًا ما يتعرض لـ”الإساءة” بسبب دخله المرتفع بالمقارنة مع رواتب الناس الآخرين، ويرى أنهم خلال الحديث معه يحمّلونه جزءًا من معاناتهم اليومية بسبب الغلاء المعيشي.
ويرى سكان محليون في مدينة الرقة، أن الرواتب الشهرية المختلفة التي يتقاضاها الموظفون على اختلاف مكان عملهم، ولّدت نوعًا من الفروقات الطبقية في التعامل الاجتماعي بين السكان.
“عندما يتكلمون عن الغلاء أشعر وكأنهم يحملونني المسؤولية”، هكذا يصف لؤي معظم أحاديث الناس عندما يجلس معهم، مع تحول الغلاء إلى موضوع دائم النقاش بين السكان.
ويرفض لؤي وآخرون يحصلون على رواتب شهرية مرتفعة مقارنة ببقية العاملين، استطلعت عنب بلدي آراءهم، تحميلهم أي ذنب للأزمة المعيشية التي يعيشها السكان في الرقة.
أما قصي العيسى (35 عامًا)، وهو موظف في “مجلس الرقة المدني”، فيتجنّب حضور أغلب المناسبات التي يُدعى إليها مثل الأعراس أو المناسبات الأخرى.
وقال الشاب لعنب بلدي، إن حضوره تلك المناسبات يتطلب مصاريف زائدة لا طاقة له بها، وتحولت تلك المناسبات لمن يمتلك المال وليس لعامة الناس.
رواتب لثلاث شرائح
توجد في مدينة الرقة ثلاث شرائح من الموظفين، الأولى الموظفون في مؤسسات النظام السوري الذين يمتنعون عن العمل لدى “الإدارة الذاتية” والمؤسسات التابعة لها، وهم مجبرون على السفر إلى مناطق سيطرة النظام.
والشريحة الثانية، موظفو المنظمات المدنية التي تواجه اتهامات بابتزاز موظفيها ماديًا، ويتراوح راتب العاملين فيها بين 500 و1200 دولار أمريكي، حسب الاختصاص والشهادة وطبيعة العمل.
والشريحة الثالثة، موظفو “الإدارة الذاتية” والمؤسسات التابعة لها، وتتراوح رواتبهم بين 260 ألف ليرة سورية (79 دولارًا) و400 ألف ليرة (121 دولارًا)، لكنهم يشكون باستمرار من عدم وجود أو تطبيق قانون عمل يحميهم ويحفظ حقوقهم.
منازل تتناسب مع الراتب
ويؤثر تباين الرواتب والأجور على إمكانية إيجاد منزل بإيجار شهري مناسب في الرقة، بسبب قدرة البعض على دفع إيجارات مرتفعة بينما لا تسمح القدرة المالية للآخرين بذلك.
بحث جميل النجار (40 عامًا) طويلًا عن منزل ليستأجره وسط أحياء المدينة، لكن تعذر عليه إيجاد منزل يتناسب مع دخله المحدود، بسبب إصرار أصحاب العقارات على أن الإيجار الشهري يجب أن يكون بالدولار الأمريكي وألا يقل عن 70 دولارًا.
وقال جميل لعنب بلدي، إن السبب الرئيس وراء ارتفاع الإيجارات يعود إلى دفع بعض العاملين من ذوي الدخل المرتفع إيجارات وصفها بـ”الخيالية” مقارنة بالأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري.
وبحسب ما أضافه جميل، قُسّم سكان أحياء مدينة الرقة تبعًا للأجر الذي يتقاضونه، فقسم أقصى ما يمكنه فعله التنزه بالحدائق، وهم الفقراء وذوو الدخل المحدود، أما المطاعم و”الكافتيريات” فهي مخصصة لأشخاص يتقاضون أجورًا مرتفعة.
جهات رسمية تتجاهل الموضوع
عضو في “اللجنة الاقتصادية” بـ”مجلس الرقة المدني”، أقر بأن الجهات الرسمية في الرقة وغيرها في شمال شرقي سوريا تتجاهل موضوع توحيد الرواتب أو قوننتها، وفقًا لـ”مقتضيات المصلحة العامة”.
وأضاف عضو “اللجنة”، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “الإدارة الذاتية” مطالَبة بوضع قانون موحد للراتب الشهري ينهي ما أسماه “مهزلة الرواتب” التي تحصل في الرقة وغيرها، فـ”ليس من المعقول تضاعف الراتب بين شخص وآخر لعدة مرات بمجرد اختلاف الجهة التي يعمل بها”.
وتفتقد مناطق شمال شرقي سوريا، التي تديرها “الإدارة الذاتية”، لقانون يوحّد الرواتب أو يضع حدًا أعلى أو أدنى لها، إلى جانب عدم تطبيق قانون العاملين إلى الآن، الذي أقرته “الإدارة” قبل نحو عامين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :