حددت الولايات المتحدة الأمريكية موقفها من المشاريع التي تتحدث عن نقل الطاقة إلى لبنان، عبر الأراضي السورية رغم وجود قانون “قيصر” الذي يحد التعامل مع النظام السوري.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية دعمها للجهود المبذولة لما وصفتها بـ”إيجاد حلول مبتكرة وشفافة ومستدامة تسهم في معالجة النقص الحاد في الطاقة والوقود في لبنان”.
وتحفظت الخارجية الأمريكية، في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي نشرت في ملف “خطوط الطاقة تنعش النظام على أعين واشنطن“، على التعليق حول وجود تراخيص أو جهات مستفيدة محتملة من التراخيص أو الإعفاءات، كما رفضت التعليق على وجود أو عدم وجود استثناءات.
وردًا على سؤال حول إمكانية اتخاذ ملف الغاز المصري وعبوره بالأراضي السورية بوابة لاعتراف أمريكي بالنظام السوري، أوضح قسم الشؤون الخارجية في الوزارة، أنه “ليس لدى الولايات المتحدة أي خطط لتحسين العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد”.
لكن الخارجية الأمريكية أكدت في الوقت نفسه أهمية العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على النظام السوري، باعتبارها “أداة مهمة للضغط من أجل محاسبة نظام الأسد”، وعزمها مواصلة استخدام هذه الأدوات.
وكانت “المديرية العامة لرئاسة الجمهورية اللبنانية” أعلنت، في 19 من آب الماضي، عن مساعدة أمريكية للبنان، من أجل استجرار الغاز المصري عبر سوريا، بناءً على ما أبلغت به السفيرة الأمريكية في بيروت، دوروثي شيا، الرئيس اللبناني.
الرئيس عون تلقى اتصالاً هاتفياً من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا أبلغته قرار الإدارة الأميركية بمساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا عن طريق الغاز المصري
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) August 19, 2021
إلا أن واشنطن لم تعلن بشكل واضح آلية المساعدة، وما إذا كانت ستستثني أطرافًا أو دولًا أو مؤسسات، من قانون “قيصر”، في سبييل إتمام صفقة تمرير الغاز المصري عبر الأراضي السورية نحو لبنان.
وفي 4 من أيلول، أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني- السوري، نصري خوري، موافقة سوريا على طلب الجانب اللبناني المساعدة في تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية واستعدادها لتلبية ذلك.
جاء ذلك بعد زيارة وفد من حكومة تصريف الأعمال اللبنانية العاصمة السورية دمشق.
واستقبل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، الوفد عند معبر “جديدة يابوس” على الحدود السورية- اللبنانية، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وجرت جلسة المباحثات بين الجانبين السوري واللبناني في مبنى وزارة الخارجية والمغتربين بدمشق، وتضمنت بحث استجرار الطاقة والغاز من مصر والأردن عبر سوريا وقدرتها على السير بالمشروع، وفق ما ذكرته “الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية”.
وخلال مؤتمر صحفي عقب لقاء الطرفين، صرّح خوري أنه تمت مناقشة الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلدان وخاصة في مجال الكهرباء والغاز، مضيفًا أن الاتفاق تم على متابعة الإجراءات الفنية التفصيلية من خلال فريق مشترك لمناقشة القضايا المتعلقة بالأمور الفنية في كل من البلدين.
ما جدوى قيصر؟
وكان منسق لجنة قانون “قيصر” في “الائتلاف السوري”، عبد المجيد بركات، أوضح، في حديث إلى عنب بلدي في 31 من آب، أن بنود قانون “قيصر” تنص بشكل واضح على فرض عقوبات على النظام والمتعاملين معه، سواء كانوا شخصيات أو كيانات أو حتى دولًا، وبالتالي فلا يوجد أي استثناءات متعلقة بمشاريع من هذا الشكل أو أي مشاريع لها صلة بإعادة الإعمار.
وأوضح أن الاستثناءات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والأمور الطبية واضحة في قانون “قيصر”، وعدا ذلك فهي تعتبر نشاطات اقتصادية تسهم في دعم النظام اقتصاديًا واستمراره دون أن يكون هنالك تغيير على المستوى السياسي والعسكري والأداء الأمني للنظام.
وكانت الغاية من القانون منع النظام من القيام باتفاقيات دولية مع شخصيات أو دول، من أجل أن تكون العقوبات مؤثرة وتؤدي إلى تغيير سلوكيات النظام على كل المستويات، بحسب بركات.
ولكن من الملاحظ أنه منذ بداية تسلّم “الديمقراطيين” للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، هنالك آلية تعاطٍ جديدة مع مفهوم العقوبات، وأن هنالك إعادة مراجعة لتأثير العقوبات وخاصة لقانون “قيصر”.
وبحسب بركات، هنالك تخوف من أن تؤثر السياسات الداخلية والمساومات في الولايات المتحدة الأمريكية على آلية تنفيذ قانون “قيصر”، وأن ينعكس الشأن السياسي على الوضع القانوني بشكل أو بآخر.
الدول الإقليمية تدرك أن التعاطي مع النظام بهذا الشكل سيؤدي إلى فرض عقوبات عليها أو تقييد حركتها الاقتصادية، بحسب بركات، لذا تحاول بعض الدول أن تحصل على استثناءات من الحكومة الأمريكية لتنفيذ هذا المشروع، واعتبار أن هذا الخط يستخدم الأراضي السورية ولا يتعامل مع النظام السوري كمحاولة لإيجاد مخرج قانوني لتنفيذ المشروع.
لكن أبعاد المشروع على المستوى السياسي والاقتصادي ستنعكس على النظام لأنه سيستثمره في إعادة تعويم وتسويق نفسه على أنه قادر على تنفيذ اتفاقيات إقليمية ودولية ذات بعد اقتصادي، وأنه قادر على تجيير هذا الأمر سياسيًا.
ويرى بركات أنه لا توجد حتى الآن موافقة أمريكية أو استثناء أمريكي لتنفيذ المشروع، ولكن توجد محاولات من الدول التي تعمل عليه لتحصل على استثناءات.
وأكد أهمية جدّية العقوبات واستمراريتها من أجل تغيير سلوك النظام على كل المستويات، والتزام الدول بها.