تقرير مجلس حقوق الإنسان الدولي: سوريا غير مناسبة لعودة “آمنة وكريمة”

  • 2021/09/14
  • 6:29 م

أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريرًا يحذر فيه من أن تصاعد أعمال العنف والقتال في سوريا، يجعلها “غير صالحة للعودة الآمنة والكريمة للاجئين”.

وبحسب التقرير الرابع والعشرين للجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا الصادر، اليوم الثلاثاء 14 من أيلول، قال رئيس اللجنة، باولو بينيرو، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إن “بعد مرور عقد من الزمن، تستمر أطراف النزاع في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاك حقوق الإنسان الأساسية للسوريين وتستمر الحرب على المدنيين السوريين”.

وتابع، “من الصعب عليهم إيجاد الأمن أو الملاذ الآمن في هذا البلد الذي مزقته الحرب”.

وأشار التقرير إلى أنه مع دخول رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ولايته الرابعة وهو يسيطر على 70% من الأراضي و40% من عدد السكان، يبدو أنه لا توجد تحركات لتوحيد البلاد أو السعي لتحقيق المصالحة.

وتحدث التقرير عن تواصل حوادث الاعتقال التعسفي والانفرادي من قبل القوات الحكومية “بلا هوادة”، إذ واصلت اللجنة توثيق ليس فقط التعذيب والعنف الجنسي أثناء الاحتجاز، ولكن أيضًا حالات الوفاة أثناء الاحتجاز والاختفاء القسري.

تدهور الاقتصاد

إضافة إلى حالات التدهور الأمني والاعتقال التعسفي، شهد الاقتصاد السوري تدهورًا سريعًا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وتزايد ملحوظ في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50% مقارنة بالعام الماضي، وفق التقرير.

وصرّحت المفوضة في لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، كارين كونينج أبو زيد، أن “الوضع العام في سوريا قاتم بشكل متزايد، فبالإضافة إلى تصاعد العنف، يتدهور الاقتصاد، وأصبحت مجاري الأنهار الشهيرة في بلاد ما بين النهرين في أكثر حالاتها جفافًا منذ عقود”.

وأردفت بالقول، “يبدو أنه لا يمكن إيقاف انتقال فيروس (كورونا المستجد) في المجتمع المحلي، بسبب نظام الرعاية الصحية الذي أهلكته الحرب ونقص الأكسجين واللقاحات، ولا يعتبر هذا الوقت المناسب كي يظن أحد أن سوريا بلد صالح لعودة اللاجئين”.

تزايد في أعمال القتال

شهدت الأشهر الأخيرة تزايدًا في القتال والعنف في مناطق الشمال الغربي والشمال الشرقي والجنوب في سوريا، كما جاء في تقرير الأمم المتحدة، الذي يغطي الفترة من 1 تموز من عام 2020 إلى 30 حزيران  2021.

وذكر التقرير أن الأعمال العدائية في شمال غربي سوريا عادت، إذ تجدد القصف الجوي والمدفعي وتعرضت المرافق الطبية، مثل مستشفى الأتارب، والأسواق والمناطق السكنية، للقصف ضمن هجمات جوية وبرية، غالبًا ما تكون عشوائية، مما تسبب في سقوط العديد من الضحايا المدنيين.

وفي الوقت نفسه، شهد الجنوب الغربي قتالًا “لم نرَ مثيله منذ ما قبل الاتفاق الذي تم بوساطة روسية عام 2018، بين الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة”، حسب التقرير، مشيرًا إلى الحصار الأخير الذي شهدته أحياء درعا البلد.

وقال المفوض هاني مجلي، “شهدت الأشهر الماضية عودة الحصار والتكتيكات الشبيهة بالحصار في محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق على نحو صادم، فبعد ثلاث سنوات من المعاناة التي وثقتها الهيئة في الغوطة الشرقية، بدأت مأساة أخرى تتكشف أمام أعيننا في درعا البلد”.

تضييقات هيئة “تحرير الشام”

أشار التقرير إلى التضييقات التي تمارسها هيئة “تحرير الشام”، التي تمثل أكبر القوى العسكرية المسيطرة في إدلب، وفرض قيود على وسائل الإعلام وحرية التعبير في منطقة سيطرتها شمال غرب البلاد، بما في ذلك عن طريق الاحتجاز التعسفي للنشطاء الإعلاميين والصحفيين، بمن فيهم النساء.

وذلك على الرغم من التصريحات العلنية التي أشارت إلى رغبتها في الالتزام بمعايير حقوق الإنسان الأساسية، حسب التقرير.

انفلات أمني بريف حلب

أما في منطقتي عفرين ورأس العين في حلب، يعيش المدنيون في خوف من العبوات الناسفة المحمولة على السيارات والتي يتم تفجيرها بشكل متكرر في مناطق مدنية مزدحمة، حيث تنفجر في الأسواق والشوارع المزدحمة وتودي بحياة الكثيرين.

جرى توثيق مقتل وتشويه ما لا يقل عن 243 امرأة ورجلًا وطفلًا، في سبع هجمات من هذا القبيل، بين 1 تموز من عام 2020 إلى 30 حزيران 2021، حسب التقرير.

كما استمر القصف العشوائي، بما في ذلك في 12 حزيران عندما أصابت الذخائر مواقع متعددة في مدينة عفرين، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من الأشخاص وتدمير أجزاء من مستشفى “الشفاء” في عفرين.

هجمات تنظيم “الدولة”

سلط التقرير الضوء على تدهور الوضع الأمني في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (الذراع العسكرية للإدارة الذاتية)، حيث ازدادت هجمات فلول تنظيم “الدولة الإسلامية” والصراعات مع القوات التركية.

كما تفاقم السخط وازدادت الاحتجاجات بين السكان، لا سيما في المناطق المأهولة بالسكان العرب.

وواصلت “قسد” احتجاز أكثر من 10 آلاف من مقاتلي التنظيم السابقين المشتبه بهم في  سجون منتشرة في شرق سوريا، منذ عام 2019 على الأقل، ومن بينهم حوالي 750 فتى محتجزين في ما لا يقل عن عشرة سجون.

ولفت التقرير إلى أنه بعد سنوات من الهزيمة الإقليمية لـ”داعش”، لا يزال الآلاف من النساء والأطفال الذين يُشتبه في علاقتهم بداعش محتجزين بشكل غير قانوني في مخيمات عبر شمال شرق سوريا، في الأراضي التي تسيطر عليها “قسد”.

ومازالت العائلات التابعة للتنظيم دون إمكانية اللجوء إلى القانون، ودون تاريخ واضح لانتهاء محنتهم، “فتُركوا لتدبر أمورهم بأنفسهم في ظروف قد ترقى إلى المعاملة القاسية أو اللاإنسانية”.

ففي مخيم الهول ومخيمات أخرى بالقرب من الحدود العراقية في شمال شرق سوريا، يُقدر عدد الأطفال المحتجزين بـ 40 ألف طفل. وحوالي نصفهم من العراقيين، بينما يعود أصل 7800 طفل إلى حوالي 60 دولة أخرى.

ومنذ منتصف عام 2019، تم تسريح ما يقرب من 5000 طفل سوري من المخيمات إلى مجتمعات في الشمال الشرقي، بموجب ما يسمى باتفاقيات “الرعاية العشائرية”.

كما تم إطلاق سراح حوالي 1000 طفل أجنبي وإعادتهم إلى ديارهم.

ونوّه التقرير أنه لا يزال معظم الأطفال الأجانب محرومين من حريتهم، لأن بلدانهم الأصلية ترفض إعادتهم إلى أوطانهم ومعظمهم دون سن 12 عامًا،  ولا أحد يتهمهم بارتكاب جرائم، ومع ذلك، هم محتجزون منذ أكثر من ثلاث سنوات في ظروف مروعة، وحُرموا من حقهم في التعليم واللعب والرعاية الصحية المناسبة.

وأشار رئيس اللجنة، باولو بينيرو، إلى أنه: “يجب أيضًا حماية هؤلاء الأطفال بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، ولا يمكن أن تعني الحماية أبدًا احتجاز الأطفال إلى أجل غير مسمى”.

وكُلّفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخل سوريا منذ آذار من عام 2011.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا