حكومة لبنانية في خدمة الأسد بعد عام من التعطيل

  • 2021/09/11
  • 4:32 م

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي_ 10 من أيلول (الجديد)

أعلن نجيب ميقاتي، الجمعة 10 من أيلول، تشكيل حكومته بعد نحو شهر ونصف من تكليفه، على خلفية حالة تخبط سياسي، بدأت منذ استقالة حكومة حسان دياب في آب 2020، بعد أقل من أسبوع على انفجار مرفأ بيروت، واعتذار مصطفى أديب عن عدم تشكيل الحكومة، ثم اعتذار الحريري بعد نحو تسعة أشهر من التكليف.

وأبدى ميقاتي في المؤتمر الصحفي الذي تبع توقيع مرسوم التشكيل بحضور كل من الرئيس اللبناني، ميشال عون، ورئيس مجلس النواب، نبييه بري، إمكانية إقامة علاقات مع أي بلد، بما في ذلك سوريا، من أجل لبنان ومصلحته، بحسب ميقاتي.

تلميحات ميقاتي التي قدّمها على عجالة قبل أن يختتم مؤتمره الصحفي، تأتي في ظل سعي النظام السوري لفرض حضوره في لبنان، مستفيدًا من وجود حلفاء يطالبون بعلاقات طبيعية معه، وأبرزهم “حزب الله” وحلفاؤه الحاصلون على أغلبية برلمانية في انتخابات 6 من أيار 2018.

ورغم محاولة لبنان اتباع سياسة “النأي بالنفس” عما يجري في سوريا منذ اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، وقف “حزب الله” إلى جانب النظام السوري، كما لم تصدر أي تصريحات معادية للنظام على لسان “التيار الوطني الحر” ممثلًا بجبران باسيل، وحزب “العهد القوي” الذي يقوده الرئيس اللبناني، ميشال عون.

لكن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، سعد الحريري، رفض، في آب 2018، حين كان مكلفًا بتشكيل الحكومة اللبنانية، عودة علاقات بلاده مع النظام كشرط لتشكيل الحكومة.

وسبق تشكيل حكومة ميقاتي تحرك سوري خجول تجلى بمنح النظام نحو 75 طنًا من الأكسجين للبنان، لتفادي النقص الحاد بالأكسجين في المستشفيات اللبنانية، بتوجيه من رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في آذار الماضي.

ورغم تطمينات أمريكية قدمتها السفيرة الأمريكية في بيروت، دوروثي شيا، للرئيس اللبناني، بإمكانية كسر العقوبات على النظام وإيصال الغاز المصري عبر سوريا إلى لبنان، أعاد “حزب الله” ملف التشكيل الحكومي لحالة الاستعصاء حينها، إلى أن بدا المناخ الدولي متمثلًا بالانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وتقلص الدور الخليجي والفرنسي في لبنان، أكثر ليونة، ما شجع “حزب الله” على التحرك في سبيل كسر عزلة النظام السوري، وفق ما قاله الصحفي حازم الأمين لموقع تلفزيون “الحرة“، في 9 من أيلول الحالي.

وبالنظر إلى مشروع الغاز بين الدول الأربع، سوريا ولبنان والأردن ومصر، يبدو بوضوح قبول عمان والقاهرة الضمني بالنظام السوري، واستعدادهما لإقامة علاقات طبيعية معه، ما يدفع لبنان إلى الاتجاه نفسه.

وأوضح الأمين أن لا حكومة في لبنان ما لم تنخرط في مهمة تعويم النظام السوري، ولا كهرباء ما لم يتقاضى النظام ثمن مرورها بالأراضي السورية، وأن استيراد لبنان للمحروقات مرهون بإمداد قادة النظام واستمرار التهريب عبر الحدود البرية.

ولا يتفق الترحيب الأمريكي بالحكومة الجديدة، وتشجيعها على التنفيذ العاجل للإصلاحات اللازمة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني المتدهور، وفق ما قاله المتحدث باسم البيت الأبيض، نيد برايس، اليوم السبت، عبر “تويتر”، مع التشكيلة الحكومية التي أعلنها ميقاتي، إذ تكشف التشكيلة الوزارية عن غياب أي تعديلات جذرية في أسمائها، وارتباطها بمسؤولين لبنانيين آخرين لا ينالون رضا الشارع.

 

كما لا تحقق التشكيلة تطلعات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتشكيل حكومة اختصاصيين، بالإضافة إلى قرب بعض الوزراء من النظام السوري بشكل مباشر، فالحكومة الجديدة تضم جورج قرداحي وزيرًا للإعلام، رغم تبنيه رواية النظام السوري.

وقال قرداحي الممثل لتيار “المردة” الذي يقوده سليمان فرنجية، القريب من النظام السوري أيضًا، ضمن برنامج “المليونير” عبر “MBC”، في بداية الثورة، إن هناك وسائل إعلام تتآمر على سوريا، وامتدح شخص رئيس النظام ووالده في لقاء تلفزيوني عبر قناة “OTV”، عام 2013، كما وصف رئيس النظام بشخصية عام 2018.

https://www.youtube.com/watch?v=2Ow22Tujh04

وكان رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، خفّض سقف الآمال من الحكومة الجديدة، معتبرًا في تغريدة عبر “تويتر” اليوم، السبت، أنه ليس هناك ما يشجع على الثقة، “ما دامت المنظومة السيئة ذاتها كانت لها اليد الطولى في إنتاج هذه الحكومة، مع تكرار تقديري لبعض الوزراء”.

وذكرت صحيفة “المدن” اللبنانية، أن الحكومة اللبنانية ما كانت لتشكّل لولا حجز حصة استرضائية للنظام السوري في الحكومة التي يدخلها مجددًا كلاعب مؤثر في الساحة اللبنانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن دور النظام في لبنان لن يعود كسابق عهده، لكنه موجود، ولديه حلفاؤه وأتباعه في المشهد اللبناني المعقد.

واستطاع ملف إيصال الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، كسر عزلة النظام السياسية مع البلد الجار، وفتح باب الزيارات الرسمية الموصدة بين الجانبين منذ سنوات.

واستقبل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، وفدًا من حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عند معبر “جديدة يابوس” على الحدود السورية- اللبنانية، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 4 من أيلول الحالي، في زيارة هي الأولى لوفد حكومي لبناني رفيع المستوى إلى سوريا منذ اندلاع الثورة فيها قبل عشر سنوات.

ولم يستبعد الصحفي ابراهيم حيدر، وفق ما نشرته صحيفة “النهار“، إجراء ترتيب زيارة للرئيس اللبناني إلى دمشق “إذا سارت الأمور كما يشتهي لبنانيًا، بعد تثبيت شروطه حكوميًا على مسار التأليف، وأيضًا في ما يتعلق بالصلاحيات والهيمنة وتكريس أعراف وتقاليد الأمر الواقع”.

وتلا هذه الزيارة بيوم واحد فقط، استقبال بشار الأسد، في 5 من أيلول الحالي، وفدًا لبنانيًا ضم شيخ طائفة المسلمين الموحدين في لبنان، طلال أرسلان، ورئيس حزب “التوحيد العربي”، وئام وهاب، للتعبير عن دعمهم لحكومة النظام لوقوفها إلى جانب لبنان في “أحلك الظروف”، بحسب قولهم.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا