ممنوعة من الدخول.. “البالة” ملاذ ومصدر رزق في الشمال
تشكل “البالة” بديلًا عن الألبسة الجديدة لشرائح واسعة من السوريين، في ظروف الحرب وضيق المعيشة، وهي تلقى رواجًا كبيرًا وتنشر أسواقها بكثافة في مختلف المناطق.
المدن والبلدات في الشمال السوري، باتت مركزًا تجاريًا للملابس المستعملة “البالة” القادمة من تركيا، حيث تصل معظمها من أوروبا.
التاجر (م.الحسين)، تحفظ عن ذكر اسمه الكامل، تحدث لعنب بلدي عن مصدر الألبسة القادمة من أوروبا إلى الشمال السوري، مشيرًا إلى أن سكان الدول الأوروبية يضعون الألبسة والحاجات الفائضة، في صناديق أمام المنازل، وأماكن مخصصة لها في الشارع، ثم يتم تجميعها وإرسالها إلى تركيا عبر شاحنات مخصصة، حيث تباع للتجار حسب الوزن.
وتابع حسين، المتخصص بتجارة الألبسة المستعملة في الشمال السوري، إن فرز البضائع يتم حسب نوعها، مثل المعاطف والأحذية والألعاب والمفروشات والأدوات المنزلية، ثم ترسل البضائع إلى معامل متخصصة في تركيا، لفرزها حسب جودتها إلى نوع أول وثان وثالث حتى مرحلة العدم، ثم ترسل البضائع من تركيا إلى دول أخرى مثل لبنان والعراق وسوريا، والعديد من الدول التي وصفها بالفقيرة.
ملاذ ومصدر رزق
يعاني سكان مناطق الشمال السوري غلاء المعيشة وصعوبة تحصيل الرزق، ليس فقط أهالي إدلب، إنما النازحون القادمون من حمص ودمشق وباقي سكان المناطق التي نزحت إلى الشمال، لذلك يتجه الناس إلى سوق “البالة” لشراء الملابس رخيصة الثمن.
وأكد التاجر الحسين، أن “البالة” أصبحت ملاذاً وحلًا مقبولًا عند عموم السوريين، وسط هذا الغلاء الكبير في مختلف السلع، وليست “البالة” حلاً للعائلة التي تريد لباسًا لأطفالها فقط، إنما هي مشروع برأس مال يبدأ بـ 100 دولار لأي شخص يريد أن يعمل في التجارة، وقد أصبحت مصدر رزق للكثيرين.
ويتحدث التاجر عن جودة أن ملابس “البالة”، فهي ليست قديمة ومهترئة كما يعتقد الكثيرون، إنما هناك ماركات أوروبية وجودة عالية، حسب الحسين.
أسعار رحيمة
تحدث قدور ابراهيم أحد بائعي “البالة” في ريف إدلب، لعنب بلدي عن أسعار “البالة”، التي وصفها بالمناسبة جداً لحال وظروف الناس في مناطق الشمال، وأنها رحمة لهم، وسط هذه الظروف الصعبة.
فسعر البنطال الجديد متوسط الجودة في السوق يتراوح من 60 إلى 80 ليرة تركية، أما سعر أفضل بنطال من “البالة” يتراوح من 20 إلى 25 ليرة تركية.
وقال إن “البالة” أعلى سعرًا في المدينة قياسًا للأرياف، ويصل فرق السعر إلى 10 أو 15 ليرة تركية، حسب القطعة المُباعة من حذاء أو بنطال أو غيرهما.
المعابر مغلقة أمامها
وأضاف الحسين، أن هذه التجارة وجهات مؤخرًا صعوبات كثيرة، واضطر اغلب بائعي “البالة” لإغلاق محلاتهم و”أكشاكهم، وبسطاتهم”، جراء ارتفاع أسعارها بشكل كبير، مع إغلاق المعابر في وجه الشاحنات المحملة بالألبسة الأوروبية المستعملة.
وذكر أن المعابر مفتوحة أمام دخول الحقائب والألعاب والمفروشات، لكنها مغلقة في وجه الأقمشة والملابس، ولا يعرف التجار ما السبب، سوى شائعات بين التجار بأن المسألة مرتبطة بإدخال الأقمشة التركية إلى الشمال، فيما تحدث أحد تجار شحن البضائع عن شكوى تقدم بها أصحاب معامل تركية لوقف دخول “البالة”، بهدف تصريف بضائعهم.
وختم الحسين لعنب بلدي بأن تكلفة الشحن أصبحت كبيرة جداً، وأن شاحنات “البالة” تدخل بشكل غير قانوني (تهريب)، عن طريق العراق، وحتى تصل إلى مناطق إدلب يكون التاجر قد دفع مبالغ لتمريرها على الحواجز، بعد أن يتم تفتيشها مرارًا، بحجة إدخال الممنوعات، وعزا هذا التضييق إلى محاولة منع دخولها.
من جهته أكد أحد بائعي “البالة” المتجولين في الأسواق الشعبية، ناصر بكور، أنه اضطر لإغلاق “بسطته”، التي تعتبر مصدر رزق العائلة، بسبب ارتفاع أسعار “البالة” الى ما يقارب الضعف، إذ بلغ سعر ربطة من الأقمشة الأوروبية المستعملة، بوزن 45 كيلو غرام متوسطة الجودة من 150 إلى 200 دولار، بعد أن كانت 75 دولارًا، كما أنها (البالة) لم تعد بالمتناول.
عنب بلدي سألت مدير المكتب الإعلامي في معبر “باب الهوى”، مازن علوش، عن أسباب عدم إدخال الألبسة الأوروبية المستعملة “البالة”، وأجاب أن الموضوع “ليس بجديد”، فالجانب التركي منع دخولها منذ بداية جائحة “كورونا”، وقال علوش، إن الجانب السوري ليس لديه أي مانع بخصوص إدخالها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :