عنب بلدي – خاص
أقرت الأمم المتحدة بإخفاق الوصول إلى حل مشترك من خلال اللقاء الذي جمع وزراء خارجية 17 دولة إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي حول الوضع في سوريا، والذي عقد، الجمعة 30 تشرين الأول، في العاصمة النمساوية فيينا، وخلص إلى 9 بنود تفضي إلى وقف إطلاق النار وتسريع العملية السياسية في سوريا، ومحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” والتنظيمات “الإرهابية” الأخرى.
خلافات سادت الاجتماع نحو فيينا 2
وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في بيان أصدره الجمعة، إن “الخلافات لا تزال كبيرة بين المشاركين، وسوف يعملون في الأيام المقبلة على تضييق مساحات الخلاف بينهم”، واصفًا المناقشات التي شهدها اجتماع فيينا بأنها كانت “صريحة وبنّاءة، وتناولت القضايا الرئيسية”.
وأشار المتحدث باسم بان كي مون، إلى أن الاجتماعات خلصت إلى نقاط تفاهم على عدة نقاط، من بينها “وحدة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية، والطابع العلماني للدولة، وحماية حقوق جميع السوريين، وتسريع جميع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن فرص الحل السياسي واعدة رغم استمرار الخلاف بشأن بعض القضايا، موضحًا أن الخلافات ما زالت مستمرة بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا وإيران من جهة ثانية بشأن مستقبل الأسد رغم الاتفاق على العمل من أجل حل سياسي للنزاع.
من جهته، ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الأطراف المشاركة لم تتوصل إلى اتفاق على مصير الأسد، “على السوريين تحديد مصيره”، في حين ألمحت إيران إلى أنها تفضل فترة انتقالية في سوريا مدتها ستة أشهر، تعقبها انتخابات لتحديد مصير الرئيس بشار الأسد، وقال نائب وزير خارجيتها أمير عبد اللهيان إن “إيران لا تصر على بقاء الأسد في السلطة للأبد”.
وشارك في الاجتماع وفود من الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وتركيا والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا ولبنان وإيران والأردن وقطر ومصر وعمان والعراق والإمارات، إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
واتفق المجتمعون على عقد لقاء آخر في فيينا، بعد أسبوعين، لمتابعة المشاورات حول سوريا، وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إن النقاط الخلافية أرجئت إلى الموعد المقبل، بعد نحو ثماني ساعات من المباحثات التي سادها التوتر بين بعض الأطراف المشاركة، بحسب وكالات غربية.
بنود الاتفاق التسعة
توصل المشتركون في لقاء فيينا إلى نقاط تفاهم مشتركة، وشملت:
– وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية.
– مؤسسات الدولة ستظل قائمة.
– حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني.
– ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب.
– ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخليا وللاجئين وللبلدان المستضيفة.
– الاتفاق على ضرورة هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” وغيرها من الجماعات الإرهابية كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون.
– في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 فإن المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات.
وينبغي إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها.
– سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا.
– المشاركون ومعهم الأمم المتحدة سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار بكل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة.
مجازر في سوريا تزامنت مع “فيينا“
يوم دامٍ على السوريين، الجمعة 30 تشرين الأول، تنقلت فيه مجازر من دوما في ريف دمشق إلى إدلب وحلب وريفها، قضى إثرها نحو 150 مدنيًا وعشرات الجرحى، في قصف جوي حيَّر ناشطي الثورة، في نسبه إلى طيران الأسد أم مقاتلات موسكو.
ولقي أكثر من 45 مدنيًا حتفهم وأصيب قرابة 100 آخرين بينهم حالات حرجة، جراء قصف الطيران الحربي سوقًا شعبيًا داخل مدينة دوما في الغوطة الشرقية بصاروخ موجه، وأفاد إلياس الهاجري، وهو ناشط إعلامي في الغوطة الشرقية، أن أشلاء المدنيين ملأت المنطقة.
الطيران الحربي استهدف المدينة بأكثر من 7 صواريخ سقطت في مناطق مختلفة من المدينة، كما سقطت قرابة 9 قذائف على إحدى النقاط الطبية وخلف البادية بالإضافة إلى السوق الشعبي ومناطق أخرى، بحسب الهاجري، مردفًا لعنب بلدي “اختلف علينا نوع الطيران الحربي إذ كان قبل التدخل الروسي مميزًا بشكله وصوته، بالإضافة إلى أن الجو غائم ولا يساعد على خروج طيران الأسد المعتاد في الأجواء للقصف”، وأضاف “لم نسمع سوى هدير الصاروخ قبل سقوطه، لكن قوته التدميرية كبيرة كما أننا لاحظنا التنسيق بين طيران الاستطلاع ووقت القصف الأمر الذي لم نلحظه مسبقًا”.
