خطوط التماس هي الأخطر.. مواسم الزراعة تحصد أرواح المدنيين في جبل الزاوية
“نحن مجبورون حاليًا على البقاء في جبل الزاوية خلال موسم التين، على الرغم من قصف النظام”، كلمات تحدث بها لعنب بلدي الشاب عامر شحادة خطيب، من أهالي جبل الزاوية، جنوبي إدلب، تلخص حال أهالي المنطقة المصرّين على قطف موسمهم.
وتشكّل المواسم الزراعية لأهالي الجبل، من تين وكمون وزيتون وغيرها من المحاصيل، متنفسًا اقتصاديًا في ظل حالة النزوح، وندرة فرص العمل في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.
ودفع أهالي الجبل حياتهم ثمنًا لقطف محاصيلهم الزراعية، آخرها موسم التين، نتيجة انفجار ألغام وذخائر غير منفجرة أحيانًا، وباستهدافهم بشكل مباشر من قبل قوات النظام في أحيان أخرى.
فيصل الخليل من أهالي بلدة كنصفرة بجبل الزاوية، فقد أطفاله الأربعة (آيات 12 عامًا، محمد تسعة أعوام، مريم ستة أعوام، حاتم ثلاثة أعوام)، بقصف استهدف الأراضي الزراعية في 20 من آب الماضي.
وبحسب ما نقله مراسل عنب بلدي عن القيادات العسكرية في المنطقة، فإن قرى وبلدات كفر عويد وكنصفرة والفطيرة وسفوهن والبارة، هي أخطر الأماكن على المدنيين، نتيجة وجودها على خطوط التماس مع النظام، أما القرى التي تقع خلف هذا الخط فتعتبر أقل خطرًا.
القائد العسكري في “جيش النخبة” التابع لـ”الجبهة الوطنية للتحرير” الرائد سالم، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن الأهالي مصرّون على قطف المحصول، تزامنًا مع القصف الذي تشهده مختلف قرى جبل الزاوية.
وتقدم غرفة عمليات “الفتح المبين”، التي تضم “هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير”، والمسؤولة عن إدارة المنطقة عسكريًا، حسب الرائد سالم، التسهيلات للمدنيين خلف خطوط التماس، من إسعاف المصابين ومساعدة المدنيين، وتحذيرهم من إحداثيات يمكن أن يقصفها النظام كانت المراصد العسكرية رصدتها.
كما تحذر المدنيين في حال وجود طيران استطلاع، وتعطيهم مواقيت قطاف التين عند غياب طائرات الاستطلاع، وغالبًا ما تكون في الصباح الباكر أو بعد العصر.
وأكد الرائد سالم أن العسكريين نبهوا الأهالي في الجبل إلى ضرورة عدم الاقتراب من خطوط التماس العسكرية دون الرجوع إلى غرف العمليات، مشددًا على عدم دخولهم إلى خطوط القتال أو التواجد أمامها.
قصف من السماء وألغام في الأرض
في 2 من أيلول الحالي، قُتل الشاب محمد نادر البكور في بلدة البارة نتيجة انفجار لغم أرضي.
واستجابت فرق “الدفاع المدني”، خلال آب الماضي، لخمسة حوادث انفجار ألغام في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
إذ أُصيب شاب بانفجار لغم، في 28 من آب، سبقته في 23 من الشهر نفسه إصابة مدني آخر بانفجار لغم من مخلفات المعارك السابقة.
وفي 11 من آب، قُتل شاب وأُصيب طفل، كما أُصيب أربعة مدنيين آخرين خلال عملهم بقطاف التين في محيط البارة.
وليست الألغام فقط التي حصدت أرواح المدنيين خلال موسم التين، إذ استهدفت قوات النظام المزارعين خلال عملهم في قطاف التين موقعة قتلى وجرحى بينهم.
وصعّد النظام من قصفه المدفعي والصاروخي على مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، تزامنًا مع غارات الطيران الحربي على محافظة إدلب منذ بداية حزيران الماضي.
وتتعرض محافظة إدلب لغارات من الطيران المشترك لقوات النظام وروسيا يوميًا منذ 19 من آب الماضي.
وتخضع المحافظة لاتفاق “موسكو” الموقع في 5 من آذار 2020، الذي نص على وقف إطلاق النار كأبرز البنود، لكن النظام وروسيا لم يوقفا قصف مناطق سيطرة المعارضة.
ووثق “الدفاع المدني” استجابة فرق الإنقاذ والإسعاف، منذ بداية التصعيد الأخير لقوات النظام وروسيا على شمال غربي سوريا بداية حزيران حتى 18 من آب الماضيين، لأكثر من 425 هجومًا.
وأدت الهجمات إلى مقتل 101 شخص، بينهم 32 طفلًا و 18 امرأة، إضافة إلى متطوعين اثنين في صفوف “الدفاع المدني”.
كما جُرح أكثر من 270 شخصًا نتيجة لتلك الهجمات، بينهم أكثر من 67 طفلًا وطفلة تحت سن الـ14.
تحذير من القطف دون تنسيق
طلبت “هيئة تحرير الشام”، عبر بيان، من المزارعين في منطقة جبل الزاوية عدم الاقتراب من الأراضي الزراعية لقطاف التين دون تنسيق مع المكلفين من قبلها.
وقسّمت “تحرير الشام” المنطقة إداريًا إلى ثلاث مناطق، الأولى من جنوب قرية كفر عويد حتى قريتي سفوهن والفطيرة، والثانية كامل الخط المحاذي لبلدة كنصفرة، والثالثة كامل الخط المحاذي لبلدة البارة وقرية دير سنبل شرقًا.
وأجرت فرق “UXO” المتخصصة بمسح وإزالة الذخائر غير المنفجرة التابعة لـ”الدفاع المدني”، خلال 2020، أكثر من 600 عملية إزالة لمخلفات الحرب، وتخلصت من نحو 620 ذخيرة متنوعة، وأجرت فرق المسح 167 عملية مسح، حددت فيها 237 منطقة ملوثة.
ونفذ النظام وروسيا 546 هجومًا بقنابل عنقودية على الشمال السوري، منذ 26 من نيسان عام 2019 حتى 5 من آذار 2020، بحسب “الدفاع المدني”، الذي أكد أن الآلاف من تلك القنابل لم تنفجر، وصارت قنابل موقوتة تهدد حياة المدنيين لا سيما الأطفال.
وللأجسام غير المنفجرة والذخائر خطر مباشر على سكان المخيمات يهدد حياتهم، وكثيرًا ما أودت الانفجارات بحياة مدنيين وأسفرت عن إصابات خطرة وحالات بتر، وخاصة عند الأطفال، حسب مدير المكتب الإعلامي لـ”الدفاع المدني” في الشمال السوري، إبراهيم أبو الليث.
شارك بإعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب إياد عبد الجواد
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :