عاد القضاء لاستكمال المجريات القانونية قضية “مجرمي الحرب” السوريين العشرة في بلجيكا، بعد توقف دام لأكثر من عام بسبب تداعيات فيروس “كورونا” وقلة المحققين في المحكمة، إذ أطلقت محكمة العاصمة البلجيكية بروكسل تحقيقًا رسميًا لاستئناف إجراءات المحكمة.
وكانت صحيفة “دي مورغين” البلجيكية قد نقلت، في 31 من آب الماضي، عن مكتب المدّعي العام الاتحادي، أن تحقيقًا رسميًا انطلق مع عشرة أشخاص على الأقل متّهمين بارتكاب جرائم حرب في صفوف النظام السوري.
ورغم توفر جميع الملفات بخصوص القضية، لم تستكمل المحاكمة بسبب قلّة عدد المحقّقين، إذ عُيّن قاضي تحقيق جديد في القضية، لتستأنف المحاكمة عملها خلال الفترة القادمة، بحسب الصحيفة.
ومن بين المتهمين العشرة الذين أخفت الصحيفة أسماءهم، تمكنت عنب بلدي من التعرف على أحدهم، وهو القيادي السابق في ميليشيا “اللجان الشعبية” التابعة للنظام السوري، حسين أبو حبلة، والذي تركز نشاطه في مدينة سلمية بريف حماه الشرقي.
وكان موقع “زمان الوصل” أعد تقريرًا في حزيران من عام 2020 الماضي، تحدث فيه عن أبو حبلة الذي لجأ إلى بلجيكا عبر معاملة لم شمل أجرتها له زوجته عام 2015، والتي كانت سبقته إلى أوروبا.
ورغم العديد من محاولات ناشطين سوريين في بلجيكا تقديم أبو حبلة إلى المحكمة، لم تثمر محاولاتهم بسبب عدم وجود أي دعوى شخصية أو شاهد على جرائمه في مدينة سلمية، بحسب ما قاله أحد أبناء مدينة سلمية المقيمين في بلجيكا، والذي تحفظ على اسمه خوفًا من عمليات انتقامية قد ينفذها شركاء أبو حبلة بحق أسرته الموجودة في سوريا.
وبينما بات حسين أبو حبلة على أبواب حصوله على الجنسية البلجيكية، كونه يعيش في بلجيكا منذ خمس سنوات، ولديه استثمارات تقدر بمئات آلاف الدولارات في البلاد، عادت قضية محاكمته إلى الواجهة من جديد مع استئناف عمل المحكمة.
من هو حسين أبو حبلة
ينحدر حسين أبو حبلة من مدينة سلمية بريف حماة الشرقي، واشتهر خلال بداية الثورة السورية بأنه أول “شبيح” في المدينة، قام بالاعتداء على المظاهرات السلمية في الساحة العامة للمدينة مقابل مبنى السرايا.
وفي 20 من آذار عام 2011، ظهر أبو حبلة في الساحة العامة، في أثناء أول مظاهرة شهدتها المدينة شارك فيها حوالي 15 شخصًا، واعتدى بالضرب على المشاركين وغالبيتهم أطباء من المدينة، بحسب معلومات تحققت منها عنب بلدي.
ومع ازدياد أعداد المتظاهرين في المدينة، لم يعد لحسين إمكانية التهجم بمفرده على جموع من آلاف المتظاهرين، ما دفع به للالتحاق بصفوف “اللجان الشعبية”، والتي شكلتها شعبة “حزب البعث” في المدينة من شبيحة محليين دون أي تعويضات مالية مقابل خدماتهم.
وتحول عمل أبو حبلة حينها من التهجم على أفراد من المتظاهرين في ساحات المدينة، إلى المشاركة في العمليات المسلحة في صفوف قوات النظام في ريفي مدينة سلمية الشرقي والجنوبي وصولًا حتى مدينة حمص.
من “شبيح” إلى مستثمر في أوروبا
وبحسب معلومات تأكدت عنب بلدي من صحتها، فإن أبو حبلة كان يدير مكتب تكسي صغير، بالقرب من الدوار الصغير في شارع حماه وسط مدينة السلمية، وبعد انضمامه لميليشيا “الدفاع الوطني” كوّن ثروة نتيجة مشاركته بأعمال الـ”تعفيش”، والسرقة في ريفي حمص وسلمية الجنوبي، وأصبح من أصحاب العقارات، واشترى العديد من الرافعات التي لا يزال يشغلها لحسابه الشخصي حتى اليوم في سوريا.
وبعد وصوله إلى بلجيكا اشترى أبو حبلة منزلًا في العاصمة البلجيكية بروكسل، وافتتح مكتبًا لسيارات الأجرة، والتي يملك فيها عددًا من السيارات التي تعمل لحسابه الخاص.
وفي حديث لعنب بلدي ذكر مصدر مطلع على أعمال أبو حبلة، أن غالبية أعماله في مكتب التكسي غير قانونية، إذ يشغّل حسين أبو حبلة عمالًا كسائقين بعقود مدّتها 20 ساعة أسبوعيًا، بينما يعمل السائق في مكتبه لمدة 50 ساعة أسبوعيًا، ليستفيد أبو حبلة من تعويضات العمال التي تمنحها لهم الحكومة البلجيكية، كتعويض عن ساعات العمل القليلة.
أوروبا تحاكم “مجرمي الحرب”
وفي 16 من تموز الماضي، صدر حكم بالسجن المؤبد بحق اللاجئ السوري أحمد الخضر، على خلفية نشره تسجيلًا مصوّرًا على “يوتيوب”، يظهر فيه وهو يقوم بجريمة إعدام بحق ضابط برتبة مقدم في القوات الجوية التابعة للنظام السوري عام 2012.
ويظهر الفيديو إعدام الضابط رميًا بالرصاص بعد اقتياده إلى نهر “الفرات”، بحسب ما نقلته وكالة “Trouw” الهولندية.
وكُتب على الفيديو المنشور على “يوتيوب” بعد الإعدام، “هذا مصير كل خائن، كل قاتل، كل مجرم يقتل مدنيين أبرياء، ويقصف منازل المدنيين”.
كما اعتقلت الشرطة الألمانية شخصًا من الجنسية السورية بتهمة ارتكاب “جرائم حرب”، في 4 من آب الحالي، وذلك بسبب إطلاقه قذيفة صاروخية على مجموعة من المدنيين بالعاصمة دمشق عام 2014.
وقال ممثلو الادعاء الألماني إن الشرطة الألمانية قبضت على المشتبه به، وحددت له اسمًا حركيًا (موفق)، تماشيًا مع قانون الخصوصية الذي تتبعه السلطات، بتهمة ارتكابه “جرائم حرب”، بالإضافة إلى سبع تهم بالقتل، وثلاث تهم بإلحاق أذى بدني خطير.
وتحدثت الوكالة عن وجود مزاعم تقول إن المشتبه به كان عضوًا في حركة “فلسطين الحرة”، وعضوًا سابقًا في “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة”.
وتعمل السلطات الأمنية في دول الاتحاد الأوروبي على اعتقال ومحاكمة من يثبت ضلوعهم من اللاجئين السوريين بعمليات “إرهابية”، أو جرائم حرب ضد السوريين، سواء كانوا في صفوف مقاتلي فصائل المعارضة المسلحة أو النظام السوري.