العديد من مسلسلات وأفلام “الأنيميشن” تناقش فكرة نجاة البشرية من خطر ما، سواء كان ذلك الخطر هو كارثة طبيعية، تكنولوجية، أو حتى فضائية، أو أشرارًا من عوالم موازية لا دخل للأرض ولا الإنسان فيها.
وقليلة تلك الأعمال التي تُحقق نجاحات كبيرة في تلك الفئة وتجبر المشاهد على متابعتها حلقة تلو الأخرى، خصوصًا مسلسلات “الأنيميشن” (الرسوم المتحركة) التي تفتقر إلى العنصر البشري الحي الذي يجعل منها أفلامًا للأطفال بالنسبة لكثيرين.
لكن عند الحديث عن مسلسل “الهجوم على العمالقة” (Shingeki no Kyojin باليابانية) أو (بالإنجليزية Attack on Titan)، فهنا الأمر مختلف، إذ صدر الجزء الأول من هذا المسلسل عام 2013، وحاز على تقييم 9.0 على قاعدة بيانات الأفلام “IMDb”، وهي سلسلة “مانغا” (قصص مصوّرة) يابانية للبالغين (+18) نظرًا إلى مشاهدها الدموية الكثيرة، ومن تأليف ورسم هاجيمي إيساياما، وتقع أحداثها في عالم خيالي حيث يعيش البشر داخل أراضٍ محاطة بثلاثة أسوار ضخمة تحميهم من عمالقة آكلين للبشر.
تبدأُ الأحداث بشكل متسارع منذ الحلقة الأولى للمسلسل، حين يُخترق أحد الأسوار من قبل عملاق ضخم، ويحمل السور المُخترق اسم سور “ماريا” حيث يقوم العمالقة بإبادة ثُلثِ البشرية، وهو ما يخلّف موجات كبيرة من النازحين باتجاه الأسوار الداخلية، الأمر الذي يحمل إسقاطات فلسفية عديدة عن العنصرية والتمييز وحقوق اللاجئين التي تُسلَب جراء موجات النزوح.
يعيش أبطال القصة، الطفل إيرين ييغر، الذي شاهد والدته تُؤكل على أيدي أحد العمالقة جراء الغزو الأول، وميكاسا أكرمان، وأرمين أرليت، وهم أصدقاء طفولة عاشوا معًا داخل سور “ماريا” كلاجئين داخل سور “روز” وهو الحصن التالي للبشرية بعد سور “ماريا”.
وينضم أبطال القصة إلى “فيلق الاستطلاع” الذي يعمل على تنفيذ مهمات داخل أراضي العمالقة في محاولة منهم لفهم طبيعتهم أو أسباب أكلهم للبشر مع أنهم لا يملكون أي جهاز هضمي، بالتالي فهم يأكلون البشر لغرض التسلية.
ومع تسارع الأحداث واكتشاف البشرية العديد من أصناف وأنواع العمالقة، ومنهم العمالقة الأذكياء، والعمالقة الذين لا يملكون أي إدراك، والعمالقة الذين يملكون القدرة على الكلام، يكتشف سكان الأسوار أن العمالقة هم من صناعة البشر، والهجمات التي تتوالى على الأسوار ما هي إلا حرب عمرها آلاف السنين بين دول متصارعة على النفوذ، وأنهم ليسوا البشر الوحيدين الناجين من غزو عمالقة مجهولي المصدر.
ومن هنا تبدأ أحداث السلسلة بالتصاعد عندما يكتشف أبطال القصة أن بعضًا من رفاقهم هم بشر قادرون على التحول إلى عمالقة، وما هم إلا جنود أرسلتهم دولة أخرى لتدمير الأسوار من الداخل، وسط محاولات عديدة من السلطة الدينية في داخل الأسوار لتصوير هجمات العمالقة على أنها عقاب إلهي على خطايا البشر، وأن البشرية اقتربت من الفناء نتيجة هذا الغضب.
وبعد النجاح الكبير الذي حققته السلسلة، نتجت سلسلة من الروايات التي تسرد قصة المسلسل بطريقة سردية أدبية، كما نتج عنها العديد من ألعاب الفيديو والأعمال المسرحية، بالإضافة إلى فيلم حي أُنتج عن القصة يحمل نفس الاسم، لكنه لم يلقَ نجاحًا بالمقارنة مع النجاح الكبير الذي حققته النسخة الكرتونية من القصة.