نفط بانياس المتسرب يصل إلى سواحل قبرص.. وزير الكهرباء: استغلال إعلامي

  • 2021/08/30
  • 5:38 م

عمال ينظفون شاطئ بانياس من التسرب النفطي بأدوات بدائية (سانا)

بعد نحو أسبوع من حادثة التسرب النفطي في مدينة بانياس التي أدت إلى انتشار البقع النفطية في شواطئ المدينة، وإلى جانب التبريرات الرسمية التي تحدثت عن “تصدع واهتراء” في أحد خزانات فيول المحطة الحرارية، أعلنت حكومة النظام السوري تشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة والوصول إلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى التسرب.

ويشترك في هذه اللجنة كل من شركات التوليد التابعة لوزارة الكهرباء والشركة السورية لنقل النفط وشركة مصفاة بانياس، بحسب تصريحات وزير الكهرباء، غسان الزامل، لصحيفة “الوطن” المحلية اليوم، الاثنين 30 من آب.

وقدر الزامل أن تحتاج هذه اللجنة إلى نحو شهر حتى تنهي تقريرها، وبعدها ستُكلف بالكشف عن بقية الخزانات في المحطة وتقييم الوضع الفني لها، مشيرًا إلى أن تكلفة إنشاء مثل هذا الخزان تصل إلى نحو مليار ليرة، لكن الوزارة ليست بصدد إنشاء خزان جديد وإنما سيتم العمل على إعادة صيانة وتأهيل الخزان الحالي.

وقال الوزير، إن حادثة تسرب مادة الفيول التي حصلت من أحد خزانات محطة توليد بانياس كان من الممكن أن تكون كارثة وطنية لولا سرعة تدخل طواقم وزارة الكهرباء من الفنيين والعمال.

“كارثة بيئية” أم “استغلال إعلامي”

بحسب تصريحات وزير الكهرباء، امتدت عمليات المسح حتى عمق 400 متر في البحر وحُددت المساحات التي طالتها مادة الفيول المتسربة، وتبين تركز المادة بشكل محاذٍ للشاطئ وعلى طول نحو 400 متر من المحطة وباتجاه بداية كورنيش بانياس.

وقدرت الوزارة كميات الفيول المتسربة ما بين طنين وأربعة أطنان، وزمن التسرب لم يتجاوز نصف ساعة، إذ تمت مباشرة التعامل مع الحالة من خلال إغلاق الفتحات المطرية في الحوض الترابي.

ولا يمكن وصف ما حدث على أنه حالة تلوث بيئي، بحسب الوزير، الذي اعتبر أن حالة استغلال للحادثة جرت من بعض وسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ.

لكن صور أقمار صناعية نشرتها الوكالة الإسبانية “Orbital EOS” (وكالة إسبانية للسلامة البحرية والإنقاذ تستخدم تقنيات الأقمار الصناعية وخوارزميات الذكاء الصناعي في مختلف المجالات التجارية والبيئية) باستخدام منظومة مراقبة “Sentinel-1″، تبين أن كمية التسرب النفطي في بانياس أكبر مما كان متوقعًا بكمية تقدر بنحو 1000 كيلومتر مربع.

وقال حساب موقع “TankerTrackers” لتعقب الشحنات وتخزين النفط الخام، عبر “تويتر”، اعتمادًا على هذه الصور، إن تسرب الفيول (زيت الوقود) من محطة توليد الكهرباء في بانياس على وشك تدمير كامل الساحل الشرقي لقبرص، مطالبًا المؤسسات الإخبارية بتوجيه مزيد من الاهتمام لهذه المسألة.

مهندس النفط السوري سعد الشارع شكّك في رواية وزارة الكهرباء حول الأرقام عن مساحة وكميات وزمان التسرب، لأن الصور التي وردت من الساحل توحي بأن النفط تسرب بكميات أكبر وعلى مدة زمنية أطول، ومدة نصف ساعة غير كافية لتلافي عملية التسرب.

ما أسباب التسرب؟

وقال سعد الشارع لعنب بلدي، إن التسرب الذي حصل في مصفاة “بانياس” باتجاه البحر كان متوقعًا نتيجة عدم وجود صيانة مناسبة للمصفاة والخزانات التي تحتوي على النفط.

وحصل التسرب في خزانات الترقيد (الخزانات الغربية)، التي يوضع فيها النفط الخام عندما يصل إلى مصفاة “بانياس” لترقيده، أي عملية فصل أولي له عن المياه.

