د. أكرم خولاني
البدانة أو السُمنة الزائدة هي من عوامل الخطورة التي تزيد فرص الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية الخطيرة، مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وانقطاع النفس في أثناء النوم، إضافة إلى تأثيرها سلبًا على شكل الجسم وجماله.
ولذلك يبحث الكثير ممن يعانون من البدانة عن حلول للتخلص منها بشكل سريع، فيلجأ بعضهم للحمية الغذائية ويلجأ بعضهم الآخر للرياضة، ويلجأ آخرون للعلاجات الدوائية.
ومن بين الإجراءات المطروحة كخيار لعلاج البدانة ما يُعرف بعملية ربط المعدة، التي تساعد على تقييد المعدة برباط أو حزام مخصص، وبالتالي تقليل حجمها وتقليل ما تتناوله من طعام، ولكن قد يكون لهذه العملية بعض التأثيرات الجانبية السلبية.
ما المقصود بعملية ربط المعدة
ربط المعدة (Laparoscopic Gastric) أو تحزيم المعدة، هي عملية جراحية يقوم مبدؤها على تركيب رباط مكون من مادة السيليكون حول الجزء العلوي من المعدة، وتوصيله بأنبوب يمر تحت جلد بطن المريض ليتمكن الجراح من خلاله من حقن الرباط بمحلول ملحي حتى ينتفخ، ويعمل شريط السيليكون مثل حزام يسهم في تحديد سرعة مرور الطعام نحو الجزء السفلي من المعدة، والإحساس بالشبع عندما يمتلئ الجزء العلوي الصغير من المعدة، والنتيجة هي نقص كبير في كميات الطعام المتناول دون الإحساس بالجوع.
ويتميز هذا النوع من جراحات علاج البدانة بأن كل الغذاء المتناول يتم هضمه وامتصاصه، لذلك لا يعاني الأشخاص الذين يخضعون لهذه العملية من سوء التغذية.
ما الحالات التي يمكن فيها إجراء عملية ربط المعدة؟
يجب توفر المعايير التالية في الشخص الراغب في إجراء العملية لزيادة فرص النجاح:
- ألا يقل مشعر كتلة الجسم (BMI) لديه عن 40 كغ/ م2 (كتلة الجسم هي نسبة الوزن بالكيلوغرام إلى مربع الطول بالمتر).
- ألا يقل مشعر كتلة الجسم عن 35 كغ/ م2 مع وجود مضاعفات خطيرة مثل السكري والضغط وأمراض القلب والتوقف المفاجئ للتنفس في أثناء النوم وازدياد الشحوم بالدم والربو وسلس البول الحاد والتهاب المفاصل.
- ألا يكون المريض مصابًا بقصور في الكلية أو الكبد.
- ألا يقل عمر المريض عن 18 ولا يزيد على 60 سنة.
- أن يكون المريض قد استنفد كل السبل المؤدية إلى إنقاص الوزن بالطرق الأخرى وفشل، مثل الحميات الغذائية والرياضة وغيرهما.
كيف تُجرى عملية ربط المعدة؟
تُجرى العملية تحت التخدير العام، عن طريق المنظار، حيث يتم عمل خمسة شقوق صغيرة في البطن قطر كل منها لا يتعدى سنتيمترًا واحدًا، ومن خلالها يُدخل المنظار، ويُوضع رباط حول الجزء العلوي من المعدة باستخدام المنظار، ليقسم المعدة إلى قسمين بينهما ممر ضيق، هذا الممر يسمح بوصول قدر بسيط من الطعام ببطء إلى القسم السفلي من المعدة.
يستطيع المريض مغادرة المستشفى بعد يوم من العملية، ثم بعد يومين من البقاء في المنزل يستطيع ممارسة نشاطاته، لكن ينصح بالبقاء في المنزل لمدة أسبوع قبل العودة إلى العمل.
يستمر المريض على شرب الماء وتناول الطعام المهروس فقط لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ثم يتم إدخال بعض الأطعمة الطرية إلى نظامه الغذائي، وبعد ستة أسابيع يمكنه العودة إلى نظام غذائي صحي متوازن بالكامل.
يتم التحكم بالحلقة من قبل الطبيب حسب حالة المريض ووزنه خلال المراجعات، فيتحكم في تضييق أو توسيع الممر بين قسمي المعدة عن طريق استخدام إبرة مخصصة لإدخال محلول ملحي لملء تجويف الرباط ليضيق، أو إفراغه من المحلول فيتسع، وبذلك يتم التحكم في سرعة وصول الطعام إلى الجزء السفلي من المعدة.
تبدأ النتائج بالظهور بعد عدة أسابيع من إجراء العملية، حيث يقل الوزن، وتستمر النتائج حتى عام أو عام ونصف، وفي قليل من الأحيان يمكن أن تظل مستمرة حتى ثلاثة أعوام.
لكن يمكن فقدان نجاح العملية إذا كان المريض يتناول الكثير من الوجبات الخفيفة أو يتغذى بالأغذية ذات السعرات الحرارية العالية والغنية بالسكر، على سبيل المثال الأطعمة السائلة العالية الطاقة.
ما مزايا عملية ربط المعدة؟
توجد فوائد عديدة لعملية ربط المعدة مثل:
- تؤدي إلى فقدان حوالي 35-45% من الوزن الزائد.
