عمر الأسعد
وأخيرًا ضغط النظام السوري على «زر تشغيل» نائب الرئيس فاروق الشرع، فنطق الأخير في الوقت بدل الضائع والثوار على أبواب دمشق، وعدد شهداء الثورة تجاوز الخمسين ألفًا، ولا أرقام دقيقة عن المهاجرين والنازحين واللاجئين إلى الآن بعد أن غدا الوصول إلى مكان آمن حلم لكل من تطاله صواريخ نظام عصابة البراميل المتفجرة.
ما لا يرغب الأسد أن يقوله على لسانه، يستطيع تمريره عبر «نائبه»، ويكلف صحفيًا مقربًا من النظام ليستنطقه بما يراد له أن ين
لكن ما الذي أتى به الشرع من جديد بعد عامين من الثورة، وبعد أن دكت المدفعية والطائرات القرى والبلدات والمدن، أتى ليخبرنا ببساطة «أن أي من الطرفين لا يستطيع الحسم العسكري» ثم ليؤكد على «ثوابته الوطنية بعدم التدخل الخارجي» وبعدها لينادي «بالتسوية التاريخية التي تحتاج توافق أعضاء مجلس الأمن مع دول إقليمية وعربية للحل في سوريا».
والسؤال هنا: لماذا في هذا الوقت؟ ولماذا يخرج علينا الشرع اليوم بما يريد أن يسميه مبادرته للحل التي لا تختلف كثيرًا عن مبادرة مجايله الإبراهيمي؟ وما الفائدة من تأكيد «النائب الغائب» أن لا أحد يستطيع الحسم، هل أراد أن يرسل ردًا لنائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف الذي أكد أن المعارضة تتقدم والنظام يخسر أمامها؟
أم أنه أراد أن يمهد لما تسرب من مبادرة إيرانية تسعى طهران لتسويقها كحل للأزمة في سوريا، وهذه المبادرة هدفها الأساسي حجز مكانة تخاف طهران دائمًا من فقدانها في الإقليم إذا سقط نظام الأسد؟
أم أن الرجل يريد لنفسه مكانًا في تسوية مستقبلية؟ هذا السؤال الأخير يقتضي سؤالًا آخر: هل يستطيع هذا الرجل الذي خدم ما يقارب الثلاثين عامًا وهو ينفذ ما يطلب منه أن يفكر بالمستقبل بهذه الطريقة؟ لا أعتقد فالأمر مستبعد على الموظف السابق في شركة الطيران والذي يشغل اليوم المنصب السياسي الثاني في البلاد لكن بعقلية «الموظف».
الخوف الوحيد في انحدار بعض المعارضة بالتصفيق لما جاء به الشرع خاصة ممن اعتادوا «الحوار» معه، أما من ضغط «زر التشغيل» عليه أن يطفئه ويعيد حضرة نائب الرئيس إلى سباته السياسي، خير من أن يخرج علينا ليصف السوريين «بالرعاع والمرتزقة».