عنب بلدي – حسام المحمود
يتواصل ارتفاع حالات الإصابة والوفيات جراء الإصابة بفيروس “كورنا المستجد” (كوفيد- 19)، في مناطق شمال غربي سوريا، في ظل مساعٍ محلية لاستيعاب الفيروس ومحاربة انتشاره.
أعلنت فرق “الدفاع المدني السوري“، في 2 من أيلول الحالي، نقل جثامين أربعة أشخاص من المستشفيات الخاصة بفيروس “كورونا”، ودفنها وفق الإجراءات الاحترازية، بالإضافة إلى نقلها 30 حالة لمصابين ومشتبه بإصابتهم، إلى مراكز العزل المخصصة، بعد نقلها في اليوم السابق جثامين خمسة أشخاص توفوا في المستشفيات الخاصة بفيروس “كورونا” أيضًا، وأكثر من 50 حالة مصابة ومشتبهًا بها إلى مراكز الحجز، والمستشفيات الخاصة بفيروس “كورونا”، وفق ما نشرته عبر “فيس بوك“.
ويأتي ذلك بعد حديث “الدفاع المدني”، في 1 من أيلول الحالي، عن تسجيل أكثر من 1400 إصابة جديدة بالفيروس، كان لمدينة حارم الحصة الكبرى فيها.
ونشر فريق”منسقو استجابة سوريا“، في 1 من أيلول الحالي، جدولًا بحالات الإصابة بالفيروس في شمال غربي سوريا، وُزّع بحسب نسبة الخطورة في المناطق كالآتي:
كما أعلن فريق “منسقو استجابة سوريا“، في 27 من آب الماضي، منطقة حارم التابعة لمحافظة إدلب، في شمال غربي سوريا، منطقة “عالية الخطورة”، بعد تجاوز أعداد الإصابات المسجلة في المنطقة ثلاثة آلاف و125 إصابة، في ظل توقعات بارتفاع أعداد الإصابات في الفترة المقبلة في حال عدم تشديد القيود على المنطقة، والتي تخطت فعلًا خمسة آلاف إصابة.
وفي 31 من آب الماضي، نقلت فرق “الدفاع المدني” ست وفيات من المستشفيات الخاصة بفيروس “كورونا”، كما نقلت 58 شخصًا مصابًا ومشتبهًا بإصابتهم إلى مراكز ومستشفيات العزل، بالتزامن مع استمرار “الدفاع المدني” في عمليات التطهير للمرافق العامة، وتوعية المدنيين بضرورة أخذ اللقاح واتباع إرشادات الوقاية من الإصابة.
نقل الجثث
مدير المكتب الإعلامي في المديرية الثانية لفرق “الدفاع المدني السوري”، محمد حمادة، أوضح في حديث إلى عنب بلدي وجود وفيات يجري دفنها من قبل الفرق المختصة قبل ظهور نتيجة المسحة، ما يعني أن هذه الحالات مشتبه بإصابتها، ولكن بعد ظهور النتيجة إذا كانت إيجابية تصبح الحالات مؤكدة.
ولفت حمادة إلى أن الوفيات التي يحصيها “الدفاع المدني”، هي حالات وفاة حصلت في مراكز الحجر الصحي والمستشفيات الخاصة بحالات “كورونا”، وليس بالضرورة أن تكون الوفاة بسبب الفيروس.
وتقوم فرق مختصة من “الدفاع المدني السوري”، وبطلب من المستشفيات ومراكز العزل، بدفن هذه الجثث مع اتخاذ إجراءات الوقاية خوفًا من أن يكون سبب الوفاة هو فيروس “كورونا”، وهذا ما تؤكده لاحقًا الجهات الطبية المتمثلة بـ”شبكة الإنذار المبكر”.
أين يُدفن الموتى؟
تُنقَل الجثث لتُدفن في أماكن مخصصة لدفن الوفيات جراء الإصابة بـ”كورونا”، وفي حال عدم توفر أماكن مخصصة لدفن وفيات الفيروس، شدّد حمادة على اتخاذ الإجراءات الوقائية الكاملة، من حيث عمق القبر وطريقة الدفن، لتجنب أي آثار محتملة لانتشار غير متوقع للعدوى.
وتجري عمليات غسل الموتى في المستشفيات ومراكز العزل، مع تولي “الدفاع المدني” مهمة التغسيل في حالات نادرة، إذ يقتصر عمل فرق “الدفاع المدني” في الوضع الطبيعي على النقل والدفن مع اتخاذ إجراءات الوقاية.
ولفت حمادة إلى غياب طقوس الجنازة في معظم حالات الوفاة من هذا النوع، باستثناء تلك التي يرفض فيها ذوو المتوفى عدم إقامة هذه الإجراءات، مع الإشارة إلى حالات تتولى فيها عائلة المتوفى دفنه بنفسها، ما يهدد بارتفاع الإصابات، رغم انخفاض وتيرة هذه العادات في ظل تصاعد أعداد الإصابات في الشمال الغربي من سوريا.
لماذا كفر تخاريم وحارم؟
مع بداية الذروة الجديدة من انتشار الفيروس مطلع آب الماضي، ووصولها إلى نحو 50 إصابة يوميًا في الأسبوع الثاني، و100 إصابة يوميًا في الأسبوع الثالث، وارتفاعها بشكل قياسي في الأيام الماضية، تضررت مدينتا كفر تخاريم وحارم المتجاورتان بارتفاع أعداد الإصابات، جراء عدة عوامل أبرزها، وفق ما قاله محمد حمادة، حالة الذروة في شمال غربي سوريا، وزيارات العيد، واختلاط السكان بشكل كبير مع ذويهم القادمين من تركيا، دون أي التزام بإجراءات الوقاية،
ويضاف إلى ذلك الاكتظاظ السكاني في كفر تخاريم جراء حملات النزوح ووجود عدد كبير من المهجرين في المدينة، ما ضاعف عدد سكانها، كما أن انتشار متحور “دلتا” الذي يتميز بسرعة انتشاره، أسهم في تفاقم الوضع.
كما تحتوي منطقة حارم على عدد كبير من المخيمات التي تضم أعدادًا كبيرة من النازحين والمهجرين، ما يسهم في سرعة انتقال العدوى.
إجراءات وقاية
يتولى “الدفاع المدني” التنسيق مع القطاع الطبي، وتجهيز سيارات إسعاف، ونقاط إجلاء للمصابين بالفيروس، كما أقام خلال الفترة الماضية 32 مركزًا للاستجابة لحالات الاشتباه بـ”كورونا” ونقلها إلى المستشفيات ومراكز الحجر الصحي.
كما يعمل “الدفاع المدني السوري” على مشروع معمل تعبئة للأكسجين، ومعمل كمامات، وبدلات عزل، وخط لإنتاج القناع البلاستيكي ضد فيروس “كورونا”، ومحرقة للنفايات الطبية، وتصب جميع خطوط إنتاج هذه المعامل في خدمة القطاع الطبي.
وتقوم فرق “الدفاع المدني” بعمليات تطهير وتعقيم وتوعية، منذ انطلاق الحملة في آذار الماضي، التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
ويشارك 80 فريقًا من “الدفاع المدني”، يضم كل منها نحو خمسة متطوعين، في عمليات التطهير التي تغطي شمال غربي سوريا، في ظل توقعات بانفجار قريب في أعداد الإصابات.
وأشار “الدفاع المدني” إلى أن كل ما يُتخذ من إجراءات وقائية لن تكون كافية للصمود أمام موجات واسعة من انتشار العدوى، لا سيما مع عجز دول بأسرها عن مواجهة الفيروس.
دعوة إلى تسريع إدخال اللقاح
وحول الصعوبات التي يواجهها “الدفاع المدني” في هذا السياق، لفت محمد حمادة إلى تدمير الكثير من المستشفيات والمراكز الطبية على يد النظام السوري وحليفه الروسي، بالإضافة إلى استهداف الكوادر الطبية، وتردي الأوضاع الاقتصادية، ما يجعل تطبيق إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي في منطقة مكتظة بالسكان أمرًا غاية في الصعوبة.
وركّز على اكتظاظ مخيمات النازحين في الشمال، ما يهدد بتحولها إلى بؤرة للفيروس، داعيًا في الوقت نفسه المدنيين إلى اتخاذ إجراءات الوقاية.
وطالبت منظمة “الدفاع المدني السوري” منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة، بتسريع عمليات إدخال اللقاح إلى شمال غربي سوريا، وتأمين أعداد لقاح كافية للمدنيين، باعتبارها الحل الوحيد لمواجهة الفيروس.
وتزايد إقبال المدنيين على أخذ اللقاح مع بدء الذروة الجديدة ووجود متحور “دلتا”، وتسهم فرق “الدفاع المدني” في نقل المدنيين الراغبين بأخذ اللقاح إلى المراكز الخاصة.
إصابات مرتفعة وإمدادات في اللقاح
وأعلنت “مديرية الصحة“ في محافظة إدلب، في 1 من أيلول الحالي، تسجيل ألف و178 إصابة جديدة، منها 723 في إدلب، ليصبح إجمالي الإصابات 40 ألفًا و449 حالة.
كما سجلت المديرية 200 حالة شفاء جديدة، منها 92 في إدلب، ليصبح إجمالي حالات الشفاء 24 ألفًا و950 حالة، وصُنفت 22 حالة وفاة سابقة كوفيات مرتبطة بفيروس “كورونا” ليصبح إجمالي الوفيات 782 حالة.
وكانت مديرية الصحة في مدينة إدلب، أعلنت انطلاق حملة التلقيح ضد فيروس “كورونا”، منذ 1 من أيار الماضي، بعد وصول الدفعة الأولى من اللقاح، والمكونة من 53 ألفًا و800 جرعة، في 21 من نيسان الماضي.
كما أعلنت المديرية، في 3 من أيلول الحالي، وصول الدفعة الثالثة من لقاحات “كورونا”، وتضم 358 ألفًا و800 جرعة من لقاح “سينوفاك” الصيني، بعد وصول الدفعة الثانية في 17 من آب الماضي، وتضمنت حينها 36 ألفًا و400 جرعة من لقاح “أسترازينيكا”، وفق ما نشرته “الصحة” عبر “فيس بوك“.
ويجري تزويد مناطق شمال غربي سوريا بلقاحات “كورونا” عن طريق برنامج “كوفاكس” التابع لمنظمة الصحة العالمية، والذي يقدم اللقاحات مجانًا للدول الفقيرة.