يحكي الفيلم الدرامي السياسي الأمريكي “Rose water“، أو “ماء ورد” بالعربية، أكثر من قضية في نفس الوقت، دون أن تطفو إحداها على حساب الأخرى، فالعمل يتطرق لغياب الحريات في إيران، بالتزامن مع انتخاب الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، رئيسًا لولاية ثانية عام 2009.
يبدأ الفيلم من مشهد في غاية الهدوء والسكينة، يظهر خلاله الصحفي الإيراني مازيار باهاري نائمًا في منزل والدته خلال زيارة يجريها إلى طهران لتغطية الانتخابات الرئاسية الإيرانية، لمصلحة مجلة “نيوز ويك” الأمريكية، قبل انخراطه في تغطية الاحتجاجات الشعبية التي شكّكت بفوز نجاد أمام منافسه الإصلاحي مير حسين موسوي، والتي قابلتها السلطات الإيرانية بالقمع.
ولأنه أجرى في وقت سابق من زيارته إلى بلده مقابلة مع المذيع الأمريكي جون ستيوارت، تعتقل المخابرات الإيرانية باهاري، وتتهمه بالعمالة والتجسس لمصلحة الأمريكيين، كون كل من يتعامل مع الأمريكيين جاسوسًا بمفاهيم النظام الإيراني.
وتبدأ منذ تلك اللحظة رحلة الفيلم التي لا تتنوع خلالها مواقع التصوير بشكل واضح، لكنها رحلة نفسية تنقل أحاسيس السجين أمام كيل كبير من التهم الكفيلة بإيصاله إلى حبل المشنقة.
قلق وخوف وترقب ويأس ثم أمل وتماسك، كل تلك المشاعر يعيشها مازيار بهاري في وحدة زنزانته، في الوقت الذي يطالب العالم خارج حدود سجنه بإطلاق سراحه.
فبعد تعرض الصحفي للاعتقال، تتواصل والدته مع الولايات المتحدة التي يعمل لدى إحدى مجلاتها العريقة، ما يأخذ بيد الصحفي من معتقله إلى أحاديث السياسيين وخطاباتهم، بمن في ذلك وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، التي انتقدت اعتقال باهاري وطالبت بإطلاق سراحه.
وحتى تتخلص طهران من الضغط السياسي وخطابات الحريات، تطلق الصحفي بكفالة مالية، بعد إجباره على التعهد بالعمل جاسوسًا لها في الولايات المتحدة.
العمل مستمد من قصة واقعية بطلها الصحفي الكندي الإيراني مازيار باهاري الذي كتب اقتباسًا عن ذكراته، وبالشراكة مع إيمي مولوي وجون ستيوارت، قصة الفيلم، ويركز في أحد جوانبه على المعتقلين السياسيين في قضايا الرأي، خاصة من لا تتحدث باسمهم جهات رسمية تتعامل مع المعتقلين المرموقين فقط، باعتبارهم حالات خاصة.
صدر العمل عام 2014، وتقاسم بطولته كل من ديمتري ليونيداس، وأريان مؤيد، وهالوك بيلجينير، وكلير فوي، وكيم بودنيا، وناصر فارس، وشهريه أجهداشلو التي شاركت أيضًا في بطولة الفيلم الإيراني “The Stoning Of Soraya M”، الذي يحكي أيضًا قصة حدثت بالفعل في عام 1986، في قرية كوباي الإيرانية، وينتقد واقع إيران في ظل هيمنة الخميني على السلطة.
واستطاعت السينما الإيرانية الخروج من بوتقة الإنتاج المحلي والمنافسة على الجوائز العالمية بفضل واقعية ما يرويه بعضها، إضافة إلى اعتمادها على كتّاب ومخرجين قادرين على التقاط التفاصيل الحيّة في المجتمع الإيراني، دون تجميل أو تشويه، ومن أبرزهم الكاتب والمخرج أصغر فرهادي.
فيلم “Rose water” حصد تقييم 6.6 من أصل 10 عبر موقع “IMDb”، لنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية، وهو من إخراج جون ستيوارت أيضًا، كما حملت الموسيقا التصويرية في العمل التي استطاعت خطف الجو النفسي من الأمل إلى اليأس، ومن الضعف إلى القوة والتماسك، توقيع هاورد شور.