أيضًا أوقعت غارات الطيران الحربي على محافظة حلب، أكثر من 50 شهيدًا معظمهم من المدنيين، إضافة إلى إصابة عشرات آخرين، وتركز القصف على أحياء الكلاسة والفردوس وصلاح الدين، الخاضعة معظمها لسيطرة فصائل المعارضة، في حين سقط 13 مدنيًا في مدينة الباب بغارات من الطيران الحربي، وعدد غير محدد في مدينة منبج.
الغارات، استهدفت في ذات اليوم مدنًا وبلدات في محافظة إدلب، موقعة 13 شهيدًا وعشرات الجرحى، في مدينة معرة النعمان ومنطقة جسر الشغور غرب إدلب.
روسيا: لا براميل متفجرة بعد اليوم
أعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن سوريا توقفت عن القصف بالبراميل المتفجرة إثر دعوات متكررة من موسكو، حسبما نشرت وكالة فرانس برس، السبت 31 تشرين الأول.
وقال تشوركين إن روسيا دعت الأسد لوقف استخدام البراميل تجنبًا لسقوط ضحايا مدنيين، مردفًا في تصريح صحفي مساء أمس الجمعة “منذ سنوات نتكلم مع السوريين لإقناعهم بالتزام أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب سقوط ضحايا مدنيين إذا أمكن، ومسألة البراميل المتفجرة هي موضوع نقاشنا معهم”.
وعبر السفير الروسي عن سروره لأن التقرير الأخير للأمم المتحدة حول الأزمة الإنسانية في سوريا لا يتطرق إلى استخدام البراميل المتفجرة.
تشوركين اعتبر أنه مع هذا التطور “لم يعد هناك من داع لأن يناقش مجلس الأمن مشروع قرار يهدد بفرض عقوبات على سوريا بسبب استخدامها البراميل”، مضيفًا “آمل أن تنتهي هذه المسألة لأن هذه الأسلحة التي تلقى بشكل عشوائي لن تستخدم بعد اليوم”.
الأسد يكذب تصريحات موسكو
لم تمض ساعات على تصريحات مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، حول توقف نظام الأسد عن استخدام البراميل المتفجرة في حربه ضد المدنيين، حتى اسأنفت مروحيات النظام إلقاء هذه البراميل على مدينة داريا، غرب العاصمة دمشق، السبت 31 تشرين الأول، مستهدفة أحياءها بـ 4 براميل متفجرة.
وقال المجلس المحلي في مدينة داريا، إن الطيران المروحي استهدف أحياء المدينة بأربعة براميل متفجرة صباح السبت، ليضاف هذا الرقم إلى 43 برميلًا سقطت جميعها على المناطق المأهولة بالمدنيين في داريا، الجمعة، عدا عن مئات الأسطوانات والقذائف المدفعية والصاروخية المتنوعة.
وقررت كل من بريطانيا وفرنسا وإسبانيا إرسال مشروع قانون إلى مجلس الأمن، يطالب بمنع استخدام البراميل المتفجرة ويهدد بفرض عقوبات على نظام الأسد، إلا أن تشوركين قال إن “الوقت ليس مناسبًا لتقديم مشروع قرار من هذا النوع”.
وتدعم روسيا الأسد منذ بداية حربه ضد شعبه في آذار 2011، وبدأت نهاية أيلول الماضي حملة جوية على مناطق مختلفة من سوريا، قالت إنها تستهدف تنظيم “الدولة الإسلامية”، ما خلف أكثر من 250 قتيلًا من المدنيين بحسب المنظمات الحقوقية.
اجتماع فيينا هو أول لقاء تشاوري دولي حول سوريا تشارك فيه إيران إلى جانب القوى الإقليمية، للبحث في حلول تفضي إلى إنهاء الحرب في سوريا، في ظل تشكيك نشطاء ومعارضين سوريين بالجدوى من مباحثات يشترك فيها الداعمون الرئيسيون للأسد، كطهران وموسكو، واستمرار المجازر بحق المدنيين من قبل قوات الأسد وحلفائه، برًا وجوًا.