أبدى عدد من سكان مدينة القامشلي في محافظة الحسكة تذمرهم بعد رفع سعر ربطة الخبز السياحي، لتصبح 1200 ليرة سورية (300 سنت) بعد أن كانت تباع بـ 800 ليرة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
سعدية محمد (45 عامًا) من سكان مدينة القامشلي، قالت لعنب بلدي إنها فوجئت بالسعر الجديد، إذ كانت تشتري ربطتي خبز كل يوم لتكتفي الآن بواحدة فقط، بالإضافة إلى كمية الخبز التي تأخذها من الأفران العامة التي تتجنب الشراء منها في الكثير من الأحيان نتيجة تردي جودة الرغيف.
وأضافت سعدية أنها تضطر إلى شراء الخبز العادي (من الأفران العامة) والانتظار لساعات طويلة في طوابير أمام الأفران العامة، نظرًا لفارق التكاليف والتي باتت حساسة بالنسبة للسوريين.
لم تعلن جهة رسمية في المنطقة عن رفع الأسعار، ولكن المواطنون بدأوا يلمسون ذلك منذ مطلع أيلول الحالي، وهو ما أكده أصحاب أفران في المدينة.
ولم يخفِ عبد الرحمن محمد (50 عامًا) من سكان القامشلي غضبه من التسعيرة الجديدة، واصفًا ذلك “بالسرقة من قوت الناس”.
يحتاج يوميًا من ثلاث إلى أربع ربطات من الخبز السياحي لتكفي عائلته المؤلفة من ستة أفراد، إذ تحتوي الربطة الواحدة منه على سبعة أرغفة فقط بوزن 600 غرام تقريبًا.
يعني ذلك أن عبد الرحمن يحتاج حوالي 144 ألف ليرة سورية (41 دولارًا أمريكيًا) كمصروف شهري من أجل الخبز فقط، في حال اعتمد على الخبز السياحي لوحده.
غلاء لم يقتصر على الخبز السياحي
الارتفاع في أسعار الخبز السياحي، زاد من الاقبال على الأفران الحجرية والعامة، ورصدت عنب بلدي ارتفاع في أسعارها أيضًا، ليصبح سعر رغيف الخبز المنتج في الافران الحجرية 500 ليرة سورية، بعد أن كان يباع بـ 350 ليرة.
أما الخبز المنتج في الأفران العامة فوصلت سعر الربطة الواحدة وزن 1250 غرامًا إلى 1000 ليرة سورية من الباعة في السوق، في حين سعر شرائها من الفرن مباشرة 250 ليرة سورية، لكن الكثير من السكان يتجنب الذهاب إلى الأفران بسبب الزحام الشديد والطوابير الطويلة التي سينتظر فيها لساعات طويلة.
كما تلعب رداءة نوعية الخبز دورًا في عدم الإقبال عليه من قبل السكان، إذ غالبًا ما يكون محروقًا ويتفتت بسرعة ولايمكن تخزينه مدة طويلة، بحسب ما أكده عدة مواطنين لعنب بلدي.
أصحاب الأفران يبررون
وبرر أصحاب الأفران السياحية رفع الأسعار بأن الزيادة جاءت نتيجة زيادة “الإدارة الذاتية” سعر طن الطحين من 350 دولار إلى 420 دولار.
وقال صاحب فرن “وان” السياحي شير محمد (40 عامًا) لعنب بلدي أن عددًا من أصحاب الأفران أضربوا عن العمل عدة أيام قبل أن تستجيب “الإدارة الذاتية” وتسمح برفع سعر ربطة الخبز السياحي، وأن ذلك جرى دون إعلان رسمي لتجنب ردات الفعل من قبل الأهالي.
وأضاف، “كان من غير الممكن الاستمرار في العمل بعد الزيادة في سعر طن الطحين بنحو 80 دولارًا، مع الحفاظ على عدد الأرغفة ووزنها”.
وتعتبر هذه الزياده هي الثانية خلال العام الحالي، بعد مضي أقل من أربعة أشهر على الزيادة التي فرضتها “الإدارة الذاتية” في نيسان الماضي، والتي رفعت بموجبها سعر ربطة الخبز السياحي من 500 إلى 800 ليرة سورية.
أن مدينة القامشلي تضم فرنين عامين فقط، الأول “فرن البعث” ضمن مناطق سيطرة النظام، بالقرب من الملعب البلدي في القامشلي، ويشهد حالة من الزحام بشكل مستمر.
بينما يقع “فرن تشرين” في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، غربي المدينة، ويذهب أغلبإانتاج هذا الفرن إلى القطع العسكرية التابعة لـ”قسد” وأجهزتها الأمنية.
والفرنان لا يكفيان لتلبية الطلب المتزايد على مادة الخبز، خصوصًا أن قسمًا كبيرًا من سكان ريف المدينة يعتمدون في تلبية حاجاتهم أيضًا على هذه الأفران.
ويضاف إلى ما سبق، الفساد المنتشر في الأفران، خصوصًا في عمليات البيع، إذ يجري الاتفاق مع عدة باعة ينتشرون في السوق وفي مواقف السيارات لبيع ربطة الخبز بأسعار مرتفعة تصل إلى ألف ليرة سورية، بدلًا من السعر المباشر وهو 250 ليرة سورية، ما يضطر السكان إلى الاعتماد على الأفران السياحية والحجرية.
أزمة قمح؟
وتبلغ احتياجات شمال شرقي سوريا من القمح بين 500 و600 ألف طن سنويًا، لكن ما تم تسليمه من المزارعين للمراكز التابعة لـ”الإدارة الذاتية” بلغ 183 ألف طن فقط.
وفي بداية تموز الماضي، قال الرئيس المشترك لـ”هيئة الاقتصاد والزراعة”، سلمان بارودو، لوكالة “نورث برس” المحلية، إن “الإدارة الذاتية” أصدرت قرارًا بتشكيل لجنة للضغط على التجار لتسليم القمح المخزن لديهم.
وعلّل بارودو القرارات المتخذة بمنع النقل والاتجار والاحتكار بأنها جاءت لأهمية مادة القمح في تحقيق الأمن الغذائي لسكان شمال شرقي سوريا، وخاصة بعد انخفاض إنتاجية موسم القمح للعام الحالي بسبب شح الأمطار وانخفاض مستوى نهر “الفرات”.