“الأعراق البشرية”.. كيف تنشر الأنظمة العنصرية أفكارها
يناقش كتاب “الأعراق البشرية” فكرة العرق البشري وتحوله عبر الزمن إلى أداة ضارة اُستخدمت للحفاظ على أوضاع معيّنة والاستفادة منها، غالبًا من قبل أنظمة عنصرية تعتمد على فكرة أن الاختلافات العرقية وأوجه التفاوت بين الناس سببها بيولوجي وطبيعي.
الكتاب الذي وضع ثلاثة مؤلفين أكاديميين جهدهم فيه، هم آلان إتش جودمان ويولاندا تي موزِس وجوزيف إل جونز، يوضح أن تلك الفكرة تعتمد على “علم زائف” يسهل دحضه، إنما اختلاف الأعراق البشرية لا علاقة له بالجينات أو بعلم الأحياء، وإنما هو مفهوم ثقافي تجب التوعية بموضوعاته.
يعرض الكتاب (544 صفحة) الأفكار المغروسة بعمق في أذهان المجتمع الأمريكي، وهي الأفكار التي رسخت النظرة العنصرية الأمريكية بشأن بعض الأعراق، والتي صارت مثل الاعتقاد القديم بأن الشمس تدور حول الأرض.
بحسب الكتاب، فإن حركة الجماعات البشرية على مر التاريخ لم تنتج التصنيف العرقي للبشر بشكل واضح، إلا في العصر “الكولونيالي” وبداية الاستكشافات الأوروبية الاستعمارية في إفريقيا وآسيا والأمريكيتين، حينها اخترع الأوروبيون فكرة العرق لتصنيف الجماعات البشرية وبالتبعية الأفراد وترتيبهم، ما مكّنهم بعد ذلك من استعبادهم.
يعترف الكتاب بالتباين البيولوجي بين البشر، وهو بمثابة ضرورة من ضرورات بقاء الجنس البشري، ولكن فكرة العرق لا تفسر التباين البيولوجي عند الناس، لأن الأشخاص ببساطة مختلفون، وفكرة العرق البيولوجي هي أن البشر يتشاركون فيه جميعًا، ولا يتميزون فيه بين أنفسهم.
فالأعراق التي وُصمت بالأدنى في فترة من الفترات التاريخية، لو نشأ أحد أفرادها في وسط عرق مختلف، وتلقى نفس الجرعات الثقافية والتعليمية، فلن يختلف عنهم ثقافيًا ولا إدراكيًا.
ويسرد الكتاب التاريخ السابق عن الفترة التي اُخترع فيها مفهوم العرق، للتأكيد أن المسألة لم تكن تتعلق أبدًا بالفئات التصنيفية، ولكنها تعلّقت دائمًا بإنشاء التدرجات الهرمية.
وبالعودة إلى فترة ما قبل ظهور مستعمرات العبودية- العرقية، أوضح الكتاب أن التقسيم بين الشعوب ظهر في أوروبا المسيحية وكان على أساس ديني، حيث ثمة شعوب مسيحية وأخرى كافرة، وتتضمن هذه الشعوب الكافرة، بحسب التقسيم حينها، اليهود والمسلمين والوثنيين، ولم يستند التقسيم إلى لون البشرة أو غيرها من العناصر البيولوجية.
ويرجع الكتاب التنوع البيولوجي للبشر، وتشابه بعض الجماعات البشرية في الخصائص البيولوجية، سواء الظاهرية أو الداخلية، إلى التطور الطبيعي لهم، تبعًا للتكيف في بيئات جغرافية ومناخية متنوعة.
أهم مسببات ذلك التنوع، وفق الكتاب، هي الشمس حيث تعمل كمطور للتباينات بين البشر، وتعتبر عاملًا محفزًا، سواء لتدرجات لون البشرة، أو لحجم وكثافة الهياكل العظمية بين الشعوب التي تعيش تحت الشمس، والأخرى التي تبتعد عنها.
الكتاب متوفر بنسخة عربية، ترجمة شيماء طه الريدي وهبة عبد المولى أحمد، ومراجعة هبة عبد العزيز غانم، وهو صادر بموجب اتفاق قانوني بين مؤسسة “هنداوي للنشر” و”جون وايلي أند صنز”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :