ما مكاسب النظام السوري السياسية من خطوط الطاقة؟
عنب بلدي– زينب مصري
دفع مشروع مدّ خطوط الطاقة إلى لبنان عبر سوريا، مسؤولين لبنانيين رفيعي المستوى إلى إنهاء القطيعة مع النظام السوري، التي بدأت قبل عشر سنوات مع اندلاع النزاع، وزيارته في دمشق لإجراء مباحثات حول المشروع.
وبعد زيارة الوفد الذي ضم نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية السابقة ووزيرة الدفاع والخارجية بالوكالة، زينة عكر، ووزير المالية، غازي وزني، ووزير الطاقة، ريمون غجر، والمدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، بساعات، أعلن النظام السوري، في 4 من أيلول الحالي، موافقته على طلب لبنان تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية من مناطق سيطرته.
وفي اليوم التالي للموافقة السورية على المشروع، استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وفدًا لبنانيًا ضم شيخ طائفة المسلمين الموحدين في لبنان، طلال أرسلان، ورئيس حزب “التوحيد العربي”، وئام وهاب، للتعبير عن دعمهم لحكومة النظام لوقوفها إلى جانب لبنان في “أحلك الظروف”، بحسب قولهم.
وقال الأسد، إن أعضاء الوفد يمثلون “وجه لبنان الحقيقي لإيمانهم بأهمية العلاقة مع سوريا ووفائهم لها”، مؤكدًا أن العلاقات بين البلدين يجب ألا تتأثر بالمتغيرات والظروف، ودعم حكومته للبنان على جميع الأصعدة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
تخفيف للعقوبات
ما إن تمت الموافقة بشكل رسمي، بعد حديث للنظام عن حاجة المشروع إلى “قرار سياسي”، حتى توالت التصريحات حول تفاصيله من الدول المشاركة فيه، ابتداء من اتفاق بين وزراء الطاقة في كل من مصر وسوريا ولبنان والأردن، على أن تتحمل كل دولة تكلفة إصلاح شبكة نقل الغاز ضمن أراضيها.
الاتفاق جاء خلال اجتماع لوزراء الطاقة الأربعة، في 8 من أيلول الحالي، في العاصمة الأردنية، عمان، أكدوا فيه أن الدول الأربع ستكون جاهزة خلال ثلاثة أسابيع لمراجعة الاتفاقيات، وتقييم البنية التحتية لمشروع إيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا.
ورافقت الحديث عن تفاصيل المشروع استنتاجات وتحليلات غير رسمية حول المكاسب التي سيجنيها النظام من تمرير خطوط الطاقة عبر الأراضي السورية، دون إعلانه بشكل رسمي عن الفوائد التي سيجنيها أو الشروط التي وضعها مقابل موافقته على المشروع.
وتركزت التحليلات على مكاسب اقتصادية، تتمثل في حصول النظام على الغاز والكهرباء وتحسينه للبنى التحتية المتضررة في مناطق عبور خطوط الطاقة، مقابل منحه الماء للأردن، إلى جانب التخفيف من حدة الأزمات المعيشية التي يعاني منها المواطنون في مناطق سيطرته.
وأوضحت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، هالة زواتي، أن نصيب سوريا من مشروع نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان سيكون غازًا وكهرباء، وليس مردودًا ماليًا على الأغلب، في لقاء على قناة “الحرة”، في 9 من أيلول الحالي.
وتحدثت الوزيرة عن نتائج إيجابية حول تسهيل الإجراءات المتعلقة بقانون “قيصر”، وأن ذلك كان جزءًا من مباحثات الملك الأردني، عبد الله الثاني، في زيارته إلى أمريكا.
وكان قسم الشؤون الخارجية في وزارة الخارجية الأمريكية، قال في مراسلة إلكترونية سابقة لعنب بلدي، ردًا على سؤال حول إمكانية اتخاذ ملف الغاز المصري وعبوره بالأراضي السورية بوابة لاعتراف أمريكي بالنظام، إنه “ليس لدى الولايات المتحدة أي خطط لتحسين العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد”.
كما لم تقدم الخارجية الأمريكية تعليقات حول تفاصيل المحادثات الدبلوماسية في ما يتعلق بمرور الغاز المصري عبر سوريا، مؤكدة دعمها الجهود المبذولة لإيجاد حلول مبتكرة وشفافة ومستدامة تسهم في معالجة النقص الحاد بالطاقة والوقود في لبنان.