- تعد عملية تحزيم المعدة العملية الأكثر أمانًا من عمليات تخفيف الوزن والأقل أعراضًا جانبية.
- يتم إجراء شق صغير الحجم في البطن، ما يقلل من فترة المكوث في المستشفى، والتعافي سريعًا.
- ليست دائمة ويمكن إزالتها في أي وقت يريده المريض.
- لا تؤثر العملية على هضم وامتصاص الطعام، فلا يحدث للمريض أي نقص في أحد الفيتامينات والمعادن.
- إمكانية التحكم في الحلقة حسب وزن المريض من خلال تقليل أو زيادة سرعة عبور الطعام للجزء السفلي من المعدة.
- ينقص الوزن بشكل تدريجي، ما يساعد المريض على ممارسة حياته ونشاطاته بكل أريحية.
- يساعد تخفيف الوزن على تقليل مضاعفات بعض الأمراض مثل: السكري النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب.
ما المضاعفات المحتملة لعملية ربط المعدة؟
أهم الأضرار والمضاعفات الصحية التي قد تصاحب عملية ربط المعدة:
مضاعفات متعلقة بالتخدير:
كغيرها من العمليات الجراحية تحت التخدير العام، قد يعاني المريض من رد فعل تحسسي، أو الانصمام الرئوي، إضافة إلى نزيف الدم، أو النوبة القلبية، أو السكتة الدماغية.
توسع الكيس المعدي:
قد يؤدي الضغط الكبير على الكيس المعدي إلى توسعه، وقد تحدث هذه الحالة نتيجة شد الرباط بشكل زائد عند إجراء العملية أو تناول كميات كبيرة من الطعام، وتعد هذه الحالة من أكثر مضاعفات ربط المعدة شيوعًا، حيث يصاب بها حوالي 12% من الأشخاص الذين يخضعون لهذه العملية، وقد تكون مصحوبة بعدد من الأعراض مثل ألم البطن، وعسر الهضم، والحرقة، والشعور بالشبع بسرعة.
انزلاق الرباط:
ينزلق الرباط عن مكانه الصحيح، ما يؤدي إلى تحرك المعدة إلى أعلى أو أسفل الرباط، وغالبًا ما تحدث هذه المشكلة نتيجة الإفراط في الأكل، وهي تصيب أقل من 5% من الأشخاص فقط، وتتشابه الأعراض الناجمة عن انزلاق الرباط مع أعراض توسع الكيس المعدي، وتحتاج هذه المشكلة في معظم الحالات إلى تدخل جراحي لتصحيحها.
تآكل الرباط:
وهو إحدى المضاعفات النادرة لعملية ربط المعدة، إذ لا تتجاوز فرصة حدوثها 1% من مجموع الحالات، وتتمثل بتآكل جزء من الرباط بشكل تدريجي ودخوله إلى تجويف المعدة، وتحدث نتيجة التعرض لجرح في جدار المعدة في أثناء تركيب الرباط، أو تثبيته بشدة، وقد لا يشعر الشخص بأي أعراض نتيجة تآكل الرباط في بعض الحالات، أما في حال ظهور الأعراض فغالبًا ما تتمثل بالشعور بألم في البطن، ونزيف داخلي، وفي حال حدوث هذه المشكلة فإن إزالة رباط المعدة يعد أفضل علاج للحالة.
العدوى الداخلية:
يرتفع خطر الإصابة بعدوى داخل البطن عند إجراء عملية ربط المعدة، وفي حال حدوث العدوى لا بد من إزالة الرباط.
عدوى منفذ الرباط:
قد تحدث هذه العدوى بشكل مبكر أو متأخر بعد إجراء العملية، وقد تكون العدوى المبكرة مصحوبة باحمرار منطقة العدوى وانتفاخها والشعور بالألم، أما بالنسبة للعدوى المتأخرة فقد تؤدي إلى بعض المضاعفات الصحية الخطيرة في حال عدم اكتشافها في وقت مبكر وعلاجها، حيث إنها قد تؤدي إلى إنتانات في منطقة البطن.
اختلال المنفذ:
ويتضمن ذلك تسريب المحلول الملحي المستخدم لنفخ الرباط، وإزاحة أو التفاف المنفذ، ويجب في هذه الحالة تبديل الرباط أو الأنبوب الواصل إليه بحسب مكان التسريب لمنع حدوث المضاعفات الصحية.
الارتجاع المعدي المريئي:
وهو من المضاعفات الشائعة لعملية ربط المعدة، إذ يصاب به 7% من الأشخاص تقريبًا، ويؤدي إلى شعور الشخص بأعراض عدة، مثل الحرقة، وألم البطن، والغثيان والتقيؤ، وصعوبة البلع، والسعال المزمن.
الانسداد:
نتيجة تندب الجهاز الهضمي قد يحدث انسداد في الممر الضيق بين قسمي المعدة، ما يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالألم وغثيان وقيء.
سوء التغذية:
لأن تناول كميات أقل من الطعام يمكن أن يتسبب في عدم إمداد الجسم باحتياجاته من المواد الغذائية المهمة، لذلك ينصح الأطباء باستخدام الفيتامينات والمكملات الغذائية بعد إجراء العملية.