وأوضح المهندس أن هذه الخزانات تحتاج إلى صيانة دائمة وإشراف هندسي مستمر، كونها تحوي المادة الرئيسة من النفط التي تكون معبأة بالمياه والغازات والمواد الكيماوية الخطيرة، لذلك تكون جدرانها معرضة لعمليات احتكاك داخلي وبالتالي تشققات وتسربات للنفط.

وتسربت كميات “كبيرة جدًا” من المصفاة إلى البحر كونها قريبة منه، بسبب عدم اهتمام النظام بهذه الخزانات وعدم وجود صيانة دورية لها ونتيجة الضخ العشوائي في هذه الخزانات.

اقرأ أيضًا: تبريرات رسمية للتسرّب النفطي في بانياس السورية (صور)

ما قام به النظام “لعب”

وأظهرت الصور لعمليات تنظيف ساحل بانياس اعتماد العاملين على طرق يدوية، إذ تظهر صور نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 28 من آب الحالي، عمالًا يحاولون تنظيف الشاطئ البحري من البقع النفطية باستخدام “الكريك” و”القفّة”.

كما انتشرت صور أخرى لعمال ينظفون الشاطئ بخرطوم مياه، ويجمعون الفيول بأيديهم وينقلون المادة إلى أوعية معدنية (تنكة) وبلاستيكية.

وتعقيبًا على الاستنكار الذي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيف الساحل بهذه الطرق، أوضحت المديرية العامة للموانئ في بيان صادر في 28 من آب الحالي، أن زورق مكافحة التلوث البحري جاهز وهو يعمل على إزالة البقع ولكن ليس على المنطقة الشاطئية بل في أعماق بحرية محددة تسمح له بالعمل.

وأضافت أن النفط المتسرب استقر على شواطئ صخرية أو مياه ضحلة في منطقتي بانياس وجبلة، وبالتالي لا يمكن إدخال الزورق إلى مناطق ضحلة وصخرية، وخاصة أن طوله 25 مترًا “غاطس”، 1.6 متر عرض، 6 أمتار) وبالتالي يتطلب معالجة الوضع بالطرق اليدوية.

وترتبط عملية تنظيف المياه من النفط في عمليات التسرب، بكمية النفط المتسربة باتجاه المياه والمسافة التي انتشر فيها، وانتشار التسرب في بقعة واحدة أو في عدة بقع، بحسب ما أضافه المهندس سعد.

اقرأ أيضًا: تنظيف شاطئ بانياس من التسرب النفطي بـ”الكريك” (صور)

وتوجد سفن أو زوارق بحرية مختصة بعمليات معالجة تسرب النفط باتجاه البحار فيما يعرف بـ”الأذرع العائمة”، وهي عبارة عن أذرع بلاستيكية تُمد في المناطق التي جرى تسرب النفط فيها، بعد ذلك يتم سحب أو شفط هذه السوائل (أي النفط مع المياه)، ليتم إخراجه من البحر، ثم يُعالج بطرق أخرى.

وأوضح المهندس سعد الشارع أن هذه الطريقة متعارف عليها، بالإضافة إلى الطرق البدائية المتمثلة برش بعض المواد كالرماد البركاني على البقع النفطية، لكن هذا متوقف أساسًا على ما هي كميات النفط التي سربت وما المساحة التي انتشرت فيها.

والصور التي وصلت من شاطئ بانياس لعمليات قشط البقع النفطية بطرق “بدائية جدًا وخجولة، وهي عملية ذر رماد في العيون لا تشكّل شيئًا، وما قام به النظام في هذه المنطقة لعب”، بحسب وصف المهندس.

وبعد يومين من حادثة التسرب، رفعت “الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية” (محروقات)، سعر مبيع طن الفيول إلى 620 ألف ليرة سورية، بعد أن كان 510 آلاف ليرة، بمعدل زيادة نحو 18.8%.

ويعد الفيول أحد المشتقات النفطية الرئيسة وأثقلها، ويُستخدم لتدفئة المنازل، وكوقود للشاحنات والسفن، وبعض أنواع السيارات، ولتشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية في المكاتب، بالإضافة إلى محطات توليد الكهرباء.

مقالات متعلقة

بيئة ومناخ

المزيد من بيئة ومناخ