وحول ما إذا كانت هناك استثناءات مستقبلية من قانون “قيصر” المفروض على النظام السوري، شددت الخارجية الأمريكية على أهمية العقوبات باعتبارها أداة مهمة للضغط من أجل محاسبة “نظام الأسد”، وأكدت عزمها مواصلة استخدام هذه الأدوات.
وتحفظت الخارجية الأمريكية على التعليق حول وجود تراخيص أو جهات مستفيدة محتملة من التراخيص أو الإعفاءات، كما رفضت التعليق على وجود أو عدم وجود استثناءات.
الفائدة لحلفاء الولايات المتحدة أولًا
لا بد من النظر إلى الإقرار الإقليمي والدولي بمدّ خط الغاز من مصر إلى الأردن ثم إلى لبنان مرورًا بمناطق سيطرة النظام السوري، على أنه من ضمن سياسة إقليمية ودولية لتهدئة النزاعات ولحل الكثير من القضايا العالقة في المنطقة، بحسب ما قاله الباحث السياسي وائل علوان لعنب بلدي.
وأضاف الباحث أن إقرار المشروع ليس مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بتعويم النظام، إذ ليس هناك حتى الآن توافق دولي على تعويمه.
كما لا توجد تفاهمات إقليمية ودولية نهائية فيما يتعلق بالقضية السورية، وتهدئة المنطقة هي سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، بموجب تفاهمات إقليمية ودولية على ذلك.
ولذلك، فخط الغاز هو بالدرجة الأولى حل لمشكلات حلفاء الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم الأردن، ولتهدئة الأوضاع الكارثية والانهيار السريع في لبنان.
والتوافق على الحكومة اللبنانية الجديدة لم يكن ليحصل لولا وجود الرغبة الدولية التي سمحت ببدء حل بعض المشكلات في لبنان لكيلا ينهار كل شيء فيه، كذلك الأمر بالنسبة للوضع الاقتصادي في الأردن.
ووقّع الرئيس اللبناني، ميشال عون، في 10 من أيلول الحالي، مع رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، نجيب ميقاتي، مرسوم تشكيل الحكومة اللبنانية، بحضور رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، وذلك بعد نحو شهر ونصف من تكليف ميقاتي بتشكيلها.
وخلال مؤتمر صحفي بعد توقيع المرسوم، ردًا على سؤال حول إمكانية التواصل مع النظام السوري كجزء من وصل ما انقطع، شدّد ميقاتي على إمكانية التواصل مع أي كان سوى إسرائيل، من أجل لبنان والمصلحة اللبنانية.
وأشار الباحث وائل علوان إلى أن النظام سيستفيد فائدة اقتصادية محدودة ستنعشه ولن تنقذه، وستعطيه “رمقًا من الحياة”، وهو أمر لا تعارضه الولايات المتحدة.
وبحسب علوان، فإن الغرب عمومًا وأمريكا لم يكونوا مستعدين في يوم من الأيام لخنق النظام بشكل كامل، وسابقًا كانت هناك بعض التلميحات الروسية التي جاءت على سبيل التهديد، والتي كانت موجهة لأمريكا، بأن الاستمرار في سياسة الضغط والعقوبات قد تؤدي إلى انهيار النظام.
إذ لا تريد الولايات المتحدة خنق النظام حفاظًا على أمن المنطقة عمومًا وخاصة أمن إسرائيل، لكنها تريد إخضاع النظام وفق ما ترتئيه المنظومة الدولية، ولذلك حتى العائدات الاقتصادية المحدودة للنظام هي ضمن الهامش الإقليمي والدولي المسموح به، والفائدة الأساسية ستعود على لبنان أولًا وعلى الأردن ثانيًا.
وأوضح الباحث أن التصريحات الروسية والتوجه الأمريكي يوحيان بعدم وجود رغبة إقليمية ودولية بعودة المعارك وعودة التصعيد، وسوريا، كما دول المنطقة، تتجه إلى تخفيف النزاعات والصراعات والفوضى الأمنية والمجتمعية.
وكانت الرئاسة اللبنانية أعلنت، في 19 من آب الماضي، تلقي الرئيس اللبناني، ميشال عون، اتصالًا هاتفيًا من السفيرة الأمريكية في لبنان، دوروثي شيا، أبلغته فيه قرار الإدارة الأمريكية بمساعدة لبنان لاستجرار الغاز المصري من الأردن عبر سوريا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :