عنب بلدي – صالح ملص
“الأرض التي أتحدث عنها فيها قسمان لهما علاقة بي، الأول نُشرت حصصه السهمية باسمي، لكن لا أتوقع أن باستطاعتي الاختصاص بكتلة عقارية معيّنة داخل المشروع التنظيمي، كوني لا أستطيع التواجد (داخل سوريا) من أجل ذلك، ولا أعلم إذا كان بمقدور المحامي التخصص بكتلة عقارية بدلًا عني”.
تحيط بـ”أ. ب.” (40 عامًا) وهو يسرد قصته لعنب بلدي مخاوف متعددة من ضياع حقه بالحصول على حصة سهمية تعادل القيمة المترية لأرضه الواقعة في داريا الشرقية بريف دمشق.
تنبع تلك المخاوف من كون “أ. ب.” (الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه لأسباب أمنية) لا يملك معلومات واضحة حول مصير ملكية الأرض، بعد أن شملها المرسوم التشريعي رقم “66” لعام 2012، بالإضافة إلى وجود تعقيدات قانونية ترتبط بـ”تهم إرهاب” تغيب عنها أي حلول جدية، من شأنها أن تترك الممتلكات في ظل مصير مجهول.
في تموز الماضي، نشرت محافظة دمشق قوائم بأرقام العقارات المشمولة ضمن المنطقة التنظيمية الثانية المعروفة بـ”باسيليا ستي”، والتي تعتبر توسعة لمدينة دمشق بموجب المرسوم “66“.
تمتد هذه المنطقة التنظيمية من جنوب المتحلق الجنوبي (مزة، كفرسوسة، قنوات بساتين، داريا، قدم) بمساحة تبلغ 900 هكتار، أي ما يعادل تسعة ملايين متر مربع، ويشمل حوالي 4000 عقار.
ضم مخطط المشروع التنظيمي مساحة واسعة من العقارات في داريا الشرقية، بالإضافة إلى عدد محدود من داريا القبلية (من اللوان إلى طريق الدحاديل إلى أوتوستراد درعا).
يواجه سكان داريا في الفترة الأخيرة تحديات كبيرة تتمثل بمعاملات تثبيت الملكية، والتصرف بالعقار بعد إعادة تفعيل المشروع المتوقف لأكثر من خمس سنوات، حيث قيّمت اللجان المشرفة على “باسيليا سيتي” أسعار العقارات وتوزيع الحصص السهمية مقتصرة فقط على المالكين الذين صرحوا بممتلكاتهم، الأمر الذي يضر بملكية أغلبية النازحين واللاجئين من سكان المنطقة، ابتداء من ضياع وثائق الملكية، وصولًا إلى عدم مقدرتهم على العودة إلى سوريا ومتابعة الوضع القانوني لعقاراتهم.
محكمة “الإرهاب” تسرق أملاكهم
“القسم الثاني من الأرض تعود ملكيته لجدي المتوفى عام 2013، قمت بعمل حصر إرث، إلا أن الملكية لم تنتقل في الفترة الماضية بسبب منع المشروع نقل الملكيات عن طريق بيعها، حتى الانتهاء من توزيع الأسهم”، وفق ما قاله الشاب الأربعيني.
الأملاك الداخلة ضمن المنطقة التنظيمية تعتبر ملكًا شائعًا مشتركًا بين أصحاب الحقوق فيها، بحصص تعادل القيمة المقدرة لملكية كل منهم أو الحق العيني الذي يملكه، وقد منعت محافظة دمشق إجراء معاملات البيع أو الشراء أو الهبة على العقارات الداخلة فيها، لأنها تعتبر شخصية اعتبارية تحل محل جميع المالكين وتمثلها المحافظة.
وحين انتهت لجنة التوزيع في المشروع من تقدير قيم المقاسم التنظيمية وتوزيعها بحصص سهمية على الشيوع، فشل المحامي الذي تم توكيله في توزيع حصر الإرث، “لأن هناك حجزًا على أملاكي”، وفق ما قاله الشاب.
وأضاف “أ. ب.” أن قرار الحجز على أملاكه جعل “الحصص التي يجب أن تنتقل لي من إرث جدي حصة مرجأة بانتظار مراجعتي (لأحد الأفرع الأمنية)”.
وصدرت بحق “أ. ب.” مذكرة توقيف من قبل محكمة “مكافحة الإرهاب” في دمشق بسبب مشاركته في الاحتجاجات في أولى سنوات الثورة السورية، وصدر قرار حجز على أملاكه بحكم المحكمة.
“سيتم اعتقالي 100% في حال عودتي إلى سوريا”، وفق تقديرات الشاب، الذي يعجز عن الوصول إلى أرضه، طالما أن الشرط الرئيس لعودته غير متوفر، وهو شعوره بالأمان على حقه في الحياة داخل دمشق، حيث لن يضل رجال الأمن طريقهم لاعتقاله.
في نيسان 2011، قررت حكومة النظام السوري رفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة “أمن الدولة العليا”، وفي تموز عام 2012، أصدرت الحكومة قانون “مكافحة الإرهاب” رقم “19”، وفي الشهر نفسه صدّق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على القانون رقم “22” المؤسس لمحكمة “مكافحة الإرهاب” كي تقضي بذلك القانون الذي أعطى الحق للنائب العام بتجميد أملاك كل من يرتكب الجرائم المتعلقة بـ”الأعمال الإرهابية” أو أي جريمة بموجب هذا القانون.
وبموجب رفع حالة الطوارئ أُنهي العمل بـ”محكمة أمن الدولة العليا”، ولكن كان تعويضها من خلال تشريع قانون “مكافحة الإرهاب”، وإنشاء محكمة استثنائية خاصة بقضايا الإرهاب.
ونصت المادة رقم “12” من قانون “مكافحة الإرهاب” على أنه “في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، تحكم المحكمة بحكم الإدانة بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة وعائداتها والأشياء التي استُخدمت أو كانت معدة لاستخدامها في ارتكاب الجريمة، وتحكم بحل المنظمة الإرهابية في حال وجودها”.
وأُصدرت آلاف الأحكام بمصادرة الأملاك العقارية في سوريا بموجب تلك المادة.
ويصدر قرار الحجز الاحتياطي ضد المحكومين من قبل وزير المالية، بناء على طلب النيابة العامة لدى محكمة “مكافحة الإرهاب”.
ويحمي الدستور السوري الحالي لعام 2012 في مواده “15” و”16″ و”17″ الحق في الملكية الفردية ويحترم خصوصيتها، ويعزز تلك الحماية “القانون المدني السوري” و”قانون التخطيط وتنظيم عمران المدن” رقم “23” لعام 2015.
ويعد النص المخالف للدستور باطلًا ومنعدمًا، ويمكن للقاضي الامتناع عن تطبيقه تلقائيًا نظرًا إلى مخالفته النظام العام، أو عن طريق الدفع بعدم دستورية القانون.
كما أن الحكم القضائي المستند إلى قانون مخالف للدستور لا يمنح الشرعية للقانون، وهو يعتبر بحد ذاته منعدمًا حتى ولو كان صادرًا عن قاضٍ في محكمة أيًا كانت.
وعلاوة على ذلك، فإن محكمة “مكافحة الإرهاب” هي محكمة استثنائية غير مشروعة، ويعتبر وجودها اعتداء على السلطة القضائية، ومخالفًا لأحكام الدستور الذي حصر التقاضي أمام المحاكم بالقضاء العادي الذي تتوفر فيه ضمانات المحاكمة العادلة من حيث الإجراءات وحق الدفاع.
إجراءات غير واضحة
عند الحديث عن تحديات الحفاظ على الملكيات، فإن أصحاب العقارات الداخلة بتنظيم المرسوم “66” في داريا يفقدون حقوقهم بالسكن لأسباب عديدة، منها وجود عوائق أمنية- قانونية، أو عدم قدرتهم على العودة إلى مناطقهم الأصلية.
ويتعقد هذا المشهد أكثر حين لا يملك بعضهم أي معلومات واضحة حول آلية المحافظة على أراضيهم ومنازلهم بعد نشر الحصص السهمية بموجب المرسوم رقم “66”.
تشكو “أم عمار” (58 عامًا)، وهي مقيمة في دمشق، لعنب بلدي خوفها من غموض الخطوات التي يجب أن تتخذها لمعرفة ما إذا كانت قطعة الأرض التي تمتلكها في داريا “القبلية” قد شملها المخطط التنظيمي أم لا.
تقول “أم عمار” إن “جميع الأمور غير واضحة بالنسبة لي، لدي مخاوف من عدم قدرتي على معرفة ما يجب عليّ فعله، أحاول الوصول إلى شخص يمكنه مساعدتي على التأكد فيما إذا كانت أرضي التي أملكها بـ(طابو أخضر) قد دخلت في التنظيم، لكنني لم أصل حتى الآن إلى نتيجة حتمية”.
ليست “أم عمار” الوحيدة التي تشعر بتهديد يمس ملكية أرضها، إنما تغص مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات مئات السوريين الذين يستفسرون دائمًا عن جوانب ترتبط بالحفاظ على ملكياتهم الواقعة ضمن مشروع “باسيليا سيتي”.
تشعر “أم عمار” بالندم، حسب تعبيرها، لعدم امتلاكها تصورًا متكاملًا عن المشكلة، وآليات التعامل معها، محاولة تدارك الوضع ومتابعة وضع أرضها بشكل قانوني قبل فوات الأوان.
وهناك عدد كبير من سكان المنطقة لم يستكملوا إجراءات تسجيل ممتلكاتهم، وهناك عدد منهم لم يسمع بالمنطقة التنظيمية حتى وقت قريب، من ضمنهم “أم عمار”، عدا عن وجود تكاليف باهظة قد تصل إلى ملايين الليرات السورية للحصول على حق تثبيت الملكية الذي يبدأ حصرًا برفع دعوى التثبيت.
وإذا لم يكسب الأهالي دعاوى تثبيت الملكية فلن يحصلوا على حصص سهمية في “باسيليا سيتي”، وهي تُعطى مقابل الأرض التي أُقيم عليها البناء.
وصاحب العقار الذي لا يمتلك “طابو أخضر” (سند التمليك الدائم) سيواجه متاعب عدة، خصوصًا إذا كانت الدعوى تضم عددًا من الورثة غير معلومي الموطن، وسيضطر رافع الدعوى إلى تحمل تكاليف مالية باهظة، وربما لن يربح دعوى التثبيت.
تتبع داريا لمحافظة ريف دمشق، وتبعد عن العاصمة مسافة ثمانية كيلومترات، وبحسب “أطلس المعلومات الجغرافي السوري” تضم داريا ثلاث مناطق رئيسة هي: مدينة داريا، صحنايا، الحجر الأسود، وبلغ عدد سكان المنطقة ككل نحو 260 ألف نسمة، بحسب إحصاء رسمي أُجري عام 2004، إلا أن المجلس المحلي قدّر عدد سكان مدينة داريا وحدها بنحو 250 ألف نسمة مطلع عام 2011.
في عام 2016، تم تهجير من بقي من سكان داريا من المدنيين والمقاتلين قسرًا من قبل النظام السوري، بعد أن تم تفريغها من أهلها على دفعات، كان أبرزها أواخر عام 2012، حين بدأت معاناة المدينة وأهلها جراء حصار استمر أربعة أعوام، لم يترك لهم أي خيار سوى الرحيل. |
مراجعة مديرية المرسوم “66”
بحسب ما قاله محامٍ مطلع مقيم في دمشق، فإن كل صاحب عقار يرغب بالتأكد مما إذا كانت ممتلكاته ضمن تنظيم “باسيليا سيتي” أم لا، يجب عليه التوجه إلى موقع محافظة دمشق الإلكتروني ومراجعة القوائم التي نشرها بأرقام العقارات المشمولة بالمشروع.
فإذا كان رقم العقار موجودًا ضمن هذه القوائم، يجب عليه مباشرة التأكد مما إذا كان اسمه ضمن القائمة الموجود فيها رقم العقار أم لا.
مشكلة هذه القوائم، وفق ما يراه المحامي، هي أنها طويلة والبحث فيها يحتاج إلى صبر ودقة.
إذا فشل صاحب العقار في معرفة مقدار حصته من الأسهم التنظيمية، فيجب أن يتوجه، في حال كان داخل دمشق أو إرسال شخص بدلًا عنه في حال كان خارجها، إلى مبنى مديرية المرسوم “66” الواقع في منطقة المزة، ويسأل عن التفاصيل هناك، فهذه الجهة هي المخولة فقط للتأكد منها بخصوص أي إشكال مرتبط بـ”باسيليا سيتي”.
وبالنسبة لأصحاب الملكيات الذين فقدوا سندات التمليك العقارية التي تثبت ملكيتهم لعقار معيّن، لا سيما الذين اضطروا لترك منازلهم، نّوه المحامي إلى أن على هؤلاء توكيل محامٍ لرفع دعوى التثبيت.
أما بالنسبة لأولئك الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف قضائية من محكمة “مكافحة الإرهاب”، فـ”لا حلول لهم حتى الآن للأسف”، وفق ما عبر عنه المحامي، مشيرًا إلى أن احتمالية اعتقالهم في حال عودتهم إلى سوريا كبيرة.
ويفتقر القضاء السوري إلى رقابة دستورية على القوانين العقارية، وبهذه الحال، لا يوجد أي آليات واضحة للدفاع عن المحكومين بموجب محكمة “مكافحة الإرهاب”.
ولكن، بإمكان أي شخص خارج سوريا لأسباب أمنية أن يوكل أي شخص عن طريق معاملة غائب، بحسب المحامي، كي يتمكن من تخصيص كتلة عقارية معيّنة داخل مشروع “باسيليا سيتي”، أو توكيل محامٍ من أجل هذه المهمة.
ويجب معرفة كيفية تقديم المستندات التي تثبت الحق بالملكية وكيفية توكيل شخص للقيام بذلك، بالإضافة إلى معرفة الوثائق المطلوبة أو صور عنها، وآلية التقدم بالوثائق والحضور والمتابعة أمام لجنة حصر وتوصيف عقارات المنطقة، ولجنة تقدير قيمة العقارات، ولجنة حل الخلافات، ولجنة التوزيع والطعن في قرارات اللجان الأربع المذكورة، والتي شُكّلت بموجب مواد المرسوم التشريعي رقم “66”.
تسهيل بيع الأسهم
تنظم محافظة دمشق قيود سجلات الملكية السهمية بما يحافظ على الملكيات السهمية والحقوق العينية، وتصدر بيانات اسمية بأسهم المقاسم التنظيمية على الشيوع وتسلمها إلى مالكيها وفق جداول معدة من قبل لجنة التوزيع.
واعتمادًا على دراسة صادرة عن القاضيين خالد الحلو وريم صلاحي في “مجلس القضاء السوري المستقل” المنشورة في عام 2019 عبر “GIZ Project”، يجب أن يتضمن السجل أو البيان المعلومات التالية: الرقم التسلسلي، اسم المنطقة التنظيمية، اسم مالك الأسهم في المنطقة التنظيمية، المجموع الكلي لأسهم المنطقة التنظيمية، كل الإشارات الموضوعة على الحصص السهمية المنقولة من الصحائف العقارية أو المطلوب وضعها بأحكام قضائية، الرقم الوطني.
ولمالكي الأسهم خلال مدة عام من تاريخ إعلان جداول التوزيع النهائي، تداول ملكية الأسهم فيما بينهم وللغير كليًا أو جزئيًا، وتوثيق الواقعات في السجل، ويتم توزيع المقاسم ونقل ملكيتها وتسجيلها بالسجل العقاري وفق رغبة واختيار مالكي أسهم المقاسم التنظيمية على الشيوع ضمن ثلاثة خيارات، بموجب المادة رقم “29” من المرسوم التشريعي رقم “66”.
الخيار الأول هو التخصص بكتلة عقارية بالمقاسم، والخيار الثاني هو المساهمة بتأسيس شركة مساهمة لبناء وبيع واستثمار المقاسم التنظيمية.
أما الخيار الثالث فهو البيع بالمزاد العلني، الذي ستكون نفقاته على حساب محافظة دمشق، وهذا يفسح المجال أمام مؤسسات وشركات متخصصة اعتبارية لشراء هذه الحصص وتملكها.
ولأن أغلب سكان داريا خارج سوريا أو نازحون داخليًا لأسباب أبرزها أمنية، وبعيدون عن أملاكهم، لن يكون أمام أغلبية أصحاب العقارات في المنطقة سوى بيع حصصهم السهمية، وعدم القدرة على العودة للسكن في منطقتهم الأصلية.
ولا يعتمد مشروع “باسيليا سيتي” على أسس عادلة في تحديد قيمة العقار بعد تحويله إلى حصة سهمية، إذ نصت المادة رقم “10” من المرسوم رقم “66” على أن يكون التعويض معادلًا للقيمة الحقيقية قبل تاريخ صدور المرسوم مباشرة، وأن يسقط من الحساب كل ارتفاع طرأ على الأسعار نتيجة صدور هذا المرسوم، أو المضاربات التجارية.
ويؤدي ذلك إلى وجود تفاوت كبير بين القيمة التقديرية والقيمة الحقيقية للعقار، التي لن تسمح لملاك الحصص السهمية بالحصول على شقة في المشروع.
وتقطع محافظة دمشق مجانًا وفق المخطط التنظيمي العام والمخطط التنظيمي التفصيلي جميع الأراضي، لإنجاز وتنفيذ الطرق والساحات والحدائق ومواقف السيارات والمشيدات العامة والمقاسم المخصصة لمدينة دمشق.
وإمكانية اقتطاع أغلب المنطقة العقارية مجانًا وبناء أبراج للملاك، ومنحهم فقط مساحة طابقية ضمن تلك الأبراج، ولأن الكثير من الملكيات هي ملكيات صغيرة لا تسمح لأصحابها بالتخصص، ولصعوبة المساهمة في شركة استثمار من قبل أغلب أهالي داريا، لن يكون أمام أصحاب العقارات سوى البيع بالمزاد العلني.
مشروع بعيد عن الواقع
في آب 2019، أعلن محافظ دمشق، عادل العلبي، البدء بمشروع “باسيليا سيتي”، وأشار إلى أن تكلفة الدراسة الفنية للمشروع تقدر بـ750 مليون ليرة، بمدة تنفيذ 480 يومًا.
ويعد المشروع أحد أهم المشاريع الاستثمارية في دمشق، وصرح رئيس الحكومة السابق، عماد خميس، أنه لن يسمح لمشروعي “ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي” بالتعثر، وستذلل جميع العقبات أمام تنفيذهما.
وتستند منطقة “باسيليا سيتي” إلى مبدأ التطوير العقاري، وتدخل ضمن نماذج الاستثمار التي تركز عليها حكومة النظام السوري قبل انتهاء النزاع، لكن هذه المشاريع تتجاهل أنظمة الملكية غير المسجلة في السجل العقاري.
ويدفع المشروع الشركات العقارية إلى التركيز على المظاهر الخارجية دون تطوير خيارات الإسكان الجديدة لأصحاب الأملاك العقارية، بما يتناسب مع متطلبات القاطنين في هذه المنطقة.
ويتمثل الطابع المعماري العام لـ”باسيليا سيتي” في ناطحات سحاب، غنية وعصرية وفاخرة، للطبقة الثرية من المجتمع، بدلًا من منازل ومتاجر وأماكن عمل كانت مخصصة للأهالي الذين أنهكهم النزاع وتبعاته من لجوء وتدمير بيوتهم وضياع حقوقهم.
حلول مشكلات سكان داريا العقارية بعيدة عن إنشاء مشروع “باسيليا سيتي”، فهذا المشروع “غير واقعي ولا يهتم بحقيقة أن أغلبية السكان قد نزحوا خارج المنطقة”، وفق رأي الشاب “أ. ب.”، في الوقت الذي تعاني المنطقة فيه من قلة في الخدمات كشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، وترحيل الأنقاض من الطرقات وتعبيدها.
خطر عدم الاستقرار
رغم أهمية قضية الملكية العقارية وارتباطها بعودة اللاجئين إلى مناطقهم الأصلية في سوريا، وامتدادها إلى ملفات اجتماعية واقتصادية تلعب دورًا في تحديد مستقبل سوريا، فإن هذه القضية لم تكن ضمن أولويات الأمم المتحدة من خلال أدواتها القانونية أو السياسية، في ردع النظام السوري عن استمراره في مشاريع إعادة الإعمار قبل انتهاء النزاع من دون ضوابط عادلة.
ويتسبب سلوك النظام في عدم الاهتمام بإعادة الحقوق العقارية إلى أصحابها بخلق نزاعات قانونية عقارية تتراكم مع مرور الوقت، الأمر الذي يعتبر خطرًا على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والقانوني في مستقبل سوريا ما بعد النزاع.